يا أَيُّها اللَّيْلُ

شعر: الشَّاعر العَروضيُّ محمود مرعي

تاريخ النشر: 28/03/23 | 13:52

يَوْمٌ تَقَضَّى وَيَوْمٌ حاضِرٌ وَغَدٌ.. أَقْدارُ لا عَبَثٌ فيها وَلا لَعِبُ
وَانْظُرْ حَوالَيْكَ تُبْصِرْ وَجْهَ حِكْمَتِها.. وَأَنَّ سَطْوَتَها أَوْ وَقْتَها عَجَبُ
الخَوْفُ يَرْكُضُ لا يَلْوي عَلى أَحَدٍ.. سِماتُهُ في وُجوهِ القَوْمِ تَصْطَخِبُ
وَصارَ دالًا فَصيحًا في مُعادَلَةٍ.. يُنْبي عَنِ الضَّعْفِ فَالفِرْعَوْنُ يَضْطَرِبُ
وَخَلْفَهُ جُنْدُهُ ضاقوا بِضَعْفِهِمُ.. فَهُمْ شَتاتٌ، وَلا أُمٌّ لَهُمْ وَأَبُ
وَقَدْ تَخَبَّطَهُمْ شَيْطانُ عُقْدَتِهِمْ.. لِلْمَسِّ فيهِمْ صَهيلٌ خَيْلُهُ النُّخَبُ
تَراهُمُ غَنَمًا قَدْ ساقَها قَدَرٌ.. إِلى المَسالِخِ، وَالأَوْهامُ تَخْتَلِبُ
ظَنُّوا شِفاهُمْ وَقَدْ حَلُّوا شَفى جُرُفٍ.. هارٍ، وَلَمْ يُدْرِكوا أَنَّ الشَّفى سَبَبُ
وَالمَرْءُ تَقْتُلُهُ الأَوْهامُ ما نَشَبَتْ.. فيهِ مَخالِبُها وَاسْتُنْزِفَ الغَضَبُ
يَهيمُ كَالهيمِ لَمْ تَبْلُغْ مَشارِبَها.. وَقَدْ تَراءى سَرابٌ ثَمَّ يَنْسَرِبُ
يُغْري فَرائِسَهُ بِالماءِ، يَشْرَبُها.. وَالوَهْمُ عَوْنٌ لَهُ وَالعاقِبُ العَطَبُ
وَالأُسْدُ كَمْ فَرَسَتْ أَشْبالَها سَفَهًا.. وَالأُمُّ ناظِرَةٌ تَبْكي وَتَنْتَحِبُ
يا أَيُّها اللَّيْلُ كَمْ لِلصُّبْحِ مِنْ عِظَةٍ.. وَفيكَ أَبْلَغُها، وَالـمُبْلِغُ الحِقَبُ
لَمْ يَهْزِمِ النُّورَ لَيْلٌ فاضَ غاشِمُهُ.. وَفي الضِّيا حُجَجٌ وَالنَّاطِقُ الكُتُبُ
لَفيفُ غابٍ تُرى في العَيْنِ مُتَّحِدًا.. وَالجِذْعُ مُخْتَلِفٌ وَالجَذْرُ مُنْخَرِبُ
وَفيكَ سوسُكَ نَهْمٌ غَيْرُ ذي شِبَعٍ.. وَالسُّوسُ مَهْلَكَةٌ يَقْضي بِها الخَشَبُ
كَمْ حَذَّرَتْكَ يَدُ الأَقْدارِ عاقِبَةً.. كَمْ أَمْهَلَتْكَ وَلَمْ تَسْمَعْ لِما يَجِبُ
حَتَّى أَتَتْكَ أَخيرًا بِالَّذي ادَّخَرَتْ.. دَهْياءُ قاصِمَةٌ، مَنْطوقُها التَّبَبُ

هذا الخِتامُ يَدُ الأَقْدارِ كاتِبُهُ.. يا موقِدَ النَّارِ أَنْتَ الزَّيْتُ وَالحَطَبُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة