معرض “الذات وذاكرة المكان” في زركشي سخنين
تاريخ النشر: 05/06/23 | 7:51افتتح مساء السبت الفائت في صالة العرض “جاليري زركشي” في سخنين معرض “الذات وذاكرة المكان” لأربعة من الفنانين العرب والذي تضمن العشرات من اللوحات الفنية التشكيلية المميزة لكل من الفنان إبراهيم حجازي – طمرة، ياسمين شموط – كفركنا – الناصرة، نهال فوّاز نعامنة – عرابة البطوف، اسراء غنايم سخنين، بحضور إدارة جمعية جوار في الشمال الراعية للجاليري، أمين أبو ريا، علي غنايم ختام زبيدات، عبدالله صوان، وحشد من متذوقي الفنون التشكيلية والمدعوين والفنانين العرب.
افتتح حفل الافتتاح بكلمة للأستاذ أمين أبو ريا ممثلا عن الجمعية فقال :”ذاكرة الانسان الأولى هي ذاكرة شاملة تلمّ كل الذاكرات في سلّتها. ذاكرة طويلة المدى تكاد لا تنسى قادرة على حفظ الصور والكلمات والأصوات دون عناء كبير. والتفاعل والمرونة هما مقياسنا للعلاقة بين المطبوع في الذاكرة ونتاجه المرئي وكيف يمكن الوثوق بهذه العلاقة بين هذه الذاكرة وصورتها فنحن عندما نتذكَّر نميل إلى التحدُّث بطريقة تجعلنا نمتلك صورة افتراضيَّة للأشياء في العالم الحقيقي لأنها تُمثِّل بالنسبة لنا محتوى هذه الذاكرة”.وأضاف أبو ريا:” إن مصطلح “المكان” سيكون غامضاً ومبهجاً دون أن يتمّ تعريفه من خلال الظواهر. وبالنظر إلى هذه الدائريَّة التأويليَّة بين الزمان والظواهر المكانيَّة فإننا ننادي الى ما هو أبعد من الفكرة المألوفة عن الذاكرة والتذكُّر والذكريات. ومن هنا يمكننا الربط بين الذات الإبداعية وذاكرة المكان مهما كانت المسافات بعيدة”.وخلص أبو ريا: “هكذا معرض يشكل مثالاً حياً على عراقة حضارتنا وأصالة شعبنا وتقاليده المتجذرة في عمق التاريخ والحضارة. كما تعكس تطلعات وطموح شعبنا نحو المزيد من الإبداع. كما يشكل المعرض جسراً يربط بين التراث الغني والحاضر النابض بالحياة ومكونات الإبداع المعاصر حولنا وهو ما يتجسّد جلياً في المعرض المقام هنا وغيره من مساحات والوان وتقنيات متعددة للأعمال التي انتجت التركيبية الفنية، أربعة من المبدعين المشاركين في معرض يعيد الى الذاكرة كل مكان وكل ذكرى مروا بها واثرت في نفسهم ووجهت ريشتهم ليوثقوا ذاك المكان او تلك اللحظة مع الحنين الى الماضي العريق بمركباته ليطرح امام المشاهد فسيفساء من الاعمال والمواضيع بألوان قوس قزح مع الحفاظ على الألوان الترابية التي تغلب على معظم الاعمال”.
هذا والقيت في الحفل عدة مداخلات من الفنانين المشاركين بالمعرض الذين شكروا كل من دعمهم ووقف معهم حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه، وتطرق الفنان إبراهيم حجازي الى أهمية الارتقاء بالفن التشكيلي وكانت مداخلة للمربي والمؤرخ صبحي سرحان من نحف الذي عبر عن وجهة نظره بكل ما يتعلق بالفن، وكان ملفت للنظر المقطع المسرحي الدرامي الذي قدمه الفنان المتألق خالد أبو علي، والذي يدور حول العنف الذي اقتحم المجتمع العربي وأصبح ينخر به..وتجدر الإشارة الى أن لوحات المعرض تشارك في احياء “ذاكرة الوطن” الأرض والانسان التراب والحجر وقضايا شعبنا بكل مركباتها حرصاً منا على إثراء الذاكرة بالبعد التاريخي وبهدف تعزيز الانتماء للوطن والولاء له وترسيخ الهوية الوطنية وغرس القيم الوطنية ومبادئ المواطنة الصالحة في نفوس الأجيال لوطن منذ ولادته في فجر التاريخ الى يومنا هذا مع كونه راسية متينة للمستقبل على كافة الأصعدة أهمها التطور العمراني ومناحي الحياة المختلفة التي تتطور عاما بعد عام بحيث تكون كافة اللوحات المعروضة سهلة وواضحة وبلغة بسيطة تناسب كل أعمار الزوار وتفتح الباب للمتلقي (الزائر) للبحث والاستكشاف.أربعة من المبدعين المشاركين في معرض يعيد الى الذاكرة كل مكان وكل ذكرى مروا بها واثرت في نفسهم ووجهت ريشتهم ليوثقوا ذاك المكان او تلك اللحظة مع الحنين الى الماضي العريق بمركباته ليطرح امام المشاهد فسيفساء من الاعمال والمواضيع بألوان قوس قزح مع الحفاظ على الألوان الترابية التي تغلب على معظم الاعمال.إبراهيم حجازي – طمرة الذي اجتذبه الحنين لذاكرة المكان وذلك من خلال استخدام مؤثّرات ومدلولات لونيّة مميّزة خاصّة تربطه بواقع المشهد والحدث.إسراء غنايم – سخنين التي تركز في معظم أعمالها على شخصية الأُم والأرض وتستمد إلهامها من الطبيعة والبيئة المحيطة.نهال فوّاز نعامنة – عرابة البطوف تستعمل تقنيات ومواد مختلفة وتستمد الهامها من الواقع والبيئة المحيطة ومتأثرة بالمدارس الفنية المتعددة كالمدرسة الواقعية، الانطباعية، التعبيرية والسريالية.ياسمين شموط – كفركنا – الناصرة لها رؤية جديدة في قراءة لوحات فنية زاخرة بعبق الماضي. تأخذ المتلقي الى الحيز العام وتارة الى الحيز الخاص. تبحث عن قيم جمالية في ذاكرة المكان والذات.
الفنان: إبراهيم حجازي، فنان تشكيلي ومهندس معماري، من مواليد وسكان مدينة طمرة الجليل الغربي. إبّان فترة إقامتي في مدينة القدس، جذبني الوجه الحضاريّ المميّز للمشهد المقدسيّ. وعملي في ترميم كنيسة القيامة في القدس أثّر في أسلوبي ورؤيتي للصليب كرمز للمعاناة، فأستخدم الصليب كـَعنصر “موتيڤ” في رسوماتي. الانتقال الحادّ بين الفنّ الواقعيّ والفنّ المجرَّد ساعدني على التحرُّر من الصورة الرمزيّة والبحث عن ألوان وأشكال جديدة عن طريق تفكيك المشهد وبنائه من جديد.البيت العربيّ التقليديّ الذي نشأتُ فيه يجسّد قيمًا معماريّة جماليّة جديرة بالتخليد: الفضاء؛ النوافذ؛ المشربيّة. البيت العربيّ القديم المبنيّ على الطريقة التقليديّة الذي يبيَّض كلّ سنة، يتميز بانقشار اللون عن جدرانه فيكشف طبقات الألوان وتظهر شفّافيّةٌ ما، فأحاول عرض المنظر الطبيعي لهذه الطبقات، التي ترمز لذاكرة المكان، وذلك من خلال استخدام مؤثّرات ومدلولات لونيّة مميّزة خاصّة بي تربطني بواقع المشهد والحدث.إسراء غنايم – سخنين، من مواليد وسكان مدينة سخنين الجليل الأسفل سنة 1993, فنانة بصرية متعددة التخصصات والتقنيات. حاصلة على اللقب الأول في تدريس الفنون من كلية أورانيم وشهادة مرشدة فنون مؤهلة من كلية مركز الجليل في سخنين، فهي فنانة تشكيلية صاحبة موهبة فذة في رسم البور تريه الذاتي. ترسم واقعها وتجربتها الحياتية من خلال منظار خاص. تعتمد على التبسيط والاختزال. معظم لوحات البور تريه الذاتي تواجه الناظر مباشرة برؤية تساؤليه.لوحاتها المائية المعززة بتقنية خاصة كما بلوحة “العكوب” لصورتها الشخصية وهي حاملة نبتة العكوب المشهورة تراثيًا وتقليديًا في المجتمع الفلسطيني الجليلي، تتميز باستخدامها للون الأزرق النيلي في خلفية اللوحة موشحًا بنقاط غامقة خفيفة، واستخدامها بالنصف الآخر من الجزء العلوي بلون فاتح يميل الى البياض، الذي يضفي رونقًا للطابع التراثي للبيت العربي القديم. كما وتستخدم في لوحاتها مساحات لونية مائية بأسلوب انطباعي تلقائي يضفي إيقاع جميل.
