الجزائريون المتغربون وحلفاؤهم الأغنياء الجدد
عزوق موسى
تاريخ النشر: 13/07/23 | 8:36في جريدة الزمان العربي السنة الرابعة (**) الأعداد :” 1095/1096/1097 ” ( بتاريخ : 10و11و12 ديسمبر 2001) . ابدع المؤرخ المميز المرحوم رابح بلعيد في بسط ما يقتنع به من الثورة الى الثروة ,بتهميش وتوثيق ومنهجية علمية تشعر انك امام كتاب موثق , وتناول الموضوع في حلقات ثلاث :
1- الحلقة الأولى : هواري بومدين أطاح بأحمد بن بلة عام 1965 على أمل تطبيق (الاشتراكية الجديدة ) تجعل الجزائر سويسرا افريقيا
2- الحلقة الثانية : اموال ومناصب سياسية مكافئة لكبار الضباط للاستقالة من جيش التحرير
3- الحلقة الثالثة : التطور الاقتصادي والاجتماعي في جزائر ما بعد التحرير قاد الى انقطاع مرير عن قيم الماضي
وسنحاول قراءة كل حلقة في منشور .
في مقدمة ثابتة للسلسلة :
قال :” لكي نفهم كيف تحولت الثورة الجزائية في غضون فترة قصيرة من ثورة جبارة الى نظام اجتماعي عليل , يجب العودة الى عام 1962م ( الاستقلال ) .
ثم يذكر أربع أسباب لإنشاء نظام اجتماعي جديد على أساس العدالة الاجتماعية وفقا للشريعة الإسلامية وهي :
1- استردت الجزائر استقلالها في أعقاب ثورة جبارة بدأت بصيحة الجهاد
2- استردت الجزائر سيادتها القومية المغتصبة بتضحيات ثقيلة
3- الشعب الجزائري شعب مسلم
4- وهذا السبب هو الأهم وهو ان 90 %من الثروات الجزائرية كانت بأيدي المستوطنين الفرنسيس انتقلت إلى الدولة الجزائرية الفتية .
والى هنا يعرف لنا العنوان والمقصود بالمغتربين : بأنهم من القلائل ” الميسورين” الذين ينتمون من الناحية الثقافية والاجتماعية إلى الذين عُرفوا :” بالجزائريين المغتربين “. وثروتهم يومها على كل حال قليلة مقارنة مع الدولة الجزائرية التي اعتمد اقتصاد مخطط ومنظم , وتعمل للصالح العام .
وكان بن بلة مع نهج الاشتراكية العلمية ( وان تراجع لاحقا ) . حيث نص اول دستور 1963 على تبني الاشتراكية
الحلقة الاولى : المستوطنون الفرنسيون كانوا 10% من السكان لكنهم سيطروا على 90% من الثروات ؟
هواري بومدين أطاح بأحمد بن بلة عام 1965 على أمل تطبيق (الاشتراكية الجديدة ) تجعل الجزائر سويسرا إفريقيا
مقدمة خاصة بالحلقة الاولى :
ويخلص فيها إلى التحالف المستحيل بين الفلاحين والشيوعين , بما صرح بن بلة في إحدى خطبه :” ان اشتراكيتنا علمية , لكنها تأخذ في الاعتبار خلفيتها العربية الإسلامي” .
1. الاشتراكية العلمية :
وكيف ان بن بلة وصل حتى الى مدح الشيوعين بقوله :” إني اشعر بكثير من الاحترام تجاه المناضلين الشيوعين ..”. لكن الشيوعيون على عكس افتراض بن بلة الساذج هدفهم تدمير القيم المعنوية والثقافية والروحية للشعب الجزائري
2. الشيوعيون الجزائريون :
الغريب انه يتطرق تحت هذا العنوان الى موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائرين ( ويصفهم بالشيخ المسن البشير الابراهيمي وسائر قادتها ؟) من بن بلة والاشتراكية وانه اصابهم الذعر حتى انهم تحالفوا مع فرحات عباس وأتباعه الجزائرين المغتربين ( وهنا ايضا يضيف وصف جديد للمغتربين) . ويذكر أسباب عدة تجعل الاعتقاد بان الحقيقة لم تكن خوف العلماء من الاشتراكية على ضياع وسلامة القيم من التحالف بين الشيوعين وبن بلة , وإنما خوفهم الحقيقي كان على مصالحهم المادية الأنانية ؟ ويذكر بتحالف العلماء 1936 مع الشيوعين ضد الوطنيين . كما يذكر بامر الشيخ البشير اتباعه بالتصويت للشيوعيين المعارضين لحركة انتصار الحريات الديمقراطية عام 1946 ( ويرفق وثيقة 1و2 )
3. إطاحة بحكم بن بلة :
على غرار بن بلة واصل بومدين بعد الانقلاب عليه نهجه الاشتراكي ونص على ذلك في دستوره 1976 لكن كان من السذاجة ان يعتقد حقا بان في وسع الجزائر باعتبارها دولة اشتراكية ان تلحق بالعالم الغربي من الناحية التكنولوجية , وتصبح بالتالي بمثابة سويسرا افريقيا ( تهميشه 05).
