اليوم التصويت على أهم 7 عجائب الأرض ومنها جعيتا اللبنانية
تاريخ النشر: 11/11/11 | 3:55مغارة جعيتا التي تنتظر من العالم أن يختارها مساء الجمعة بين أهم 7 عجائب طبيعية على الكرة الأرضية بالاضافة للبحر الميت، محاطة بكوكتيل من الحقائق والأساطير لا يعرف معظمها إلا قلة من اللبنانيين والناس في العالم.
وأكثر من يعرف التفاصيل عنها هو “صندوقها الأسود” الملم بمعظم المعلومات، وهو الدكتور نبيل حداد، منسق الحملة الوطنية للتصويت على المغارة بمسابقة دولية شملت 22 موقعا في 5 قارات واستمر التصويت عليها عبر الانترنت وبالهاتف طوال أكثر من عامين وتنتهي اليوم.
ويأمل حداد، بأن يتسلم النتيجة رسميا بالبريد الإلكتروني في التاسعة ليلا بتوقيت بيروت من الهيئة المنظمة للمسابقة، ومركزها زوريخ بسويسرا، ليكرر ما سبق وقاله الأسبوع الماضي من أن فوز “لؤلؤة السياحة اللبنانية” سيكون انتصارا معنويا مهما للبنان والعرب “لأن كل كتب التاريخ والجغرافيا ستدرّس الطلاب في 5 قارات أين تقع عجائب الدنيا السبع بالعالم” وفق تعبيره بالهاتف من موقع المغارة القريب 20 كيلومترا من بيروت.
وشرح أن الهيئة المنظمة لن تخبره بعدد الأصوات التي نالتها “جعيتا” والمواقع الستة الأخرى في حال فوزها اليوم “لأنها لن تنتهي من فرز مليار صوت جاءها من جميع أنحاء العالم طوال عامين إلا الشهر المقبل، لكنهم سيقومون بإبلاغنا الليلة بالنتيجة فقط، وهذا هو المهم” كما قال.
وذكر حداد، وهو مدير عام شركة “ماباس” المستثمرة للمغارة بعقد رسمي بدأ في 1993 وينتهي بعد 11 سنة، أن الحركة السياحية “ستزيد حتما في لبنان إذا ما تم تصنيف جعيتا، وسنكون جميعا سعداء بليلة 11-11-2011 التي سيذكرها الجميع دائما على أنها الليلة التي صنفوا فيها جعيتا بين أهم 7 عجائب طبيعية، لأن المغارة أكثر ما يستحق هذا التصنيف، فهي معجزة إلهية بكل المقاييس” وفق تعبيره.
ولن يكون هذا التصنيف العالمي للمغارة، فيما لو فازت، هو الوحيد الذي نالته جعيتا، لكنه سيكون الأهم منذ تم اكتشافها بالصدفة قبل 175 سنة، فقد مكنت لبنان من الفوز أيضا بجائزة القمة السياحية عند اختيارها عام 2002 بين 27 مشروعا سياحيا على مستوى عالمي.
مغارة حرارتها لا تتغير وتقع فوقها 6 قرى لبنانية
وجعيتا، التي استمدت اسمها من قرية بجوارها تحمل الاسم نفسه في “وادي الجماجم” الذي يمر فيه نهر الكلب وتنبع معظم مياهه منها، هي مغارة عملاقة تقع فوقها 6 قرى في قضاء كسروان، الذي استمد اسمه من كسرى الأول، وهو من أمراء بلدة بسكنتا القريبة من الوادي الموصوف بأحد أعمق أودية لبنان وحمل هذا الاسم الغريب بعد موقعة جرت في 1290 بين القيسيين واليمنيين “حيث امتلأ بالجماجم” وفق ما يكتبون.
وجعيتا هي من قسمين: سفلي وطوله 7800 متر وعلوي ممتد الى مسافة 2200 متر في عمق الجبال، وزارها في العام الماضي 428 ألفا و212 سائحا، دفع البالغ منهم 12 دولارا للدخول، فيما التذكرة للأطفال هي بقيمة 6 دولارات و70 سنتا.
ويرتفع عند باب المغارة ما يؤكدون أنه أكبر عمل نحتي حديث في الشرق الأوسط، وهو تمثال طوله 6 أمتار ووزنه 75 طنا، ونحته الفنان اللبناني طوني فرح، وسموه “حارس الزمن” حين أزاحوا الستار عنه في 2003 في احتفال كبير، وجعلوه حارسا للمغارة التي يعتقدون أنها تكونت منذ مليوني عام ونحتت فيها الطبيعة كنوزا نادرة أمام النظر عبر مئات الآلاف من السنين.
ومن ميزات “جعيتا” أن درجة الحرارة في قسمها العلوي “تبقى ثابتة عند 22 مئوية ليلا ونهارا وفي الصيف والشتاء من دون أن تتغير على مدار العام. أما السفلى فحرارتها 18 مئوية وثابتة أيضا في جميع الظروف” كما يقول الدكتور حداد.
مع ذلك، اختصر حداد شرحا عن تصنيف المغاور، فذكر أن أهمية كل مغارة “ليست بعرضها وطولها، إنما بغناها بالأشكال الطبيعية المتنوعة في داخلها، فهناك مغاور بالمئات أكبر وأعمق بعشرات المرات من جعيتا، لكنها الأجمل في العالم بشهادة الخبراء ومن يزورها، ففيها نوادر من صنع الطبيعة يصعب على من يراها أن ينساها” كما قال.
برصاصة اكتشف الأمريكي امتدادها الكبير اكتشف في المغارة ما طوله أكثر من 1750 مترا.
ومكتشف مغارة جعيتا هو الأمريكي وليام طومسون، السائح والرحالة والمبشر الذي عاش في بلاد الشام، المعروفة أيضا بسوريا الطبيعية، وتجوّل فيها بدءا من 1832 طوال 34 سنة، وألف كتابا سماه “الأراضي المقدسة والكتاب” وصف فيه ما عايشه ورآه في المنطقة.
اكتشف طومسون القسم السفلي من جعيتا في 1836 بالصدفة، وتوغل فيه 50 مترا تقريبا، وبعدها وقف عند نقطة وأطلق رصاصة من بندقية صيد كانت معه، ومن تردد صدى العيار الناري أدرك بأن للمغارة امتدادا جوفيا كبيرا، فذكر ما اكتشفه في كتابه.
بعدها بسنوات قام مهندسان من “شركة أشغال مياه بيروت” وهما “و. ج. ماكسويل” و”هـ. ج هاكسلي” ومعهما اثنان من أصدقائهما، منهما القس دانيال بلس، مدير “الكلية الإنجيلية السورية” آنذاك، والتي أصبحت فيما بعد الجامعة الأمريكية في بيروت، برحلتين استكشافيتين داخل المغارة في 1873 وتوغل بعضهم فيها 800 متر تقريبا، ثم 1060 في العام التالي، وأطلقوا على أحد “الصواعد” العملاقة اسم “عمود ماكسويل” باعتباره كان رئيسا للفريق.
الرحلات الاستكشافية داخل المغارة
ثم توالت الرحلات الاستكشافية داخل المغارة ابتداء من 1892 بهدف التعرف الى شبكة الأنفاق الجوفية، وجميع من قاموا بها كانوا من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وبلغ طول ما اكتشفوه حتى 1940 أكثر من 1750 مترا.
وحدث تحول كبير في استكشاف المغارة فيما بعد عبر مستكشفين لبنانيين أعضاء في “النادي اللبناني للتنقيب عن المغاور” الذي تم تأسيسه في 1951 فاكتشف فريق منهم في 1958 قسمها العلوي، وهو الشهير أكثر بغناه الطبيعي، وبعد 11 سنة تم افتتاحه للعموم، ومن وقتها تحولت جعيتا التي ترتفع 100 متر عن سطح البحر الى أهم معلم سياحي طبيعي في لبنان والشرق الأوسط، الى درجة وضعوا صورتها على العملة اللبنانية وقالوا فيها القصائد وتزوجوا بقربها، ومنها استوحوا روايات.
والمغارة غنية بالسراديب والأنفاق والمتدليات من أعمدة نازلة من السقف نحو أرضها، وهي النوازل التي تبدو كالثريات. أو منه الى سقفها، وهي الصواعد، إضافة الى أحافير بدت كمنحوتات حفرتها المياه الكلسية وصبغتها بألوان الذهب والفضة والأخضر والأزرق والرمادي والبنفسجي وأعطتها هيبة خاصة.
وفي جعيتا قباب وقاعات مكتظة بأشكال عشوائية متنوعة، منها قاعة ارتفاع سقفها 108 أمتار، مع ستائر كلسية متوهجة وبحيرة ونهر جار يمكن العبور على مائه الساكن بالزورق، مع تكوينات صخرية يصعب العثور على مثيلها خارج المغاور عادة.
تسمية المغارة
ولم تكن المغارة تحمل اسمها الحالي دائما، بل سموها مغارة نهر الكلب، لكن لكثرة ما كانت الصحف تكتب اسمها منسوبا لقرية جعيتا بجوارها، فقد غلب الاسم الجديد على القديم حتى تم اعتماده في 1927 رسميا، واستمر الكلب اسما للنهر الذي يبلغ طوله 30 كيلومترا فقط.
وهناك سبب لتسمية النهر بالكلب شاع كأسطورة نسبوها لما قالوا انه كاتب اسمه “فارس أرفيو” ويبدو أنه كتب مرة عن تمثال لكلب ضخم وضعوه في أعلى رأس جبل صخري مطل على البحر في “وادي الجماجم” وكانت مهمة الكلب المنحوت “إنذار الأهالي إذا ما وصلت جيوش الأعداء”.
وهناك رواية ثانية جاءت كتتمة لأسطورة التمثال الشهيرة، وملخصها أن العثمانيين حين نزلوا بجيوشهم في تلك المنطقة، قطعوا رأس تمثال الكلب ورموه في قعر البحر “فظل يظهر جلياً للعيان كلما كانت المياه هادئة صافية” كما يرددون.
لكن أغرب من غرابة الحكايتين ما ورد في تقرير حقيقي وصدر فعلا عن شركة أسترالية التزمت مشروع انشاء خط سكة الحديد التي ربطت بيروت بمدينة جونية القريبة من جعيتا، وفيه كتب معد التقرير أن عمالا ومهندسين “رأوا في البحر تمثالا منحوتاً على شكل كلب”. لكن أحداً لا يعرف لماذا لم ينتشلوا التمثال، ولا أين هو ذلك التمثال الخرافي.
وهناك سبب ثالث، منطقي ويجمعون عليه، حمل الأهالي على إطلاق اسم الكلب على النهر الذي يشرب منه 90% من سكان بيروت، هو أن مياهه تضج حين تصبح غزيرة في الشتاء وتجري كما الأمواج نحو مصبها في البحر القريب 5 كيلومترات من جعيتا، ويصدر عن الماء هدير، والهدير معناه “جعيتا” بالآرامية التي كانت لغة بلاد الشام طوال 1500 عام حتى نهاية عصر البيزنطيين، ويعكس “وادي الجماجم” هدير النهر ويرده بصدى متواصل يترامى للسامعين شبيها تماما بنباح الكلاب.
بقلم _ كمال قبيسي
عنجد اشي بسطل كتير حلو