الفنانة نهال فوّاز نعامنة من سكان مدينة عرّابة البطوف، مواليد سنة 1986، فنانة بصريّة متعدّدة التخصصات، وفي العام 2013 حصلت على لقب أَول مُدرِّسة لغة عربيّة مسار طفولة مُبّكرة من كلية سخنين لتأهيل المعلمين. عمِلتُ في رسم الجداريات ومعلمة لّغة عربيّة ومعلمة للفن في بلدي عرابة وغيرها من البلدان مثل سخنين، دير حنا، كابول، يركا، كفر ياسيف، ترتكز في عملها الفني على المشهد الفلسطيني العام، تتناول موضوع الحدث والمكان.من لوحاتها المميزة “شيرين”- مشهد بانورامي لمدينة القدس القديمة بأسلوب كولاجي، بألوان تميل الى اللون الرمادي تنويهًا للحزن الذي يخيم على ملامح المدينة، وفي الأفق البعيد تلوح صورة الشهيدة الصحفية المقدسية شيرين أبو عاقلة ممزوجة بشفافية سماء المدينة، وفي أسفل اللوحة صورة لطفل ينظر إلينا بألم وترقب، ولوحات أخرى توحي بطابع ديني مثل لوحة “البقرة الصفراء”.تقول الفنانة نهال: “سميتها بهذا الاسم بعد بحث ودراسة في عمق المعاني وجمال الوصف القرآني الذي تجلى في صورة البقرة. ومن هنا استعرت في أعمالي بقرة بني اسرائيل، وهي من أبرز القصص في القرآن الكريم، المصلى يرمز للقبلة التي رغم اختلافها بقيت قبلة واحدة وموحدة”.الفنانة التشكيلية: ياسمين شموط – كفركنا، فنانة تشكيلية ومرشدة فنون، ولدت في مدينة الناصرة وتقيم في قرية كفركنا، أنهت دراستها الثانوية في مدينة الناصرة. ترسم منذ نعومة أظفارها، التحقت بعدة دورات تعليمية للرسم والفن التشكيلي، حصلت على شهادة مرشد مؤهل للفنون من كلية أورانيم. شاركت في عدة معارض مع جمعية الناصرة للفنون، وأقامت معرض فردي في نادي حيفا الثقافي.الفنانة ياسمين شموط تدمغ ريشتها بألوان ترابية مستوحاة من رحم أرض الوطن بأسلوبٍ تعبيري رمزي، يميل الى تصوير هوية المكان من خلال دقة التصوير في توثيق أطلال البيوت المهجرة. لوحاتها توحي بالحنين والشوق لذاكرة المكان. جنبًا الى جنب تدمج بلوحاتها رسم صور طفولتها تأكيدًا لارتباطها بهوية المكان كعنصر درامي من سيرورتها. أعمالها الفنية تتمحور حول البيت العربي وبقايا حجارته. يتكرر مشهد القرية المهجرة بلوحاتٍ عديدة متفاوتة من حيث تكوينات عناصر اللوحة بألوانها المونوخرومية، تداعب زرقة السماء يتناغم مع مساحات لونية شفافة، تثير الانتباه بتفاصيلها الدقيقة وبصيغة جديدة.من لوحاتها شجرة الصبّار كمدلولٍ للتشبث بالأرض وكشاهدٍ عيان على هوية المكان، مستخدمةً لون الأرض في تلوين الصبّار كعنصر (موتيف) وكإيحاء للتماثل مع طبيعة المكان. نلاحظ اهتمام الفنانة بنبتة “الخورفيش” الجليليّة ذات الأشواك الحادة وتركبيها الهندسي الجميل.وفي لوحة كرسي الانتظار، ترسم البيت العربي المهجر في تخطيط هندسي منظوري يشد الناظر الى عمق اللوحة المتلاشي، ويثير فينا الإحساس بالبعد الزمني للماضي البعيد. وفي مقدمة المشهد “كرسي بلاستيك” أبيض علامةً من العصر الحديث بانتظار عودة صاحب البيت.تستخدم الفنانة ياسمين في لوحاتها عنصر الطير كرمز لحرية الحركة والتنقل كإيحاءٍ تفاؤلي، وأحيانًا ترسم الغراب كإيحاء تشاؤمي تعبيرا عن الواقع المرير.