ويقيم المرحلة البومدينية في الاشتراكية ويصفها بعدم النجاح , وأنها وبدلا من تعزيز العدالة الاجتماعية بين الشعب الجزائري فانها نجحت في خلق طبقة بورجوازية فريدة من نوعها ( تمثل 06 % من مجموع السكان , واستحوذت على 90 بالمائة من ثروة الجزائر) . ومنها تكون مدخل الى العنوان التالي ( وهذا أيضا أسلوب مفيد )
4. الطبقة البرجوازية :
يصف الكاتب الطبقة البرجوازية الحديثة من المغتربين الجزائرين بانها وريثة المستوطنين الجزائريين ودورها السياسي والاجتماعي , ويبين ان ذلك كان بفضل الجهاز الإداري الذي ترجع جذوره لعام 1956 ( 6) وسيطروا تماما على الدولة الجزائرية المستقلة , وشعروا ان اهم طريقة لتدمير قيم الشعب الجزائري المعنوية والثقافية والروحية , تتمثل في تزويج بناتهم “المتمدنات ” من قادة الثورة ” الأميين الأفظاظ “(7) , وبذلك حصلوا على الاعتراف بهم (8) . أما الزوجات القديمات فقد اعطوا راتبا مريحا (9)
وهنا يختم دون الإشارة إلى موضوع الحلقة الثانية في السلسلة ؟ والتي سيعنونها : ( أموال ومناصب سياسية مكافئة لكبار الضباط للاستقالة من جيش التحرير) . فالى لقاء .
—- تهميش —
(*) الدكتور رابح بلعيد (1927-2014) مؤرخ جزائري ، من القلائل الذي درسوا في امريكا ( بالصدفة ). حيث التحق سنة 1953 بجامعة سان فرانسيسكو وعمره 25 سنة، وبعد أربع سنوات من الدراسة وبالتحديد يوم 23 أغسطس 1957 تخرّج منها بشهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية· تحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة سنة 1976، التي أشرف على مناقشتها بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة. ثم على دكتوراه الدولة في نفس الاختصاص ومن نفس الجامعة عام 1990.
ناضل رابح بلعيد في جبهة التحرير الوطني من 1954-1962 حيث كانت له خلال دراسته في الجامعة (في الولايات المتحدة الأمركية) اتّصالات مع وفد حركة انتصار الحريات الديمقراطية بالقاهرة وعلى رأسهم محمد خيضر، أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد· خيث طلب منه دماغ العتروس وعبد الحميد مهري المكوث في نيويورك لإستقبال وفد جزائري لعرض القضية الجزائرية امام هيئة الأمم المتحدة. رحل يوم 2 أغسطس 1958 إلى القاهرة في محاولة للدخول إلى الجزائر لكن دون جدوى، فاشتغل كمسؤول على القسم الإنجليزي في الحكومة الجزائرية المؤقتة من 1958 إلى 1962 بالقاهرة، وكان رئيس وفد الطلبة الجزائريين في القاهرة. عيّنه الدكتور محمد الأمين دباغين مسؤول على أرشيف لجنة تحرير المغرب العربي وجبهة التحرير الوطني . دخل سنة 1962 إلى الجزائر، حيث كان نائب رئيس الشؤون الخارجية للإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين بين 1962-1963.عاد بعد عامين إلى القاهرة لمواصلة الدراسة حيث نال شهادة الماجستير، ثم قرر بعد انقلاب 19 جوان 1965 . لم يعد إلى الجزائرالا عام 1980 اين انضم إلى قسم العلوم السياسية بـجامعة باتنة حيث عمل استاذا جامعيا.
من كتبه :
1) الحركة الوطنية الجزائرية 1945- 1954م، أطروحة الماجستير.
2) هوية الجزائر العربية الإسلامية -أطروحة الدكتوراه.
3) فرحات عباس حصان طروادة الثورة الجزائرية -دراسة.
4) الجذور التاريخية لظاهرة العولمة -دراسة.
5) الصراع بين الحضارة الغربية والحضارة العربية الإسلامية -دراسة.
6) فرنسا والعالم الإسلامي -دراسة.
7) المذكرات.
azzaman Arabic daily newspaper vol/4.UK.issue 1095 Monday 10/12/2001 (**)
—- من تهميشه ( هوامش وايضاحات ) —-
(1) المجلة الاسبوعية العربية الدولية بتاريخ : 04-07-1981 ص 26: اعتراف بن بلة بانه من الخطأ الفادح القول بان الاشتراكية العلمية يمكن غرسها في شعب مسلم .
(2) خطبة القاها بن بلة بتاريخ : 12-08-1963 المرجع : وزارة التوجيه القومي ص 132
(3) المرجع السابق
(4) روبرت ميول : بن بلة ص 166
(5) المادة الاولى من الدستور 1976
(6) انشأ حاكم الجزائر العام روبير لاكوست في 1956 الجهاز الاداري الموروث حاليا
(7) انظر رسالة الماجستير غير المنشورة ؟ للدكتور بلعيد رابح الحركة الوطنية الجزائرية 1930-1954 ص ص 510-520
(8) للحصول على العضوية الدائمة في جيش التحرير الوطني وجبهة التحرير عليك فقط بثلاث توقيعات من الاعضاء الدائمين للجبهة .
(9) كان الوشم يعابر من دلالات الجمال
عزوق موسى محمد