متنفَّس عبرَ القضبان (77)
حسن عبادي| حيفا
تاريخ النشر: 02/05/23 | 7:05بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الصديق محمد جرادات: “كنا في السجن ننتظر مقاله في جريدة القدس كل أسبوع بداية اعتقاله… كان أديبا وسياسيا ومفكرا… كان يكتب بحرفية عالية وبروح المنتصر وبعين الناقد المتمكن العارف… كان الباحث القوي والأديب العاطفي بمفرداته التي تشع نورا وحنانا ولين قلب… في كل مرة تقرأ مقالته تحس أنك تقرأها أول مرة بكلمات ومفردات جديدة… فرج الله كربك أبا الليث… وأنت أستاذنا حسن كل الكلمات لا تصف إخراج هذا النور من عالم ليس لهم إلى فضاء الحرية… تذكرنا دوما بهم وكأنك يجب أن تبقى وتبقى… دام نبضك وفكرك وفلسطينيتك….محبتنا لك.”
عقّب الصديق ناصر مطر: “دمت بكامل نضج ألق انتمائك الرائع يا ابن عبادي الحسن الأنيق الرزين… لقد أيقظت بومضتك هذه كل ذي بصيرة ينسى وعن غير قصد قضية أسرى التحرر والتحرير… تحياتي وخالص التقدير للعزيز حسام شاهين النضير… ابن زهدي… ومن تفوق على أبيه… خلد ذكراه. (يهتف طفل مغارة مريومته عيساي)”
وعقّب محمد شاهين (أخو الأسير حسام): “الحرية لأبو الليث ولكافة أسرانا البواسل إن شاء الله. “الزمن في السجن، أكثر من زمن وأقل من حياة”، والأمر بالفعل كذلك. دمتم بكل خير أستاذ حسن، وكل الشكر لكم على هذه الجهود المباركة والطيبة في خدمة قضية الحركة الاسيرة المقدسة، فالنافذة التي يطل منها أسرانا من خلالكم لها رونق ونكهة خاصة. دمتم بكل خير”.
وعقّب الناقد رائد الحواري: “الرسم مدخل جديد لتألق الأسرى، بالتوفيق”.
“آخ يا صديقي!”
غادرت حيفا الخامسة والنصف صباح الثلاثاء 18.04.2023 في طريقي إلى النقب، يرافقني الصديق مصطفى نفاع، وصلت سجن نفحة الصحراويّ بعد سفر طويل شاق، وحين وصلت غرفة المحامين بدأت أتكهّن من يكون الأسير الأوّل، فأطلّ عليّ الصديق حسام زهدي شاهين مبتسماً لنتحاضن ونتعانق ويقبّل الواحد الآخر عبر الزجاج المقيت، وبدأ بالاستفسار عن مشقّة الطريق، وزوجتي سميرة (الملاك الحارس كما يطيب له تسميتها) والأحفاد والبنات وحيفا وأهلها.
تحدّثنا بداية عن ندوة أمس بمناسبة يوم الأسير (الندوة التي نظّمها التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين) ومشاركته فيها (ألقت كلمته، نيابة عنه، أخته العزيزة نسيم)، والملصق الذي رسمه زميل الزنزانة جمال هندي، وحفل تكريم كتّاب منطقة نابلس الأسرى في مركز يافا الثقافي/ مخيم بلاطة مساء السبت.
حدّثني عن حُرقته وزملاءه من المماطلة في إقامة مؤتمر أدب السجون “الاتحاد فلَمنا” في رام الله قائلاً: “آخ يا صديقي، قمّة الفرح الوفاء وقمّة الألم الخذلان”.
حدّثني عن الزمن في السجن، أكثر من زمن وأقّل من حياة.
تناولنا مطوّلًا ضرورة أنسنة قضيّة أسرانا، ولاحت غصّة في حلقه ومقلتيه حين أخبرني، للمرّة الأولى رغم لقاءاتنا المتعدّدة، عن وجعه من حرمانه لقاء أخويه عصام وسفيان منذ اعتقاله في يناير 2004.
هانَت عزيزي حسام، بدأ العد التنازلي!
“الرسم بريّحني نفسياً”
بعد لقاء طويل مع حسام أطل من بوابة غرفة المحامين في سجن نفحة الصحراوي الأسير جمال أمين مصطفى هندي لينقضّ على تلك السمّاعة الحديديّة وبدأ بسؤالي عن ردود الفعل للوحة يوم الأسير التي رسمها وعمّمناها ضمن الحملة التي أطلقناها من خلال التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، وكم كان سعيداً حين علِم أنّها أرفقت بشعار الحملة باللغة الإنجليزيّة، والعربيّة، والإسبانيّة، والإيطاليّة، والفرنسية، والصينيّة، والألمانية، وكذلك حين أخبروه بأنّني شكرته لمشاركته في الندوة التي أقمناها عبر الزوم.
كما وتحدّثنا عن لوحته الشيرينيّة التي رافقت الملحق الذي أصدره اتحاد الكتاب الفلسطينيين الكرمل 48 في العدد الثاني/ السنة الثامنة/ حزيران 2022 من مجلة شذى الكرمل.
تعلّم جمال الرسم خلف القضبان في سجن الجلبوع، وكان معلّمه الأستاذ طارق دولة، وصار الرسم يريّحه نفسياً ويفرّغ عنه.
تناولنا فكرة رسم أغلفة الكتب، فكرة تصميم الغلاف وأهميّته كعتبة نصيّة، وتصميمه لغلاف كتاب “لماذا لا أرى الأبيض 2” للكاتب الأسير راتب حريبات، حيث قرأه كمخطوطة قبل التصميم وناقشناها معاً (اطّلعت على المخطوطة ولوحة الغلاف، والكتاب لم يصدر بعد).
اتفقنا على عمل تشاركيّ في إصدارات قادمة للكتّاب الأسرى.
لكم أعزائي حسام وجمال كلّ التحيات، والحريّة القريبة لكم ولجميع أسرى الحريّة.
حيفا، نيسان، 2023
___________________
الهوامش
[1] الأسير حسام شاهين، أُعتقل يوم 28 كانون الثاني 2004، حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه حكماً يقضي بالسجن 27 عامًا.
[2] الأسير جمال هندي، اعتقل يوم 5 أيلول 2002، حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه حكماً يقضي بالسجن 22 عامًا.