ندوة أدبيّة للكاتب ناجي ظاهر في الناصرة
بقلم: حوا بطواش
تاريخ النشر: 13/06/23 | 8:18شيءٌ عن الحياة الثّقافيّة في الناصرة
أقام مركز محمود درويش الثقافي البلدي في الناصرة مساء الخميس 2023/6/8 ندوة تكريمية للأديب ناجي ظاهر احتفاءً بصدور كتابه الجديد «أجنحة الذّاكرة مجالس نصراوية منوّرة وشخصيات مؤثّرة»، بمشاركة د. رافع يحيى، الكاتبة حوا بطواش والباحث خالد عوض وبإدارة رنا أبو حنا.
وافتتحت الندوة مركّزة البرامج الثقافية في مركز محمود درويش، عُريب زعبي، التي رحّبت بالحضور وأشادت بالكتاب المحتفى به قائلة إنّ أجنحة الذّاكرة تحليق فوق محطات لنبش الذّاكرة وتسليط الضوء على الماضي بهدف معرفة الحاضر وتسديد الخطى نحو المستقبل المنشود، في عمق الحنين إلى أيام مضت وفي ميلٍ متأصّل للمشاركة في الرّأي والرؤية. كما أشادت بالكاتب ناجي ظاهر قائلة إنّه أثرى نشاطه الأدبيّ بعطاءٍ لا يمكن تجاهله وفي جعبته المزيد. بحسّه المرهف وموهبته أخذ يغترف من أعماق روحه ووجدانه وينسج من نور الشمس خيوطًا ذهبيّة، فيحيكُ منها تارةً قصيدة وأخرى قصّة حزينة تنبع من أعماقها معاني الإنسانيّة.
ثم تولّت إدارة الندوة رنا أبو حنا التي تحدّثت عن الكاتب ناجي ظاهر، عن حبّه لمدينته الناصرة وتحدّثت عن الكتاب قائلة إن ناجي ظاهر يعرّفنا فيه على شخصيات مؤثّرة في حياته، دفعت به إلى الأمام وبقي يذكرها على الدّوام، وربما خلقت منه شخصًا أكثر نضجًا وإدراكا بأنّ الوطن عنده هو وطن ذكرياتٍ وأناس عظماء تخطّو حدود النمطيّة في حياتهم وحقّقوا النجاحات الكبيرة وهم موجودون في الماضي وفي صفحات التاريخ ووجدان من أحبّوهم، نسمع ونقرأ عنهم وقد لا نعرف الكثير منهم.
واستعرضت بعض المجالس التي يتحدّث عنها الكتاب وأكّدت على أهميّة الصالونات الثقافيّة التي تُعتبر من أفضل أنواع التغذية العقليّة في كل المجالات ولها تأثيرٌ علينا حيث أنّ القراءة هي التعامل الذّاتي مع ما نقرأ. وتحدّثت عن مجلس تذكاريات طه للأديب الراحل طه محمد علي الذي كان يستقطب كبار الكتاب والأدباء في البلاد وذكرت أن الشاعر الكبير محمود درويش في زيارته التاريخية للناصرة عام 2008 أبى إلا أن يزور تذكاريات طه تأكيدًا على أهميّة هذا المجلس الأدبيّ واحترامًا وتبجيلًا للأديب الكبير طه محمد علي.
ثم تحدّث د. رافع يحيى في مداخلته عن بعض المجالس النصراوية التي ذكرها الكاتب في كتابه، مثل: مجلس السّيدة قادرية، مجلس طه محمد علي، مجلس جمال قعوار، مجلس المطعم الشّعبيّ، وقال إن لمجلس محمود أبو رجب في صحيفة الأخبار أثرٌ في قلب الكاتب ناجي ظاهر ويشرح في كتابه كيف شكّل مكتب الأخبار مجلسًا يوميًّا لكلّ زائر وينقل لنا وقائع لنقاشات بين أدباء مختلفي الميول والمشارب.
كما تحدّث عن تميّز الكتاب بذاكرة خصبة ارتأى الكاتب أن ينشرها كمذكّرات شخصيّة رقيقة وعميقة وأنّه أحبّ الصّدق الذي في الكتاب. وأضاف: إن ناجي ظاهر يقدّم لنا صورةً حضاريّة خصبة عن الناصرة وهي سجل اجتماعي ثقافيّ، سياسيّ لكثير من المشاهد الثقافيّة في بلادنا، فكلّ مجلس وكلّ شخصيّة عالم قائم بحدّ ذاته وللأسف سيطرت وسائل التّواصل على حياتنا، وتكاد بلادنا تفتقر لهذه المجالس الثريّة والغزيرة بالعطاء وحبّ الوطن والثّقافة. وفي النّهاية تساءل: هل ما زالت الناصرة هي الناصرة؟!
ثم قدّمت الكاتبة حوا بطواش مداخلة عن لحظات الانكشاف والاكتشاف التي عاشها الكاتب ناجي ظاهر في تلك المجالس والصالونات الأدبية التي شهد فيها مناقشاتٍ وحواراتٍ عميقةً في القضايا الأدبيّة والثقافية كلّ القضايا المُلحّة في المجتمع، حيث أحدثت عصفًا فكريًّا واحتكاكًا لا بدّ منه لإشعال موقد الكتابة والإبداع. وتساءلت: لماذا نعود إلى الماضي؟ هل هو الحنين إلى الماضي؟ وهل من المهمّ أن نعود إلى الماضي؟ وقالت إن الكاتب ناجي ظاهر يعود في كتابه هذا إلى الماضي بهدف فهم الحاضر وتسديد الخطى نحو المستقبل المنشود ويرى أنّ التّجربة هي ما يبقى بعد مضيّ الأزمان وأنّ عمقها هو ما يشفع لها في الإطلال بقوة على الحاضر من سماء الماضي. واعتبرت إن الطريقة التي اتّبعها ناجي ظاهر في كتابه هذا هي كتابة من إدراك النهاية، أي من إدراك تحوّل ذلك الصّبيّ الذي تحدّث عنه ناجي ظاهر في المجلس الأول، مجلس السيّدة قادرية، إلى كاتب. هذه كتابة لا تنشغل برصد اهتزازات الواقع نفسها، انما تلك التي ترصد من الواقع لحظات الاكتشاف والإدراك، التعرّف والاختيار.
ثمّ قدّم الباحث خالد عوض مداخلة عن المجالس النصراوية ونوستالجيا الزّمكانية، وتحدّث عن المجلس الأول في الكتاب للسيدة قادرية، وقال إن في اعتقاده أن ناجي ظاهر اكتسب فيه المضامين الأولى لكتابة القصّة، حيث فتحت له خزّانة الأدب والفن وأرشدته إلى «ما في الحياة من ثراء قصصيّ»، وفيه فُتح أمام الكاتب صاحب الحسّ المرهف البابُ على مصراعيه ليحلّق بعيدًا في عالم الكتابة والأدب. وقال إنّ مجالسه الأخرى كثيرة ومتنوّعة ومرتبطة بأسماء وشخصيّات نصراويّة غادرت الحياة الدنيا في غالبيتها، لكنّها لم تغادر مخيّلة كاتبنا ولم تغادر رونق حياته الشخصيّة، جعلته يعيش في حالة من الحنين المستمر، وهي حالة مرتبطة بنوستالجيا الزّمان والمكان. وقال إنّه مهما تحدّثنا عن كتاب «أجنحة الذّاكرة» وحاولنا سبر أغواره ومجالسه المتنوّعة والذكريات لشخصيات مؤثرة كانت قد مرّت في حياة الكاتب، إلا أن الذكريات تبقى كالطيور، ذلك أن الفكر والإبداع والشخصيات الأدبية والفكرية كأجنحة الطّيور التي تحلّق في سماء لا تموت مع موت أصحابها وانما تسبح وتطير في الفضاء الواسع.
بعد ذلك أجرت رنا أبو حنا حوارًا قصيرًا مع الكاتب تحدّث فيه عن ملابسات تأليفه للكتاب وعن هدفه الواسع من تأليفه له، منوّهًا إلى ميله الفطريّ لمشاركة الآخرين بما يحسّ ويشعر به ويعيشه من التجارب. كما تحدّث ضمن إجاباته عن شخصيّاتٍ كان لها أثرٌ عظيمٌ في حياته، مثل: جمال قعوار، فوزي عبد الله، محمود غنايم وحسين فاعو الساعدي… وألمح إلى إمكانيّة اعتبار الكتاب استمرارًا لكتاب سابق صدر له قبل سنوات حمل عنوان «حياض غثيم». وشكر كل من شارك في الأمسية، سواءً بالتّحدّث أو بالحضور والإصغاء.
وفي الختام بارك الحضور للكاتب ناجي ظاهر على كتابه الجديد والتُقطت الصّور التذكارية معه.
فألف مبروك للكاتب ناجي ظاهر على هذا الإصدار الجديد وإلى المزيد من التقدّم والتألّق في سماء الأدب.