موسى عزوڨ الأسطوري والهوس الجنسي في رواية : ” هاء , أسفار عشتار” لعزالدين الجلاوجي

تاريخ النشر: 24/06/23 | 5:32

( طفلة أنت وأنثى واعدة , وُلدت من زبد البحر ومن نار الشموس الخالدة ) يخاطـب الشـاعر الالهة ” عشـتار ” مـرة أخـرى باعثـا مـن تناقضـها عصـرا جديـدا فهـي الطفلــة البريئــة والأنثــى الفاتنــة الواعــدة بــالإغراء فلطالمــا عــذّبت الكثــير بجمالهــا.

رمزية العنوان :

اختار للواجهة خط كاريكاتوري وحرف الهاء أول السطر تتبعه فاصلة ، وفي السطر الثاني :” وأسفار عشتار ” وصورة لثلاث نسوة في تركيب وجوههم وجه آخر الأعلى يتجه شمالا ، والبنتين باتجاه اليمين وقلب كأنما المجرة تحمله يدان وخلف اللون الازرق لون جسم أحمر. ( والحمد لله لم يصور عشتار الصنم ؟ ففي اليوم الذي اشتريت فيه الكتاب رفع الستار على صنم عين الفوارة بعد شهور من الترميم ).

الرواية بحجم صغير من 148 صفحة تختم بتاريخ : 14 فيفري 2022؟ قسمها إلى فقرات وصلت 27.

في الإهداء يذكر :” إلى ملهمتي يا روح قلبي والسناء يا إشراق روحي الضياء يا نبع الأنوثة يا رضاب البهاء !”.

ولا تفهم منه هل هو للام أم للزوجة ام للبنت ؟( ولو انتبهت لسألت البنات لعل اسماؤهن سناء أو اشراق فنفهم الإشارة :” ذلك أن في الرواية وهو يتحدث عن طفلته المدللة وتظنه يتحدث عن بنته ! لكن سرعان ما تكتشف أنه يتحدث عن زميلته في الدراسة ثم لاحقا صديقته وحبه , بل عشتار ذاتها ! ..حتى يتخيل اليك انك لا تفهم في الإشارة شيء !!.. )

في الصفحة الأولى وبعنوان “في نافذة ” وربما هي المفتاح : يتحدث عن ” طفلته المدللة والنشأة ” وأنها روح واحدة سكنت جسدين لكتابة أسئلة الحيرة والتحدي , ” نهوي معا في دركات التحلي ونعرج معا في درجات التجلي ثم نكتب معا اسفار التيهان” , ومن هنا يمكن فهم إشارة العنوان بخصوص أسفار والتي كنت احسبه يقصد الكتب التي يحملها الحمار ( الآية ) وهي الكتب النفيسة والأسفار المقدسة , لكنه أوضح انه يقصد السفر وهو التنقل فكان سفر التيه وسفر المسخ , حيث يقدم لنا الكاتب الفصلين , بهذين العنوانين :- أسفار التيه .- أسفار المسخ.

أما رمزية حرف الهاء , فتبقى مبهمة , حيث يخبرنا المعجم ان :” الهاء “ه” هو الحرف السادس والعشرون ، وقيمته 5 حسب نظام حساب الجمل، وحرف الهاء يعني أيضا ضمير الغائب ذكرا او انثا ” . وربما من المبالغة الوصف بانه :” يعبر عن من رفع نفسه وسما بها للدلالة على شخصية البطل الرافض منذ البداية لما يقبله الآخرون من بني جنسه ثم نلاحظ الفاصلة التي تلي الهاء لنقف وجها لوجه أمام أسفار عشتار الأسطورة الخرافية ” .

ولم أجد إلا إشارة واحدة في المتن في الصفحة 109 , مطلع الرسالة رقم 04 / 11 لطفلته المدللة : ” حبيبي , وها دمعتي تنهار فجأة وقد اعياها التحدي …” . فيكون بذلك فك الرمز :’ هذه دمعتي وقد اعياني السفر من التيه والمسخ بين العبودية والحرية ‘

ونحاول ان نستعرض ما جاء في الرواية حسب ترتيبها , مع إبداء الملاحظات :

الباب الأول : حرف (أ) معنون :” أسفار التيه ”

في فصل اول مقدم 1 في السجن بين التعذيب والنوم . ثم في فصل 2 :” الطفل المتمرد! ” الذي أخفى خاتم زواج والديه ( ظنا منه أنه يفض بذلك الخلاف الذي نشأ بعد سوء تفاهم بين والدته التي صورها متسلطة ووالده المنقاد إليه) . هذه العملية التي قام بها ودفن الخاتمين في الحديقة ، كانت كأنما حجر عودة لتلك الحديقة التي تجلب الام لاحقا كل العرافين والكهنة لمعرفة مصير الخاتمين متهمة الجميع إلا ابنها ، رغم أن أحد العرافين أشار إلى المكان بالضبط وذبح العتروس الأسود ووضع الدم هناك ورسم لها المرأة والطفل ولأنه لا يشرح بل يكتفي فقط بالإشارة فإنها لم تنتبه ..يخبرنا لاحقا أن والداها توفيا في حادث مرور وكيف أقيمت لهما في الشركة عزاء وكان قد كفر هو بكل استعباد وأصبح يؤمن بالحرية المطلقة ويتعالى عن كل صنف من الاستعباد وهنا تشاركه طفلته المدللة الحبيبة ! نضاله ولا ينس أن يحكي لنا كيف أقنعها وهي تلميذة وجاء بها إلى الحديقة ولعبا بخم الدجاج ولوثت الثياب وطردتها أمه ..وكيف كان نضاله في الجامعة التي خرج منها وألف كتابه الإنسان الحر ، وبدأت مسيرة كل حر حيث أدت به افكاره الى السجن ( وهنا ربما العودة إلى بداية الحكاية في السجن وكيف انقطعت عنه رسائل طفلته المدللة التي تزوجت …. كان علي أن أصل الى الصفحة 104 وفي نهاية الفقرة 18 لنكشف احالة العنوان على عشتار :” لا خوف علي مادمت في حضني الإلهة عشتار ” (1)

في الفصل 19 وبعد الخروج من السجن يذكر انه جلب معه عنكبوت ونمل في قصبة . في ص 104 يحدثنا عن موت النمل الذي أصبح كحب الزيتون في شبكة العنكبوت التي كبرت كثيرا ونسجت يا للعجب في المكان الذي أخفى فيه الطفل خاتم زواج والديه ذات الغار حيث أغار العراف كثيرا من الدم .كان العنكبوت قد تزوج وخلف ثم في نفس المشهد يتلاشى كل هذا ومثله الشجر وانتفضت لتتحول طيورا وشكلت سحابة سوداء ، كأن الطبيعة دخلت هستيريا ، لكن لماذا ؟ وهنا يدخل للبيت ويتذكر رسائل طفلته المدللة الإحدى عشر ( ؟) ويعلقها ( ربما هي أسفار !) . ويذكر أنه يتهجى مطالع رسائلها كأنه يتهجى لوحات فنية ، ثم يعددها :

1) أيها القمر الموغل في عليائه

2) واني لمرسلة إليك يا حبيبي

3) وجلست هذا المساء يا حبيبي

4) حبيبي ، وها دمعتي تنهار فجأة وقد أعياها التحدي …فأشرق علي قبل أن يكفنني الصقيع ، ويسرق مني بسمة الحياة..

5) وهذا الليل يا حبيبي يوشك أن يلملم أطرافه

6) تلك الطفلة الصغيرة التي بداخلي …يا حبيبي استمع Lara Fabian

7) ثم ما الحرية يا حبيبي وما الحب ؟

8) اكتب اليك اللحظة لأعزيك ..

9) وعادت بي الذكرى إلى براعم طفولتنا ..

10) أيا حبيبي ، يا شاعري الحالم ..

