إسرائيل والتخوف من لعنة الثمانين
الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 20/04/23 | 11:55عندما احتفلت إسرائيل عام 2017 بمئوية وعد بلفور، قال بنيامين نتانياهو في خطاب له بهذه المناسبة: “سأعمل بكلّ قوة كي تبلغ إسرائيل عيد ميلادها رقم 100.. وقد علّمنا التاريخ أنّه لم تقُم دولة للشعب اليهودي أكثر من 80 عاماً”. ويبدو وجود تلاقي في تفكير نتنياهو ورئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق، ايهود باراك، الذي قال: “على مرّ التاريخ لم تصمد دولة لليهود أكثر من 80 عاماً”.
نظريا هذا تلاقي أفكار في نقطة معينة، وعمليا هذا شك ببلوغ اسرائيل سن المائة، لأن التاريخ علمنا وعلم اليهود أيضاً ان الدولتين الوحيدتين الصغيرتين اللتين اقامهما اليهود على مر التاريخ، لم تكمل أيٌّ منهما 80 عاماً. وهو ما بات يُعرف في بعض الأدبيّات بـ “لعنة الثمانين”.
قبل عقود قال موشيه دايان: “نحن نعيش على السيف”، وقبل أيام قال نتنياهو: “أيّ خلاف داخلي بين أبناء الشعب عندنا لن يمنعنا من الإمساك بالسيف”. إذاً، هي سياسة القوة. سياسات نتنياهو تتجه نحو صعود الصهيونية الدينية وتراجع الصهيونية العلمانية، وهو ما يراه العلمانيون الإسرائيليون بداية العدّ التنازلي، وتأسيساً للانهيار.
محللون يرون أن أنصار الصهيونية التقليدية يريدون دولة علمانية على غرار أوروبا، بينما أنصار الأصولية الدينية يريدون دولة توراتيّة على غرار مملكة داوود. والأصولية ترى أنّ الصهيونية تعمل ضدّ الدين، والصهيونية ترى أنّ الأصولية تعمل ضدّ الدولة، وما بين أنصار الدين وأنصار الدولة يدور الصراع الأيديولوجي الكبير، الذي شطر الفكر الإسرائيلي إلي نصفين، كلاهما يعمل ضدّ الآخر. لكن كلاهما يعملان ضد الفلسطيني.
يقول ياكوف شاريت نجل موشيه شاريت، أوّل وزير خارجية وثاني رئيس وزراء لإسرائيل: “نحن نحاول جعل إسرائيل نوعاً من القلعة، لكن لا يمكننا أن نعيش بالسيف إلى الأبد”. ثمّ يواصل كلامه غاضباً، في حديث إلى موقع “ميدل إيست آي” البريطاني: الآلاف يغادرون إسرائيل، ومعظم الإسرائيليين يحملون جوازات سفر أخرى.
المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” جدعون ليفي يقول في تحليل له: “نواجه عملية تدمير ذاتي مروّعة، لا سبيل إلى الحلّ بالقبب الحديدية ولا بالأسوار ولا القنابل النووية”، فيما يلفت وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان إلى أنّ “نتنياهو يقسّم الإسرائيليين إلى شعبين، أو عدّة شعوب”. أمّا رئيس الكنيست السابق أبراهام بورج فيرى إنّ “إسرائيل على أبواب نهاية الحلم الصهيوني، وتتّجه إلى الخراب.. بالنسبة لي فقد امتلكت جواز سفر فرنسي”.
المعروف ان نتنياهو ينتهج سياسة يمينية منذ دخوله عالم السياسة، لكن حكومته الحالية هي يمينية متطرفة وهي الأكثر تطرّفاً في تاريخ إسرائيل. كما أن تفاقم الوضع داخل اسرائيل سببه رغبة نتنياهو في البقاء على كرسي رئاسة الحكومة.
نتنياهو لم يحقّق من إشعال الوضع سوى المزيد من البقاء في السلطة، لكنّ عدم الإيمان بإسرائيل زادت وتيرته أكثر من أيّ وقت مضى، حتى إنّ الحديث بشأن احتمالات بقاء إسرائيل أصبح معتاداً في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
الأزمة العميقة التي تعيشها إسرائيل الآن هي صراع بين أنصار الصهيونية التقليدية وبين أنصار الأصولية الدينية، وهذا الصراع هو أخطر معركة تواجهها إسرائيل منذ تأسيسها. (فخار يكسر بعضو). عيد فطر سعيد وكل عام وأنتم بخير.