التحرر الديمقراطي من الصهيونية – 1 –
ممدوح اغبارية عضو اللجنة الشعبية - ام الفحم
تاريخ النشر: 13/07/23 | 17:59شغلت الصهيونية بحق، عقل المواطن العربي، عقودا من الزمن. الصهيونية بالأساس فكرة ايدلوجية عن اليهود وفلسطين جندت يهود العالم بخدمة الفكرة الايدلوجية الصهيونية. الانتصار على الصهيونية يبدأ فكريا من خلال التفكير بالتغلب على الصهيونية، من هنا ننطلق عن محورية المساهمة في المساهمة التالية ، الحاضر عن الانتصار فكريا على الصهيونية.
الفكر السياسي نتاج التجربة الميدانية، لا يمكن أن تعيش فكرة إلا إذ عبرت عن واقع الناس وآمالهم الاجتماعية في عيش أفضل. دولتنا التي نعمل ونقاوم لأجلها دولة ديمقراطية عصرية حقيقية، فيها حلول مثلى للشعوب في الداخل المحتل، دولة تحوي في في طياتها الحل السياسي للتحديات المجتمعية مثل الابرتهايد والاحتلال والعنصرية والعنف والأرض والمسكن والهوية والجنسوانية.
ومن هنا تبدأ الحكاية عن الحركة الصهيونية التي استطاعت بألاعيبها ودبلوماسيتها تحقيق أول انتصاراتها في الحصول على وعد بلفور عام 1917، هذا الوعد الذي منحته دولة عظمى “بريطانيا” لليهود، شكّل اول الخطوات الجدية في سبيل إقامة دولة إسرائيل.
حيث عملت الحركة الصهيونية بصورة مباشرة وغير مباشرة، نحو تكوين فكرة “إسرائيل” تمهيدا لتحقيق التوغل والتوسع من خلال بلورة مفهوم “أرض الميعاد” وإيجاد نوع من الاندماج ما بين واقع إسرائيل العيني والتاريخي من جهة، وبين المثال الأعلى او “اليوتوبيا” التي تصبو الى تحقيقها تحت شعار “الميثاق” الذي يقول سفر التكوين ان إبراهيم عقده مع “إله إسرائيل” من جهة ثانية.
ومن هنا جمعت الحركة الصهيونية العالمية “باعتبارها فكرة ودعوة وحركة” بين البواعث الدينية والخلاصية، التي ترسبت في عقيدتي انتظار مجيء المسيح المخلص، واليوتيوبية من الجهة الواحدة، والمطامع الأرضية والتوسعية “المستترة” من الجهة الأخرى. كما انها لم تتردد في ربط ذلك بعجلة الاستعمار وتكييف مطالبها وفقاً للمصالح الاستعمارية وانسجاماً مع طبيعة المناطق التي يمتد اليها النفود الاستعماري، ومبادئ السياسة التي تعتمدها الدول الكبرى في توجيه وتسيير شؤونها.
إن تاريخ الحركة الصهيونية حافل بالخدمات غير مجانية من تبادل المصالح والغنائم منها تبرع اليهود بتقديمها الى المانيا والامبراطورية العثمانية ثم الى بريطانيا، ثم الى الغرب عموماً، ثم الى الولايات المتحدة والغرب. ويبرز هذا النمط الاستعماري في الفكر الصهيوني والمستند الى حجة نشر الثقافة الغربية وأداء رسالتها حتى تصل حدودها العالم بأسره. ومنذ نشوء الحركة الصهيونية، كان روادها يفكرون بأنفسهم ويقدمون حركتهم على انها طريق للسيطرة على المنطقة.
كما استطاعت الحركة الصهيونية وبأساليبها الملتوية وبضغوطاتها واغراءاتها المستمرة وبالدبلوماسية المستترة والظاهرة، ان تقيم الدولة اليهودية على مناطق هامة من ارض فلسطين باعتراف الأمم المتحدة عام 1948، حيث تمكنت “إسرائيل” من فتح باب الهجرة الحرة والسريعة لليهود الى ارض فلسطين، بهدف زيادة عدد السكان اليهود واغتصاب معظم ارض فلسطين، وطرد أصحاب الأرض (الأصليين) خارج الحدود.
ولم تقف الحركة الصهيونية عند فلسطين المعاصرة، ارضا وشعباً، بل استهدفت سورية الطبيعية كلها انطلاقاً من فلسطين ومعاهدة “سايكس بيكو”، كما استهدفت الامة العربية انطلاقاً من سورية الطبيعية.
ومن هنا كان لا بد للأمة العربية ان تتمسك بالعروبة والهوية والبدء بمشاريع النهضة من اجل المقاومة ضد الحركة الصهيونية ومشاريعها الاستعمارية، وخاصة ان الأمة العربية منذ القدم ومنذ بدء التاريخ وحتى اليوم استطاعت ان تملك الإرادة والرؤية السليمة والقوة المنفذة. وحتى يتحقق الانتصار بالمقاومة فلا بد لهم ان يكتشفوا حقيقة وغايات المشاريع الصهيونية في تحقيق المشروع الصهيوني لأنشاء دولة يهودية في المنطقة العربية. وان الرد على مثل هذه المشاريع لا يكون بالاستسلام ولا بالرضوخ امامه على أرضية أوهام “السلام” واحلامه، وما يشاع من كلام الانبهار، الذي تحمله وعود الازدهار بادعاءات “السلام”، فلا بد للعرب ان يتحدوا بالقوة ليردوا كيد القوة، بنهضة شاملة، ووعياً علمياً بغايات العدو ومشروعه، وإرادة مصممة لبلوغ الهدف.
إن اهداف المشروع الصهيوني لم يكن من الأيام نزاعاً على حدود فقط، فالخطر الصهيوني الذي بدأ في فلسطين وانطلق منها لن يتوقف عند حدودها، ولكن يستهدف الامة العربية بأكملها من موريتانيا الى العراق، ولذلك كانت قضية فلسطين قضية قومية وستبقى كذلك. وهنا ينطبق مثل قضية فلسطين بقصة “أُكلت يوما أُكل الثور الأبيض”. وخاصة ان الخطر الذي يمثله الكيان الصهيوني المتحالف مع الاستعمار الأمريكي الجديد/ هيمنة على القرار الدولي والاقتصاد والاعلام والسياسة والقوة المعلوماتية والمال…الخ. لن يقف عند حدود منطقة واحدة، ولن يردعه الا نوع من الوقوف الحازم والقادر في وجهه بقوة شاملة – رادعة، وعدم التسليم بانه قهر الظاهر والباطن في وطننا وانتهى الى هزيمة الامة بصورة شاملة كاملة!
الدولة الديمقراطية العصرية – دولة الكل – شعار من داخل إسرائيل ينفي ملكية الدولة من اليهود، عودة الى قرار المواطنين، دولة تجاوب على نواحي مدنية تحمي الجميع من بطش الحياة والمنهجية العنصرية او أي تكتل عنصري ناشئ باسم مجموعات دينية او قومية ، حيث ان محتواها الديمقراطي يخاطب كل المواطنين من كل النواحي خلال ثقلهم الاستراتيجي المحمي من مقومات الحكم الديمقراطي العادل.
مقومات الحكم الديمقراطي العصري العادل، تعاوني، يهودي، متجانس، أصلاني، وحضاري، مكنونات الحكم الذي يمنح الفلسطينيين كل حقوقهم المشروعة والتاريخية مع تفهم عميق للطبع اليهودي الباحث عن حماية الدين اليهودي من الرأس مالية المتوحشة.
هذه هي الديمقراطية التي تهزم فعلا الصهيونية فكريا من خلال الإجابة على مقومات المشروع الصهيوني العنصري في مكنونات ديمقراطية تحمي اليهود أيضا بطريقة عصرية للا تعنصر عرقي من العرب او اليهود المنافي للقيم العصرية الديمقراطية.
نحن بحاجة حالا الى مشروع سياسي جديد ومنظم يحوي تطور المجتمع وجميع مالاته الى التكافل الإيجابي المدني الفلسطيني، هذا هو المشروع الذي يحمي الشباب من العنف ويعطيهم الامل بالإجابة على التطورات السياسي بفكر ديمقراطي حديث مثل دولة الكل.
