ماذا تعني لي النكبة شخصيا؟.
محمد علي سعيد
تاريخ النشر: 01/05/23 | 6:27 أنا الفلسطيني العربي: محمد علي سعيد.
الوالدان/ الأصل من قرية شعب، الميلاد في قرية البعنة، الإقامة في مدينة طمره/ عكا.
1948 هو عام الاستقلال لإسرائيل، وهو عام النكبة للفلسطينيين، وبحسب رأيي هو عام الخيانة العربية ومؤامرة الدول العظمى للقضية الفلسطينية.
اسمي الكامل: محمد علي أحمد محمود سعيد الأسعد مصطفى، ولدت لوالدين أصلهما من قرية شعب في الجليل الأسفل والبعيدة عن مدينة عكا 15كم، وهي قرية مقاومة، لم تستسلم للقوات اليهودية عام 1948، فقد أقام ابنها البار المجاهد القسامي: أبو اسعاف (إبراهيم الشيخ خليل، وقد توفي في دمشق عام 2000) مجموعة من المقامين، عُرفت بحامية شعب. وكان والدي من أكثر المقربين من قائد الحامية: “أبو إسعاف” ومن رجالها الاشداء.. (فقد كان يزحف الى حيث يسقط الشهيد ويمدده على ظهره والحامية تغطيه بالرصاص ويعود به الى قرية شعب).
بعد سقوط قرية شعب، نزح ابي وأهله مضطرا باتجاه لبنان، ( كباقي سكان شعب). وكانت قرية البعنة (من قرى الشاغور في الجليل الأعلى) هي محطة النزوح الأولى الى لبنان. كان أبي مرتبطا بالخطوبة من حنيفة أبنة أحمد ظاهر الأسدي/ أبو ظاهر (وهو أحد أعيان عائلة الأسدي في شعب، والتي تعود في أصلها الى قرية دير الأسد).
اقترح الشاعر الوطني: حنا ابراهيم الياس (وكان والده ابراهيم الياس/أبو حنا، قائد فصيل في ثورة الشيخ عز الدين القسام، وقد ربطته علاقة وطنية قوية مع عمي محمد من مجاهدي القسام واستشهد معه)؛ على أبي أن يتزوج ليضع الحكومة تحت الأمر الواقع (لأنه كان يعيش متسللا ومغضوبا عليه ومطلوبا لدوره المقاوِم في حامية شعب) وهكذا كان العرس عام 1950، إقامة حفلة للعروس والعريس مختبئ في الجبل والجنود/ الشرطة يراقبون العرس، فهي فرصة للقبض على العريس حيا، والشباب الوطني يراقبون الشرطة وأبي. وهكذا تزوج أبي، (كيف دخل على عروسه؟ لا أعرف… أين كانا يلتقيان؟ لا أعرف… كيف كان يقضي وقته؟ لا أعرف… أين كان ينام؟ لا أعرف… لماذا لم يكن يأكل معنا؟ لا أعرف… لماذا لا أعرف شيئا عن أبي؟ لا أعرف… وكل ما كنت أعرفه هو ما قالته أمي بأن أبي سافر بعيدا وسوف يعود يوما… وكبرت، وأصبحت أعرف وأعرف…).
ولدتُ أنا محمد (1951) وشقيقاي: (توفيق ووفيق) بصورة سرية وكما نقول: مهربين ( إقرأوا رواية باب الشمس لإلياس خوري). وشرفوني باسم عمي الشهيد محمد الذي استشهد مع صديقه توفيق أيوب من قرية شعب، مع شيخ المجاهدين عز الدين القسام في أحراش يعبد، وتمّ التمثيل بجثته التي أخذها أهل عرعرة الكرام. وأبي حاول أن يكون مثله مجاهدا، فانتسب بحماس لحامية شعب عام1948).
وتوزعت عائلة أحمد محمود السعيد مصطفى في الشتات العربي والاجنبي.. في الدنمارك حيث زرتهم، وفي لبنان وسوريا. وقبل شهر تقريبا تعرفت (بفضل الفيسبوك) على ابناء عمي حسن (شقيق أبي الوحيد) وهم في الامارات.. ولم يبق في البلاد ( حلقة القرابة الاولى: أعمام وأخوال) الا بيتنا وانا الابن البكر).
ولدت وشقيقاي واشقائي في قرية البعنة/ الجليل الاعلى.. وكبرنا ولا أرض لنا فهي مصادرة في شعب.. ويسري علينا قانون الحاضر الغائب، حاولنا ان نعود الى شعب ولم ننجح لأن دائرة أراضي اسرائيل اشترطت علينا بيع أو تبديل أرضنا، ورفضنا.
وكانت المصادفة أننا كنا في عرس في طمره وعرفنا بوجود قطعة أرض ودار للبيع، فاشتريناهما، ورحلنا من البعنة الى طمره عام 1975.. وما زالت ارضنا في شعب مصادرة ولم نبعها ولم نبدل بها، (فبناية المدرسة الثانوية الشاملة في شعب مقامة عليها). فالوطنية كما أفهمها، سلوك عملي وليست شعارات كلامية جوفاء.
ولكل زمن وسائل نضاله الوطنية، أخذت عهدا على نفسي أن أخدم مجتمعي وأعطيه مما عندي وأقدر عليه ومجانا.. أقدم المحاضرات في المدارس والمؤتمرات والمؤسسات مجانا، ومكتبتي (أكثر من 10000 كتابا) مفتوحة لطلاب المعاهد العليا ويؤمها العشرات أعيرهم الكتب/ المصادر واشرح لهم بدون مقابل كيفية بناء الوظيفة الأكاديمية، وأدعم المواهب الأدبية الواعدة، وأقف مع المغمورين من الأدباء. وعملت في التحرير الأدبي مجانا، ( مثلا في مجلة الشرق أكثر من عشرين عاما).. كنت أتأخر يوميا في المدرسة لأعلم التلاميذ الضعفاء، ولا أذكر أني أسأت الى أحد، أو قمت بعمل سيء، وتربطني علاقة طيبة جدا مع جميع الأدباء تقريبا، ومع كل الناس الطيبين،… وغير ذلك (ولساني في حق نفسي قصير… والحمد لله أنام مرتاح الضمير جدا وجدا).
وشعاري كان ولما يزل: السعادة في العطاء.. والانتماء دواء لكل داء. والمهنية في العمل . وهذا ناهيك بالطبع، عن موقفي الوطني اليساري (ولكني لم أكن تابعا أعمى)، فأنا أعتز بنظافة وطنيتي وأخلاقي ويدي..
وعائلتي هي كل الناس الطيبين. والحمد لله. وأصبح لنا أكثر من تعريف: فلسطينيو الداخل. فلسطينيو ال 48. عرب الداخل، عرب الخط الأخضر.
النكبة = شعباوي الاصل.. بعناوي المولد… طمراوي المسكن.. وحلقات انتمائي كغيري هي: فلسطيني القومية وعربي الأمة واسرائيلي الجنسية بحكم الظروف السياسية.
* الصورة للوالد يوم كان متسللا… وله قصة مثيرة