كبسولات رمضانية
الكاتب خالد أحمد اغباريه
تاريخ النشر: 10/04/23 | 15:26الحلقة الخامسة
رمضان.. والقرآن
إذا كان رمضان شهر القرآن، وكان القرآن أبرز مهمات العاملين فيه كما كان يفعل سيدنا رسول الله ﷺ، فإن من الواجب على كل مجتهد ترتيب هذا الأمر العظيم من النواحي التالية:
– هدفه من قراءة القرآن.
– وسائله لختم القرآن أكثر من مرة.
– أوقاته التي سيقرأ القرآن فيها.
– الترتيبات التي تعينه على تحصيل ثمرة القرآن.
هذا ما ينبغي مع القرآن وهو: (الموعظة، والرحمة، والتذكرة، والنور، والشفاء لما في الصدور..) وهو أعظم وسيلة لترقيق القلوب.
وقراءة القرآن ينبغي أن يشترك فيها: اللسان، والعقل، والقلب.
– اللسان: يرتل.
– والعقل: يفهم ويترجم.
– والقلب: يتفاعل ويتعظ ويتأثر.
إذا استطعت أن تفعل ذلك انتفعت بالقرآن قليله وكثيره.
ومن وصايا المجربين النافعة في ترتيبات القراءة:
▪️الوضوء والسوك والدعاء قبل الجلسة.
▪️القراءة من المصحف بصوت مرتفع قليلًا وعدم التكلف فيها.
▪️اختيار مكان هادئ، ووقت معيّن، وإطالة الجلسة، ما أمكن ذلك.
▪️القراءة المؤثرة، المتفاعلة، مع تكرار الآيات التي تأثر بها القلب.
▪️الاستعانة بتفسير مختصر: “مثل: أيسر التفاسير”، لمطالعة معاني الكلمات والآيات التي يصعب علينا إدراك معناها.
وما وراء ذلك من كمية القراءة وتكثيرها هو أمر عظيم، لكن تحديد قدره يعود إلى ترتيباتك وأعمالك، ولا ينبغي أن يمر عليك الشهر ولم تختم القرآن!
رمضان.. وصلاح القلب
القلب ملك والأعضاء جنوده، إن صلح صلحت الأعضاء وإن فسد فسدت، وقد أشار القرآن إلى أهمية ذلك في قوله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} وفي الحديث: “ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”.
ومن أراد الفوز برمضان فليحرص على إصلاح قلبه، القلب هو المركز في هذه القضية كلها، ولهذا هو موضع نظر الله تعالى من العبد.
وصلاح القلب يأتي من هنا:
▪️العلم بأهمية القلب في: النجاة، والنجاح، وحصول الثواب، وتعظيم الأجر، وتحصيل ،
▪️ إحضار القلب عند كل عمل وعدم تركه للغفلة والإهمال: وذلك عن طريق العزم قبل العمل، والنية عند بداية العمل، والتركيز في معاني العمل عند إتمامه، وخير ما يعين على ذلك العلم بهدف العمل الذي تقوم به وفضله ومنزلته عن طريق القراءة أو السماع.
▪️ زيارة القبور: اجعل لك زيارة إلى القبور قبل رمضان، وكل حين منه تتأمل عندها أحوال أهلها وتتفكر في مصائرهم.
▪️ عيادة المرضى: قم بزيارة مجموعة من المرضى لتوقظ قلبك وتبصره بأهمية النعم التي يمتعك الله بها ويعينك ذلك على شكرها.
▪️ اقرأ كتابًا أو استمع إلى محاضرة متميزة حول عظة الموت، وأهوال القيامة، وأحوال أهل الجنة والنار.
▪️ اضرع إلى الله في دعائك وأنزل به شكواك وألح عليه في إصلاح قلبك ولا تملّ.
▪️ تصدق بصدقة من أجل ذلك: خاصة ليتيم فقير أو مسكين.
▪️ اجتهد في حماية قلبك مما يضره: احفظ عينك عن النظر إلى المحرمات، وأذنك عن سماع المحرمات، ولسانك عن قول المحرمات، وبدنك عن الغذاء من المحرمات، وعلاقتك عن الخلطة المفسدة، واجتنب الشبهات.
▪️ اعمل على تغذية قلبك بما ينفعه: التوبة، تلاوة القرآن، الذكر، الاستغفار، الخشوع في الصلاة، وأعمال القلوب: الإخلاص والرجاء والخوف واليقين والتوكل.
▪️ صحبة الصالحين والمجتهدين.
زكاة الفطر
كل ما كان طعامًا يأكله الناس يجزئ في زكاة الفطر: حب، بقول، لحم.
لا تقفوا بالفقراء على طعام محدَّد نص عليه السابقون وهو خلاف ما تأكلونه في بيوتكم.
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كنا نخرج في عهد رسول الله ﷺ يوم الفطر صاعًا من طعام.
قال أبو سعيد: وكان طعامنا يومئذ الشعير والزبيب والأقط والتمر.
هل تأملت قوله: (وكان طعامنا يومئذ): إن معناه أن تنظر في طعامك الذي تأكله فتختار من أوسطه: أفضله أو أعدله وتعطيه للفقير.
هذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم: «أغنوهم عن طواف هذا اليوم» وبإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم.
ثم إن هذه زكاة أبدان، زكاة صحة، زكاة هذا الشحم واللحم والعظام والعصب والأجهزة، عن سنة كاملة.
أعط الفقير ثلاثة كجم أرزًا من النوع الذي تأكل منه أنت وعيالك، أشبعه من اللحم كما تشبع أبناءك.
وإن شئت أن تعطيه الزكاة في صورة المال وتقول: هو أنفع له، قدر ثمن هذه الثلاثة كجم من هذا الأرز الذي تأكله وأعطه له.
وهكذا كل إنسان ينظر في القوت الذي يأكل منه فيخرج منه كما قال الله تعالى: {من أوسط ما تطعمون أهليكم}
لا يوجد شيء اسمه زكاة الفطر قدرها بالمال كذا “بمقدار يستوي فيه الغني والفقير والوزير والخفير في طول البلاد وعرضها”، بل كل إنسان يقدر حسب سوقه هو وناحيته هو وطعامه هو وما يتناوله هو.
اخرجوا – يا رحمكم الله – من أمثلة سادتنا الفقهاء القديمة، فإنهم – رحمهم الله تعالى – تحدثوا لزمانهم، فتحدثوا أنتم كذلك لزمانكم وانظروا لما يأكله فقراء زمانكم ينظر الله لكم.