القمعُ وفقدان الحريّة يقتلان الحافز والإبداع!
د. محمود أبو فنّه
تاريخ النشر: 12/06/23 | 5:46كلّنا يعرفُ حيويّةَ الأطفال و”شقاوتهم”، فلديهم فائضٌ من الحركة
والنشاط والخيال والتعطّش للّعب وحبّ المعرفة ولاكتشاف كلّ ما هو جديد!
ولكن تدريجيًّا يصطدم الأطفال – في البيت والمدرسة – بأساليب
التربيّة والمعاملة التي تكبح خيالهم، وتُضعف تعطّشهم للمعرفة،
وتقتل فيهم روح المغامرة والإبداع والابتكار.
فأساليب التربية التي تركّز على التلقين والحفظ، واللجوء إلى القمع
والإكراه، وحتّى استخدام العنف بنوعيه اللفظيّ والجسديّ، هذه الأساليب
كفيلة بإخماد الحيويّة والنشاط، وبفقدان الحافزيّة وحبّ الاستطلاع
لدى الأطفال، ممّا ينعكس على تحصيلهم وسلوكهم.
وهذا يذكّرني بحكاية قصّها عليّ صديق حميم:
قام ذلك الصديق باقتناء عصفورين، ووضعهما في قفص جميل،
وحرص على تقديم أفضل الغذاء والشراب لهما داخل القفص،
وكان يحلو له، كلّ يوم، مراقبة العصفورين وهما يتقافزان برشاقة،
والإصغاء لتغريدهما الشجيّ….
ومرّت الأيّام والأسابيع، ولاحظ الصديق أنّ العصفورين تغيّرا،
فحركاتهما صارت بطيئة، وأصواتهما وهنت، وتغريدهما تضاءل
وفتر، وكلّ هذا التغيير طرأ رغم أنّ الصديق ثابر على تنظيف القفص
وتقديم ما يلزم من طعام وشراب لهما!
أشفق الصديق على العصفورين، وقرّر إطلاق سراحهما، ففتح باب القفص
ليخرج العصفوران منه، ولكن كم كانت صدمة الصديق كبيرة،
فالعصفوران بعد أن خرجا من القفص لم ينطلقا في الجوّ محلِّقَيْن، بل ظلّا
مسمّرين على الأرض لا يقدران على الطيران والتحليق!!