إنه الفلسطيني… الإنسان والمقاوم
أحمد حازم
تاريخ النشر: 06/07/23 | 19:20أسراب من الطائرات المُسيَّرة والحربيَّة، ومئات الآليَّات العسكريَّة الثقيلة من جيبات ومجنزرات وجرافات تستخدم لأول مرة في جنين، وأكثر من ألف جندي إسرائيلي شاركت في العدوان على مخيم جنين، الذي لا تتعدَّى مساحته كيلومترًا واحدًا، بمعنى أن المحتل استخدم جنديا مدججاً بالسلاح لكل متر في المخيم، الذي يواجه سكانه العزل باستمرار عمليات من جيش مصنف أحد أقوى جيوش العالم. تصوروا هذه المعادلة. ورغم ذلك لم يستطع هذا الجيش قهر فلسطيني جنين. أنه الفلسطيني المقاوم.
وفي الوقت الذي كان فيه أبناء المخيم يواجهون شراسة المحتل، كان من المفترض بأجهزة الأمن الفلسطينية الوقوف إلى جانب أبناء جلدتهم والتصدي للمعتدي. لكن بدلاً عن ذلك، قام أفراد من هذه الأجهزة، باعتقال مواطنين من بلدة جبع قرب جنين، وهما في طريقهما إلى جنين لإسناد المقاومة. مرة أخرى تصوروا هذه المعادلة. جيش يقصف مخيما فلسطينيا وأجهزة فلسطينية تعتقل فلسطينيين خدمة لهذا الجيش. أمر لا يستوعبه العقل.
الفلسطيني يفكر بأخيه الفلسطيني دائماً حتى في معارك الكرامة ضد المحتل. شاب فلسطيني من مخيم جنين ترك رسالة مؤثرة في منزله في المخيم، يرشد فيها المقاومين في حالة دخولهم إلى منزله للتخفي من ملاحقة قوات الاحتلال الصهيوني. قال فيها:”الأكل والمونة وجاد في الدار وفي البراد. في باب خلفي بيطلع على حوش جيرانا لو بدكم تنسحبوا. وفداكم الدار طوبة طوبة، المهم تظلكم بخير. وفي 700شيكل في الفريزر لو لزمكم مصاري. الله يحميكم وياخذ بيدكم.” انه الفلسطيني الإنسان.
قال لي أحد الأصدقاء ان الأوضاع لم تعد قابلة للتحمّل على الصعيدين العربي والفلسطيني , ولا يمكن البقاء والإبقاء على ما هو عليه في هذه الحالة الاسرائيلية الدامية . نعم هو كذلك. أنظمة الجامعة العربية ميؤوس منها. هذا أمر نفهمه، لكن أين الأحزاب والقوى الوطنية – القومية العربية؟ لماذا لم تنزل الى الشارع، لماذا لم تقم بمظاهرات ضد ما حدث في جنين؟
في السابق كانت هذه الأحزاب والقوى تقوم بمظاهرات احتجاجية عارمة أمام السفارات الأمريكية وأمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة ومنظمات الاغاثة. واليوم لا نرى ردود فعل مشابهة. لماذا؟ هل أصبحت المواقف مثل كلّ شيءٍ قابلٍ للتغيير لدى الأحزاب القومية وقياداتها وحتى لدى البشر”؟ أمر معيب.
اسمعوا مهزلة ونفاق المجتمع الدولي الذي بطبيعة الحال يكيل بمكيالَيْنِ: “من حقِّ الكيان الصهيونيِّ الدِّفاع عن نَفْسِه”. عن أي حق يتحدثون؟ كيف يمنكن للمعتدي أن يدافع نفسه؟ كيف يمكن لمعتدي قام
باجتياح مخيَّم وارتكب خلال ذلك جرائم الاغتيال والاعتقال ضدَّ الأبرياء، أن يدافع عن نفسه؟ “يا ريت يفهمونا كيف؟” الحقَّ في الدِّفاع عن النَّفْس يجب أن يُنسبَ فقط للفلسطيني وصاحب الحقِّ الأصيل في الدِّفاع عن نَفْسِه هو الشَّعب الفلسطينيُّ.
وأخيراً… أحسن وصف لقيادات السلطة الفلسطينية ولرجال الأجهزة الأمنية عندها بــ “الرجال الحائضة”.