11) أكملت دراستي اليوم ..كأس الحبيب

وتنتهي أسفار التيه بأنه :” هرع إلى النوم ” .

الباب الثاني (ب) تبدأ أسفار المسخ ( من ( 20- 27 )

ويكون المدخل تجاذب بين النوم واليقظة ويشبهها بلعبة شد الحبل بين عبودية وحرية . ثم يصور كيف جاءت ” عشتار ” من نور واستولت على المكان بجمالها الفاتن وخيل إليه أنه أمام طفلته المدللة ” والأنثى أولى مدارج العبودية ” …وامتدت يد عشتار وأحس بصعقة كهربائية ليتحول إلى ذئب ” مسخ ” . وبدأ في سؤال العودة . وهنا في الرقم 21 يعود للحديث عن الماضي وخروف الأم والأب الذي ذبح .

ثم يعود مرة أخرى للسياق 22 وعالم الذئاب ، يلتقي 05 ذئاب والزعيم وبدأت الحياة البرية والصيادين والكلاب ، وأكل الجثة ! ولعنة عشتار وتمنى لو حولته طيرا أو حتى بغلا , في فصل 23 نجد الحديث عن الزعيم والحرائق والأنثى , وبعد الهروب من الحرائق ، قام الزعيم بشرح التضاريس :” قمة العصماء شمالا ، وهاوية الظلام عن اليمين حيث الأرواح الشريرة النتنة وحيث ستلتقي عشتار مع قلقامش وستحدث المجزرة ليوغل كل شيء في المأساة . وهنا الصفحة 132 يعرف عشتار الهة الفتنة والجمال والخصب والهة المسخ ويتوعد بمسخها ولو عبر قلقامش . في الصفحة 134 يصور حرب الزعيم مع الذئبين من أجل الفوز بالأنثى وانتصر الزعيم وترك فريسة عبودية شبقية ماكرة . ليصور الكاتب بغرابة لا حاجة لها أمور جنسية ما كان له أن يفعلها ! وكان فعلا في غنى عنها (مانعة أن ينصح الأب ابنه بقرائتها !) . ثم مشهد مسخ عشتار للرعاة الخمسة . في الفصل24 تذكر في لحظة ضعف مقولة الجد مصباح :” ليست الحرية أن تخرج من العبودية ، إنما الحرية أن تخرج العبودية منك ” . ليصور المشهد المعتاد بأن أصابع عشتار تجوس خلال الجسد ، لتتجلى في أبهى صورة مرصعة بالجواهر وشمعتان بنجمتين ..لكنه ايضا لم في حاجة لتصوير المناطق الحساسة في جسد المرأة ، ولمعت في ذهنه الطفلة المدللة ، ثم يختم بذكر أسرة عشتار الاب إله القمر ” سين ” ، وأمها ” ننكال ” ، وأخوها ” أوتو ” اله الشمس ، واختها ” أرشكيج ” آلهة العالم السفلي ..وأنه لا قبل له بها وقد مسخ ذئبا وهي غزت العالم بثعابين الشهوة والجنس . في الفصل 25 وبعنوان المخلص قلقامش ( 2 ) يذكر أن عشتار سرقت السحر من الملكين ببابل هاروت وماروت ، وبما توهمنا من حياة زائفة وحرية كاذبة ، تبا لها ولحياة العبودية . ويذكر شعر قلقامش :” ما أنت إلا موقد سرعان ما تخمد ناره في البرد . وبين نوم وفطنة يأتي قلقامش ، وتتجلى عشتار بفتنتها ثم يصور حتى العري وخنقه وتقريبه من أماكن حساسة لولا أن ريحا هبت فسلم ، واستعاد قواه وأخرج من قلبه علقة سوداء ثعبان عملاق صوبه نحو عشتار فسقطت وانطفأت إلى الأبد ( ص 143) .

وبعد نوم عميق يستفيق ليصاحب قلقامش إلى القمة ويحدثه عن فلسفته في الحرية ، لكن يتفاجأ بطلاسم لقلقامش يفهم منها أن الحرية لا تكمن الا في الموت ! ويذكر في ص145 سيزيف وقد حكمت عليه الآلهة بالشقاء الأبدي . وببلوغ المرتفع رماه قلقامش إلى الأعلى ليعود إلى آدميته .

ليجد نفسه في بيته ! وينتظر طفلته المدللة . وفي الفصل قبل الاخير 26 يعيد تصوير آخر مشهد في السجن وختم بالسؤال عن الطفلة المدللة ؟

ليختم بفصل مقتضب ونهاية غير متوقعة بلقاء طفلته المدللة وما كادا يلتحمان حتى ارتقيا في اللامنتهي , ليعود بنا الى ما اففتح به “في نافذة “: يتحدث عن ” طفلته المدللة والنشأة ” وأنها روح واحدة سكنت جسدين لكتابة أسئلة الحيرة والتحدي , ” نهوي معا في دركات التحلي ونعرج معا في درجات التجلي ثم نكتب معا اسفار التيهان”. يؤرخ :14 فيفري 2022 ( في رمزية الى عيد الحب او القديس فالنتاين ؟)

في الختام لا تكاد تخلوا رواية ” خصوصا الجزائرية ” من الحديث عن الجنس ؟ حتى انك تستحي ان تقدم وصية بقراءة عمل ما؟ على جمال سرده وقوة كلماته وهو فيه تجسيد جنسي لا فائدة منه على كل حال . ويبقى السؤال مطروحا :” ما هي وظيفة الفن القصصي ؟”

——- تهميش ——

(1) المنهج الاسطوري محاولة قراءة اللاشعور الاسطوري , لكل امة اساطيرها . تموز وعشروت او ادونيس عشتار هي بابلية يونانية ورومانية فينيقية () اغروديت او فينوس او عشتار هي الهة الحب والشهوة والجمال والبغاء والتكاثر الجنسي , عشتار هي إلهة الحب والجمال، الحرب والتضحية بالحروب عند حضارات منطقة بلاد الرافدين ونواحيها. وهي إنانا لدى السومريين، عشتروت عند الفينيقيين، أفروديت في اليونان القديمة، فينوس لدى الرومان.أطلق عليها السومريون اسم ملكة الجنة، وكان معبدها يقع في مدينة الوركاء، وهي نجمة الصباح والمساء (كوكب الزهرة) رمزها نجمة ذات ثماني أشعة منتصبة على ظهر أسد، على جبهتها الزهرة، وبيدها باقة زهور. . كثيرًا ما قُدِّمت عشتار بصورة مجسمة في الأساطير، ففي قصائد الحب السومرية، تصوَّر إنانا امرأة شابة تعيش في منزلها مع والدتها “نينغال”. ووالدها “نانا، إله القمر في بلاد الرافدين”، وشقيقها التوأم ” أتو، شمش في السامية”. هو إله الشمس، المرتبط بمفهوم العدالة، وترتبط عشتار ذاتها بجرم سماوي ” فينوس، نجمة الصباح والمساء”، وشريكها الغرامي هو دوموزي “تموز في السامية” ، الذي يظهر في الأساطير بوصفه ملكًا راعيًا، ووالدة دوموزي هي الإلهة دتور، وشقيقته هي غيشتينانا. مع تعدد المصادر القديمة حول عشتار، فإنها مجزأة وغير كاملة ويصعب وضعها في سياقها. إن الطبيعة الإشكالية للأدلة حول عشتار تثير الدهشة، إذا نُظر إليها في ضوء مكانة الإلهة المرتفعة. تشتهر عشتار بظهورها في أشهر أساطير بلاد الرافدين: ملحمة جلجامش، وهبوط عشتار الى العالم السفلي.

(2) ملحمة جلجامش هي إحدى أقدم ملاحم الأدب في العالم، ونجت بعدة إصدارات. تروي القصة رحلة البطل الشاب جلجامش، وهو ملك نصف إله لمدينة أوروك.

عزوق موسى محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة