علاقة عدم إنجاب سيّدتنا البكرأمّنا عائشة بجريمة وخيانة الإفك
معمر حبار
تاريخ النشر: 01/07/23 | 18:34الكتاب: محمّد سعيد رمضان البوطي “عائشة أم المؤمنين، أيّامها وسيرتها الكاملة في صفحات”، دار الفارابي، المعارف، 1418ه-1997، دمشق، سورية، من 148 صفحة.
سيّدتنا أمّنا عائشة هي البكر الوحيد ولم تلد:
شرعت في قراءة الكتاب أيّام العيد، وأنهيت قراءته صباح اليوم، ووقفت عند ملاحظة لم يشر إليها الكاتب لامن بعيد، ولا من قريب، ولم أقرأها من قبل -فيما قرأت وأتذكّر- عند أحد، وأذكرها لأوّل مرّة في حياتي، راجيا السّداد والتّوفيق.
سيّدتنا البكر، والصّدّيقة بنت الصّدّيق أمّنا عائشة رحمة اللّه ورضوان الله عليها، هي الوحيدة البكر من ضمن سيّداتنا أزواج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأمّهات المؤمنين رحمة الله ورضوان الله عليهن. ولم يتزوّج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بكر غيرها.
في المقابل، لم تنجب سيّدتنا أمّنا عائشة الولد وهي البكر. وتعرّضت لجريمة وخيانة الإفك، وهي الوحيدة من نساء سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم التي تعرّضت لذلك.
سؤال القارىء المتتبّع: هل هناك علاقة بين جريمة وخيانة الإفك، وعدم الإنجاب؟
من حكمة الله تعالى أنّ سيّدتنا البكر، والصّدّيقة بنت الصّدّيق أمّنا عائشة لم تنجب. والسّبب -فيما وصلت إليه ولغاية هذه الأسطر-، أنّها لو أنجبت وجاءت بعدها جريمة وخيانة الإفك لظلّت -وإلى يوم الدين- تلعن، وتلعن ذريتها من طرف غلاة الشيعة، والمبغضين، والحاقدين على أسيادنا الصّدّيق، والبكر، والصّدّيقة بنت الصّدّيق.
غلاة الشيعة، وكلّ حاقد مبغض اتّهموا -وما زالوا- يتّهمون الطّاهرة، والشريفة، والبكر أمّنا عائشة بما ليس فيها، وقد برّأها الله تعالى من فوق سبع طباق وهي لم تلد. كيف لو ولدت؟.
لم يكتب لسيّدتنا البكر، والصّدّيقة بنت الصّدّيق أمّنا عائشة الولد من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. لكن كتب لها الطّهر، والعفاف، والنّقاء، والشّرف، والبياض قرآنا يتلى آناء اللّيل وأطراف النّهار، وإلى يوم الدين.
من المصائب العظيمة التي لاتطيقها الجبال، أنّ سيّدتنا البكر أمّنا عائشة اتّهم لأجلها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بما ليس فيه حين اتّهمه غلاة المستشرقين، والغربيين من جنسيات مختلفة، والصهاينة، وكلّ مجرم مغتصب محتلّ، وبعض بقايا العرب بأنّه تزوّج “قاصر؟ !”، واستنتجوا منها أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كذا، وكذا.
واتّهمت الطّاهرة، والنّقية أمّنا عائشة فيما بعد، وهي زوج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بجريمة، وخيانة الإفك.
ومن هنا كانت المصيبة عظيمة، لأنّها أصابت الزوج الطّاهر والنّقي سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ثمّ أصابت الزوجة الطّاهرة النّقية أمّنا عائشة حين اتّهمت بجريمة وخيانة الإفك.
جريمة وخيانة الإفك وليس “حادثة الإفك”:
قرأت للأوّلين والمتأخرين من أسيادنا المحدثين، والفقهاء، وعلماء التراجم، والمؤرّخين رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، استعمالهم لمصطلح “حادثة الإفك؟ !”. وفضّل القارىء المتتبّع استعمال مصطلح “جريمة وخيانة الإفك”. وحجّته في ذلك أنّ فراش سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، طاهر، ومقدّس، ونقي، وعفيف. ومن تحدّث عنه بما ليس فيه فهو المجرم الخائن، وليس حادثة عابرة كغيرها من الحوادث العابرة.
وزوج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأمّهات المؤمنين جميعا ودون استثناء، ومنهم سيّدتنا البكر أمّنا عائشة عرض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو المقدّس، والطّاهر، والنّقي، والعفيف. ومن تحدّث عنه بما لايليق به فهو الخائن المجرم، وليس حادثة عابرة كغيرها من الحوادث العابرة.
رأي الأستاذ محمّد سعيد رمضان البوطي في جريمة، وخيانة الإفك:
انتظر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلّ المصائب، واستعدّ لها إلاّ مصيبة الإفك. ولم يكن يتوقعه ولم يستعدّ لها. “ومن هنا كانت أذية الإفك أبلغ في تأثيرها في كلّ من عاداها”. 52
سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لايتحكّم في الوحي، ولو كان كذلك لأنزل وحيا في حينه يدفع عنه وعن زوجه. لكنّ الوحي تأخّر مدّة شهر، ولم يستطع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لنفسه، ولا لزوجه شيئا.
تدل حادثة الإفك على أنّ القرآن الكريم كتاب الله تعالى، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم مبعوثا للعالمين، والصّادق الأمين، وأنّ سيّدتنا أمّنا عائشة طاهرة نقية من قبل، ومن بعد ماتزوّجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأنّ آل الصّدّيق أهل أن يكونوا أصهار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأفضل وأعزّ صاحب لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
سأل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصحابه عن كيفية التخلّص من التّهمة التي مسّته، ومسّت أهله من خلال حادثة الإفك. ولم يسأل أبدا، ومطلقا هل زوجه سيّدتنا أمّنا عائشة فعلت ذلك أم لا؟ وهو أعلم بطهارة أهله. 63
قول الله تعالى: ” اِنَّ اَ۬لذِينَ جَآءُو بِالِافْكِ عُصْبَةٞ مِّنكُمْ لَا تَحْسِبُوهُ شَرّاٗ لَّكُمۖ بَلْ هُوَ خَيْرٞ لَّكُمْۖ لِكُلِّ اِ۪مْرِےٕٖ مِّنْهُم مَّا اَ۪كْتَسَبَ مِنَ اَ۬لِاثْمِۖ وَالذِے تَوَلّ۪يٰ كِبْرَهُۥ مِنْهُمْ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞۖ”، سورة النور، الآية 11. يدل على أنّ ماقيل في حقّ سيّدتنا أمّنا عائشة أفك مبين، وأنّ الإفك لايحتاج إلى أربعة شهود.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار