موسى عزوڨ عن ندوة في القمة لجواب الهمة :” لمن اعيش ؟” أعيش للإسلام والجزائر
تاريخ النشر: 05/05/23 | 9:35على هامش الملتقى الدولي التاسع لجمعية العلماء المسلمين بولاية برج بوعريريج بعنوان :” الشباب الجزائري بن الثوابت الوطنيية والتحولات العالمية “. تم اليوم الخميس : 14 شوال 1444 ه . الموافق لـ : 04-05-2023 م . برمجة ندوة في القمة للدكتور طيب برغوث تحت عنوان :” تأمّلاتٌ في العمق الاستراتيجي لسؤال: لمن أعيش ؟ “.
بدأ الكلمة سعيد بن موسى عضو الجمعية و رحب بلعريبي رئيس أكاديمية السنن ” كرئيس للجلسة “والذي ذكر بان الشيخ:”طيب برغوث” غني عن التعريف، فقد درس العلوم الشرعية 1975 وتحصل على ليسانس في علم اجتماع ثم ماجستير ثم دكتوراه سنة 1992. ومساره العملي والدعوي ثري (1979-1991) ليعرج على عجل أن ما حدث له يعلمه الجميع في 1992 ( وكل من علم حجم المأساة التي تعرض لها وصبره واحتسابه أحبه وقدره ) , جعله يخرج إلى خارج الوطن ، وأحسن التخلص بالقول إن الشيخ طيب يُعرف أكثر من خلال مؤلفاته التي تجاوزت ال 20 حول موضوع السننية . وأحال الكلمة للشيخ ( عندما تشاهده تشك أنه بالكاد سيلقي درسه ، لكن الرجل إذا بدأ ، واسترسل كأنما النهر ، والصوت الشبابي المرتفع حتى لا تسعه الآلات والمنخفض في مكانه ، يصل بك الى شاطئ الفكرة ، فيؤكد عليها ويعيدها ويذكر بأمثلة تلك الدوائر وذلك الإيحاء باستعمال الرياضيات من احتواء الدوائر وتقاطع المجموعات والتحويلات ” النفطية ” ).
يقول الدكتور طيب : الموضوع يقع في صميم حياة أي إنسان ، فالسؤال له علاقة جوهرية بمسيرة الإنسان من بدايتها إلى مسارها إلى نهايتها :” لمن أعيش ؟” الذي ألـهم الشيخ الجواب عليه بدقة وشمولية ..وهذه ملاحظة أولى
الملاحظة ٢ : هذه ليلة ميلاد تأسيس جمعية العلماء .رجعت إلى تلك الفترة ، وعشتها ( وسكت هنيهة)
الملاحظ ٣: صلتي بالجمعية يرجع إلى عام 1968 بدخول السنة الأولى المتوسط ، وأكرمني الله منذ صغري بحب القراءة وأول كتاب قراته ” مجموعة تأبينات في البشير الابراهيمي ” ، ثم اشتريت كتاب عن آثار الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي حققه شيخنا عمار طالبي ، وتلك التي تركت اثر في قلبي هذه المحاضرة ” السؤال” وسكنني فعلا هذا السؤال : كيف أعيش للإسلام ولماذا ، وهذا السؤال وجه حياتي واعتبر نفسي مدينا لها ومن خلالها جمعت طاقتي وتحددت وجهتي في الحياة ، أنا أعتبر هذا السؤال هو الذي يحدد كل شيء.
دون طرحه بلسان المقال والحال والجد في الجواب تظل حياته ( كذيل السردوك ، الريح لي يجي يديه ) الإنسان كهذا بصفة عامة . مثل ما قال في الحديث إمعة ( وكما قال علماء الاجتماع : سائل لا طعم له ولا رائحة ) . هذا سؤال الوجود ، اقترحتها :” هذه المحاضرة رغم قصرها رسالة دكتوراه ” .( سمعت أن إحدى الأخوات كتبت عن التحليل النحوي لمن أعيش رسالة ماجستير وانا احييها بهذه المناسبة ).
سؤال الحياة ، يحيلنا على سؤال آخر :” لماذا أعيش ؟ لهذا الذي حددته دون غيره ؟ ثم يحيلك إلى سؤال :” كيف اعيش ؟ وهذا الذي أجابت عنه هذه المحاضرة .المحاضرة ألقاها الشيخ بن باديس سنة 1937 (1) واجاب بأنه يعيش : للإسلام وللجزائر , لماذا أعيش للإسلام , لماذا أعيش للجزائر, المبررات التي قدمها جوابا لذلك مقنعة لجميع الناس سواء بمنطق الكتاب والسنة اوالسنن الكونية .
هذه المحاضرة إذا عجيبة ، ونحن نحتفل بالذكرى 92 لتأسيس الجمعية اعتبر أن الجمعية تمثل الزبدة الباقية ، وبثت فينا هذا السؤال لانه قانون من قوانين الله في الحياة إذا استطعت الإجابة عنه بطريقة صحيحة فقد حددت مصير حياتك ، والعكس صحيح , مصير حياتك ومسارها متعلق بها ، اخطر الأمور في حياة الإنسان هي البدايات الخاطئة ، نعم تستطيع تصحيح المسيرة إذا أجبت بالخطأ لكن بعد ماذا ؟ بعد استنزاف للطاقات والفرص وقد تعود تسال السؤال وتحدد …وهكذا ولهذا قلنا بأن هذا السؤال يقع في عمق الفلسفة :” ما هي المساحة التي يغطيها هذا السؤال والجواب ، انها القضية العقدية؟ ، هذا هو منطلق العقيدة : لمن أعيش ، أنت تطرح سؤال مسار حياتك ولهذا له علاقة جوهرية بالعقيدة ، الذي يدرس هذه المواضع مع العلاقة المفصلية وهي العقيدة المنظور الكوني للحياة ، هذا السؤال والقضية الذاتوية ، يتعلق بالإنسان نفسه ، فهو يجعلك تتمحور حول نفسك وتجعل نفسك محور ( وجودي ) والجواب الخطأ على هذا السؤال, جعل سارتر مثلا يقول :” الآخر هو الجحيم بالنسبة لي !” هذا يتحكم فيه السؤال :” لمن أعيش؟ دون استكمال الجواب لا تكتمل إنسانيتك ” , والسؤال يرتبط بدوائر متعددة :
– السؤال له علاقة بالقضية العائلية والقضية الوطنية بالقضية الأمتية ( الامة ), حيث نكابد من أجل عائلاتنا
ومن اجل الوطن , أنا جزائري ولي عائلة ووطن ولكن انتمي الى أمة الإسلام ، وإذا تعارضت المصالح الأقل مع الأكثر نضحي بالأقل ..هذه الأمة أجهض مشروعها ….حركات النهضة منذ قرنين كلها تعمل من أجل إحياء هذه الأمة من شروط القوة والمنعة الحضارية المطلوبة .هذا السؤال له علاقة مع القضية الإنسانية ، ” ان أكرمكم عند الله اتقاكم” , هذا السؤال له علاقة بدائرة حضارية ، باعتبارها المداولة والمداومة الحضارية النهضة الحضارية هي القطب , كما قال مالك بن نبي, هذا السؤال له علاقة بالآخرة ، المصير الأخروي للإنسان ، لأننا في الأخير ميتون ، إذا القضية المركزية التي تسهر من أجلها الدوائر السابقة هي هذه .انظروا هذا السؤال اين امتدت تأثيراته في حيات الناس ؟
القضية الثانية : هي تقييم إجابة الشيخ على ضوء هذه الدوائر .
– مفهوم الإجابة إذن :” أنا أعيش للإسلام والجزائر ، وإذا عشت للإسلام حقا أعيش للإنسانية آليا ، ومن لا يعيش للإسلام لا يستطيع أن يعيش للإنسانية …حتى ولو أراد ” ؟ فجوابه كان في العمق . وتقيم جواب الإمام هي أن في التنقيط 20 على20 فهو يعيش للإسلام وبين بأنه بذلك يعيش لكل الدوائر السابقة وتستثمر ذلك للتحضير للآخرة . وكذلك أنه يعيش للجزائر ، وإقامة نظام عادل و..للعالم العربي وللأمة الإسلامية والإنسانية.
في نظري ولهذا اخترت المحاضرة روح معالم المنهج وخلاصته موجودة فعلا في هذه المحاضرة المرتجلة للشيخ بن باديس ، واقترح أن يخرجوا : هذه المعالم لتكون دليلا عمليا فكريا لمن يريد أن يستمر لخدمة المجتمع الجزائري , وكنا نسأل عن منهج الجمعية فلا نوفق , وازعم انه موجود فعلا في جواب هذا السؤال , الإنسان الذي يعيش للإسلام يبلغ قمة العطاء ، النموذج الذي تنشده الجمعية , يصعب عليه أن يعيش للجزائر دون أن يعيش للإسلام ، فمن عظمة الإسلام جعل غالب غير المسلمين يعيشون , الإسلام كحضارة وهذا من أسرار القوة العجيبة في الإسلام . أتمنى أني حركت الإشارة الى معالم وروح المنهج وخلاصته موجودة في المحاضرة .
انتهت المحاضرة على الساعة : ( 15:35 )
في المناقشة , كان السؤال: لماذا أضاف السؤال عن الجزائر ؟ كان الجواب ان الجزائر كانت تتعرض للمحو ( يعني ان السياق استدعى ذلك ) , ومن ناحية أخرى كيف يعيش للإسلام دون وطن ؟ ونعمل دون كلل ويستشهد بما استطلع به مالك بن نبي كتابه شروط الحضارة من شعر رمزي :” ابذر يا أخي الزارع ..من أجل أن تذهب بذورك بعيدا عن حقلك ، في الخطوط التي تتناءى عنك …في عمق المستقبل ” .( تحس ان الشيخ يريد ان يقول اشياء كثيرة جدا ).
حاول رئيس الجلسة طرح سؤال :” عن جدلية الفكري والتربوي ” وأيهما اسبق , لكن الشيخ طيب أحاله إلى محاضرة الغد :” أعاصير الأزمة الحضارية وتحدي التحصين الفكري ( 17:30-18:00).. لكن السؤال الذي أثاره فعلا هو سؤال :كيف نعيش للجزائر حقا ؟ فذكر ان في الحقيقة “معالم روح المنهج لدى جمعية العلماء” مبعثر ، أين هو؟ أيعجز هؤلاء ليستخرجوا ذلك وهو منهج عام يستطيع أن يفيد الكثير من الجهات في العالم , يسالوننا كثيرون عنه , ولا اعرف كيف انتقل الى الحديث عن المعارك الوهمية التي توسع من سوء التفاهم ، وكان يفترض فينا توسيع المشترك داخل الوطن ,وكلما وسعنا المشترك الوطني كلما كنا آمنين , تركنا قصيري النظر يضيقون المشترك ( قالها بكل حسرة ) .
وهنا تدخل رئيس الجلسة ليذكر بصلاة العصر بعد دقائق , ويختم بسورة العصر .
——- تهميش ——-
(1)
( المحاضرة سؤال نشرت في مجلة الشهاب ج10, م 12 ص :424-428 ) ففي محاضرة ألقاها الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس على أعضاء جمعية التربية والتعليم في غرة شوال 1355هـ- جانفى 1937م، تحت عنوان “لمن أعيش؟”، وكان الجواب : أعيش -1- للإسلام و-2- الجزائر.
-1- الإسلام : وهو الدين الذي فطرنا عليه الله بفضله – علمنا أنه دين الإنسانية الذي لا نجاة لها ولا سعادة إلا به، وأن خدمتها لا تكون إلا على أصوله، وأن إيصال النفع إليها لا يكون إلا من طريقه، فعاهدنا الله على أن نقف حياتنا على خدمته ونشر هدايته، وخدمة كل ما هو بسبيله ومن ناحيته. فإذا عشت له فإني أعيش للإنسانية لخيرها وسعادتها، في جميع أجناسها وأوطانها، وفي جميع مظاهر عاطفتها وتفكيرها، وما كنا لنكون هكذا إلا بالإسلام الذي ندين به ونعيش له ونعمل من أجله .فهذا – أيها الإخوان – معنى قولي: ( إنني أعيش للإسلام ).
-2- أما الجزائر فهي وطني الخاص الذي تربطني بأهله روابط من الماضي والحاضر والمستقبل بوجه خاص، وتفرض عليَّ تلك الروابط لأجله- كجزء منه- فروضا خاصة، وأنا أشعر بأن كل مقوماتي الشخصية مستمدة منه مباشرة. فأرى من الواجب أن تكون خدماتي أول ما تتصل بشيء تتصل به مباشرة. وكما أنني كلما أردت أن أعمل عملا وجدتني في حاجة إليه: إلى رجاله وإلى ماله وإلى حاله وإلى آلامه وإلى آماله، كذلك أجدني إذا عملت قد خدمت بعملي ناحية أو أكثر مما كنت في حاجة إليه.هكذا هذا الاتصال المباشر أجده بيني وبين وطني الخاص في كل حال وفي جميع الأعمال. وأحسب أن كل ابن وطن يعمل لوطنه لا بد أن يجد نفسه مع وطنه الخاص في مثل هذه المباشرة وهذا الاتصال…. هذا – أيها الإخوان – هو مرادي، بقولي: «أنني أعيش للجزائر».
والآن – أيها الإخوان – وقد فهمتموني وعرفتم سمو فكرة العيش للإسلام والجزائر فهل تعيشون مثلي للإسلام والجزائر؟
نعم! نعم! بصوت واحد. فلنقل كلنا: ليحيا الإسلام! لتحيا الجزائر” ) انتهى
عزوق موسى محمد