الجرس الفلسطيني:عائد الى بلاد البرتقال السعيد..عائد الى الوطن!!
د.شكري الهزَّيل
تاريخ النشر: 26/04/23 | 10:06***”لو كان لي أن أقرع الأجراس، لقرعتُ جرس القيامة لينهض قبر الضمير من قبره”…
اسمع كلامنا اليوم واستمع جيد لصوتنا الفلسطيني.. نعم لقد مات جدي وابي في المنافي كما توقَّعت ولكن القضيه لم تمُت وانا قارع اسوارَّك وجُدرانك ومُخترق حقول الغامك واسلاكك الشائكه في الطريق الى وطني.. فلسطيني شاب يافع مفعم بحب وطنه الذي لم يراه في حياته لكنه عايشه ويعيشه في قلبه وهو عائد الى وطنه وليس متسللا كما يحلو لكم ان تسمونه.. هو عائد الى يافا والى حيفا والى دياره السليبه منذ عقود من الظلم والحرمان والهجر واللجوء القسري… منذ عقود من الاحتلال والظلم الصهيوني والقهر الامبريالي.. نعم انه العائد وليست المتسلل كما يحاولون وصمه وكأنه يتسلل الى ارض او بيت الاخرين وهو العائد بعد طيل غياب وحرمان الى وطنه وارض امه وابيه الذي استولى عليها الغرباء واقاموا عليها بقوة السلاح والبطش كيان استيطاني ممسوخ.. في ذكرى النكبه.. تذكرت الكثير وتذكرت شريط من ما قرأت في حياتي.. في هذه الايام تذكرت كثيرا غسان كنفاني ورجال في الشمس واقرع الخزان وعائد الى حيفا ورواية ام سعد ومقولة “لو كان لي أن أقرع الأجراس، لقرعتُ جرس القيامة لينهض قبر الضمير من قبره” وتذكرت ما تبقى لكم وانا ارى الشباب الفلسطيني يحطم الحدود ويعبر حقول الالغام نحو وطنه بعد عقود من التأمر والحرمان واللجوء والتشرد في غياب العداله بشكل كامل في عالم تحول فيه الفلسطيني من صاحب حق ووطن الى مجرد لاجئ خارج وطنه السليب.. تذكرت في هذه الايام رواية “فلسطيني بلا هويه” ل صلاح خلف “ابواياد” التي تدور بعض احداثها في يافا عام 1948 التي كانت تتعرض لقصف صهيوني همجي, حيث هرب اهالي يافا في سفن مكتظه الى عرض البحر وكيف ان ام فلسطينيه شابه كانت على ظهر احد المراكب نسيت طفلها في بيتها في يافا من هول الخوف وعندما تيقَّنت من الامر حاولت اقناع ربان السفينه بالعوده الى يافا, لكن الربان لم يتمكن من العوده لشدة القصف وخطورة الوضع في يافا, فلم تتحمل الام الشابه الامر فقفزت الى البحر عائده الى يافا, لكنها غرقت وغرق معها حلم يافا وحلم جلب طفلها الرضيع.. لربما انه ما زال على قيد الحياه؟.. يعيش في يافا اوفي اي مكان.. تذكرت كيف اكتشفت عائله فلسطينيه هاربه من جحيم قصف حيفا..اكتشفت قرب الحدود اللبنانيه انها جلبت الوساده بدلا من الطفل..بقي طفلها في حيفا وحيدا في البيت.. تذكرت الذين ماتوا في الصحراء عطشا.. تذكرت قصص المتسللين وقتلهم وقبرهُم جماعيا على حدود غزه…تذكرت صورة الفلسطينيه وهي تحمل سلة على راسها وتسير نحو الحدود.. تذكرت دموع امي وهي تبكي اخيها المفقود…تذكرت ذلك الفلسطيني في المهجر الذي طلب مني قنينة تراب من فلسطين ليتمسد ويتعطر بها..تذكرت الكثير الكثير.. لكن روحي ترفرف فوق ربوع الوطن و كانت تعود الى قصص غسان كنفاني التي جبلت كياني الوطني والانساني وقرأتها الكثير الكثير من المرات. يا غسان.. حلمك يلوح في الافق وسيتحقق ولو بعد حين… عائد الى يافا والمنشيه… وعائد الى عكا والمناره…وعائد الى حيفا والكرمل … وعائد الى الوطن الكبير السليب.. عائد الى كل مدينه وقريه فلسطينيه… عائد الى الطيره… وعائد الى صفد.. وعائد الى طبريا.. عائد الى الديار.. عائد الى الديار والدار.. عائد للحقل والبياره .. عائد الى بلاد البرتقال السعيد.. كان حزين وصار سعيد… الانسان يا غسان في اخر المسار ونهاية الامر قضيه… نعم كُنا قضيه وما زلنا نحمل القضيه جيل بعد جيل رغم ان البعض من بيننا سقط واراد ان يُسقط القضيه وحقنا في الدار والديار.. هذا البعض الساقط سقط في خضم الثورات العربيه ولم يعترف بعد بسقوطه وفشله… ما رايناه على حدود فلسطين الشماليه مُدافعون جُدد عن القضيه..اليوم وغدا او بعد غدا سيأخذون مكانهم في الخط الامامي وسيدافعون عن القضيه.. هؤلاء ابناء وبنات المليون لاجئ الذين تكاثروا وصاروا اليوم ملاييين وبعد حين سيزدادوا مليون اخر.. ما ضاع حق ووراء ه مطالب واحد.. فما بالك ملايين المطالبين باستعادة حقهم في وطنهم فلسطين.. نحن امام حقائق التاريخ وليست اكاذيبه واوهام الغاصبين لارض فلسطين.. ابشري فلسطين وتفائلي بقدوم الغيث منذ ان صدحت اصوات التحرير ببلادي بلادي.. واذا الشعب يوما اراد الحياه.. وها نحن نصدح بصوت فلسطين والشعب يريد العوده الى وطنه فلسطين لابل ان الشعب يخترق حقول الالغام والاسلاك الشائكه في الطريق الى فلسطين…. جولة العوده وجولات العودات.. قادمه لا محاله.. واللي متغطي بالايام عريَّان… واللي قام على باطل سينتهي بباطل…باطل بطل كل شيطان… الغازي تغطى بوهم ودعم العملاء والغرب ونسي انه باطل عاري ومكشوف.. ملايين صدحت فل تُشل يميني ويساري اذا نسيتكي فلسطين..نعم اننا ما زلنا نملك مفاتيح الديار والدار..صدأت المفاتيح وعاشت فلسطين ابية على الصدأ والنسيان…ما صدأت ابدا.. صدحت عبر السنين وستصدح.. كبرت ولم تهرَّم.. عصية على الهرم تتجدد شبابا وحيويه جيل بعد جيل.. عروس العرس الفلسطيني الابدي.. نكبة الامل وامل النكبه.. جبال اصرار لايهزها كل مدافع الاعداء…بعد حين لن يشفع ولن ينفع لا طائرات ولا قاذفات ولا مدفع.. كلها لن تنفع امام سلاح الاصرار الفلسطيني…عائد الى الوطن رغم انف الاعداء!!
ماجرى على حدود فلسطين الشماليه في ذكرى النكبه يبشر بخير قادم واستشهاد وجرح العشرات من الفلسطيينيين برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي يشير الى بزوغ فجر و مرحله جديده من العزم والاصرار الفلسطيني في ظل الثورات العربيه من جهه ويشير الى رعب وخوف الكيان الاسرائيلي من القادم في ظل التطورات على الساحه العربيه من جهه اخرى وبالتالي ظنت وتظن قوات الاحتلال الاسرائيلي انها بقتلها المتظاهرين الفلسطينيين العزَّل ظنا خاطئا انها ستُرهب وترعب وتردَّع من يفكر ثانيه باختراق الحدود,لكن الامور ستسير بغير ما تتوقعه وستكون هناك محاولات فلسطينيه كثيره للعوده.. اول الغيث قطره… والازمان تغيَّرت والعرب اهل القضيه الفلسطينيه في طريقهم للتحرر من عبودية الطغاه والعملاء, والطرق المؤديه الى فلسطين من الدول العربيه ستصبح بعد حين سالكه وليست شائكه..مسيرات العوده الفلسطينيه هذا العام بدات بالمئات والالاف ولكنها حتما ستصير بالملايين.. رايحين على فلسطين…عائدين الى بلاد البرتقال السعيد.. وشجر الصبر والصبار .. والتين والزيتون… ورُمان الوطن.. جرس الوطن الذي سيدق حتما ويجمَّع ملايين العائدين الى فلسطين.. تذكَّرت ما تذكرت اليوم بلدة الكوفخه [في جنوب غرب فلسطين.شرق غزه] المهجره التي كتبت حولها يوم من الايام قصه لانها كانت او ل بلده تعرفني بالنكبه الفلسطينيه.. الكوفخه صاحبة كروم العنب والتين والصبر كانت خاويه وحزينه يوم تعرفت عليها طفلا لاول مره.. مذاق تين الكوفخه لذيذ وحالها حزين.. اتمنى ان يعود اهل الكوفخه اليها والى تينها وعنبها.. منذ سنين طويله لم ارى الكوفخه ولا اعرف احوالها..لكني اتمنى ان يتحقق حلم اهلها مع حلمي وان ارى الكوفخه عامره باهلها وطيبه بطيبها وتينها… تماما كما حاولت ان اتصور واتخيل حياتهم في الكوفخه قبل الاحتلال والتهجير…اتمنى ان ارى يافا عروسة البحر وهي تحتفل بعودة اهلها وتحيه للشاب اليافاوي الفلسطيني حسن حجازي الذي اجتاز الحدود وحقول الالغام ووصل الى مسقط راس جده ووالده في يافا..يافا البرتقال وبرتقال يافا… الجرس الفلسطيني:عائد الى بلاد البرتقال السعيد..عائد الى الوطن!!
**من ارشيف كتابات الدكتور شكري الهزَّيل…تاريخ النشر 19.5.2011