تجاوزت حاجز التفكير عن مستقبل الأقلية القومية العربية، بين المواطنة الكاملة والعمق العروبي الفلسطيني، الى أفكار سياسية عصرية تتجاوز التنظيم الاجتماعي اللبرالي الماسك بافعال الهوية والمواطنة الى اقصاهما فقد وجدت بعد الاطلاع على استطلاعات وبحوث عديدة ، ان المواطن العربي في إسرائيل ، يريد ان يسجل مسائلة حقيقية للنظام الصهيوني ، حول واقع ومستقبل الجمهور العربي المغيب ولا يبحث عن تعريفات كلاسيكية فقد قطع العربي بعد ثورة المعلومات والأكاديمية الحرة بحورا حول هويته المدنية والقومية فتجد حقيقة ان لا فرق بين فئات من العرب في حزب العمل ومريتس والجبهة والتجمع والتغيير والإسلامية، كلهم بالايجاز السياسي يطمحون بدولة كل مواطنيها بجانب دولة فلسطين المستقلة مما شكل تعثر فكري، امام حركة التحرر القومي الديمقراطي في الداخل مما يدفعنا لاجتراح المشروع الجديد للمسائلة الجدية للصهيونية وفرز الفلسطيني الديمقراطي، الجديد المعادي للصهيونية الجديدة، التي تنهي النقاش الأول عن دولة المواطنين والهوية القومية، بانها تؤيد المطالب الشرعية للفلسطينيين مع قيام إسرائيل يهودية عادلة بملك يهود العالم مع الاقتراح للعرب من نواحي الهوية والتمدن بالامتثال بالحركات الدينية في إسرائيل –
1- الدولة التعاونية
هذا النوع من الأنظمة يحمي الجميع من خلال اشتراك كل الناس المعنية بمستقبل المنطقة في تحديد السياسات الداخلية والخارجية للحكم من خلال جسر التفاوت المنزلي خلال الاشتراك الكلي حتى بمقدراتك البسيطة في الحيز العام مما يضمن تمثيل ومسؤولية وسجال الكل على الحيز العام ، مما يحرج الصهيونية بان التعاونية الحقيقية بحاجة الى نقطة انطلاق متساوية للجميع حتى يشارك الكل ، مما يصعب على التفوق الصهيوني بالامتثال الاقتصادي والسياسي خلال نقطة الانطلاق المتساوية والتعاون الكلي مما ينازل الصهيونية مؤكدا على الطرد الطردي من المساحة السياسية بسبب الندية التعاونية، في النظام كونها نظام فاشيستي ينادي باعجاز اليهود الإنساني على كل المستويات.
أساسي المواجهة من خلال التصعيد الديمقراطي خلال التعاظم الفاشي للصهيونية، حيث يمكن من خلال ديمقراطية اكثر وبعدة اوجه خلال تبني القيم الديمقراطية، محاصرة دائرة الفاشية من خارج القوس الديمقراطي الحقوقي، نحو ادانة جنائية واجتماعية تحمي المجتمع من أي منهج فاشي.
التصعيد الديمقراطي، يبدأ بإلغاء كل دوائر التسلط من الديمقراطية المركزية والتمثيلية المبنيات على الدورية والاعتراف بالجميع في دولة كل مواطنيها القديمة، الى دولة المواطنين الجديدة، دولة الكل ، المبنية على حق تقرير المصير والشراكة الأساسية.
الفرق بين الحالتين النموذجيات لدولة المواطنين القديمة والجديدة، ان الأخيرة لا تبحث في التغييرات البنيوية للمساواة التي حولت مشروع المقاومة للصهيونية الى نزال قوى متوارد مع الصهيونية أي ان مطلب المساواة المدنية حول أداة المقاومة الشعبية الى أداة إدارة للصراع بدل المقاومة في الصراع، خلال مرور الوقت من غير حسم وطني، حيث ان دولة المواطنين الجديدة، تملك مشروع عن أهلية أصحاب الأرض بالتملك على البلاد التاريخي من خلال المشاركة السياسية التامة وحق تقرير المصير في الديمقراطية التعاونية.
2- يهودية الدولة
تجاوزت قلة من الجمهور العربي الجمود الفكري عن مسألة يهودية الدولة والمساواة، اذ ان يمكن تحقيق المساواة بدولة يهودية نحن نطالب فيها، تكون بالشروط التالية، بملك كل مواطنيها وليس يهود العالم، أي يهودية بيد المواطنين، مما ينفي أي تعنصر ضد اليهودية كمكون حضاري مرحب به، بالإضافة الى تغيير قانون العودة اليهودي لأن يشمل الجميع عرب فلسطينيين ويهود نحو الدولة اليهودية الديمقراطية ، هذا ما نقوله عند اتهامنا بالاقصاء السامي أي اللا-سامية بالإضافة اننا ساميون، يمكننا الادعاء، بأننا نرحب بدولة يهودية مثل تونس ومصر المسلمات لكل مواطنيها الى تغيير قانون العودة العنصري لان يشمل الجميع في العودة الى البلاد.
أي تعصب بحاجة الى انفتاح اكثر حتى تلامس غيبوبته لا بد لليل ان ينجلي ولا بد في اليهود صاحي وصاحب وواعي، يسمع المشروع الجديد ويمد يده للسلام، سلام المقاومة.
يلعب الدين دور المرجعية القيمية للسلوك والقرار في حياة ملايين الناس بالذات في اسرائيل. يقوم الدين بضخ السلوكيات والقيم بمرجعيات الاهية تساعد البشر بفرز الصواب والخطأ عند اي مفصل نحتاج الله له. الدين مركزي والتغاضي عن أهلية الأول بالوجود بيننا كاليسار المتحجر، طم للروس بالرمال، ودق مسمار اخر بنعش، أي تغيير يقوده اليسار والمدنيين واللبراليين والاشتراكيين.
أكتب هذا البند لأبين كيف نحافظ على الدين بيننا ونخلصه من اطماع السياسة باستعمال كلام الله شرعية لأي فِعِل سياسي أهوس او سلفي نحو تعزيزه الحكومي المحوري. 3 خطوات تساعدنا على تخليص الدين من السياسة مع الحفاظ عليه مرجعية ايمانية لمن اراد وسلوكية لمن شاء. أولا انهاء تأثير الاحزاب على الرمزية الدينية_ الخطب الاسبوعية. الجمعة والسبت والاحد أيام مقدسة للجميع والنأي بالمجتمعين عن الفرز على اساس فئوي الا لمصلحة العموم باستشارة جماعية لمكونات الطيف الاجتماعي – من شأنه حفظ الدين مرجعية وتخليصه من مطية التحشيد العاطفي. تستخدم القيادات الدينية المحسوبة على حركات وجهات سياسية المنبر في الكنيس والجامع والكنيسة لاستعطاف التأييد لأفعال الحركات الدينية بالاستثمار الفئوي او حتى الاصلاح باسم الحزب الفلاني. يصبح المصلين مورد للجهة السياسية للأمام بدل ترجمة صلاة الجماعة الى عنصر جمع للفرقاء تحت لواء الأمة/ نصبح تبعا لحزب متطرف دينيا يريد لنا الخلافة، بلا استئذان الرأي.
تحديد الثوابت الوطنية للمجتمع الجماهيري، باتباع منظمة التحرير ومطالبة كل الفصائل الدينية في الداخل، حذو طريق حماس – بتمدين الخطاب وتبني مجتمع الحقوق اللبرالية تحت الثوابت الاجتماعية للجنة المتابعة. المضي بخطاب فوق وحدة الجماهير يدعو لاعادة القدس بمقدساتها كلها، من الذهنية الوطنية كعاصمة فلسطين الى جماعة عاصمة الاسلام وبلاد الحجيج المسيحي، بالتأكيد دعوة مفتوحة للاحتراب الديني ووتر تعزف عليه قوى الظلام الاستيطانية. الحركات الاسلامية بما سبق عليها التغير والتغيير مضمون وغلاف الان.
القيام بإحياء المناسبات الدينية تحت غطاء مدني-جماعي حتى يشعر الجميع ان في الدين مساحة للكل وليس فقط للشيخ المقيم في المعرفة السلف، نهايةً ندعو للإسلاميين والحركات اليهودية بصواب البينة من السبيل، حتى لا تقول العرب فجعت قلوب الفلسطينيون بخسارة وطن ضاق بالقادة الانعزاليين.