يوم استقلالهم نكبةٌ للأقصىى!
تاريخ النشر: 07/05/14 | 20:39الجو خماسيني مغبّر،طائراتٌ حربية تحلّق بعلوٍ منخفض فوق الأقصى،نساءٌ يقعن على الأرض إثر إصابتهن،رجلٌ واحد يحيط به عشرة جنود يوسعونه ضربا ومن ثم يعتقلونه،إمرأةٌ يملأ ثوبها الدم وتصرخ متوجعة،أصوات تكبيراتٍ تملأ المكان . وكلما ألقى جنود الاحتلال قنابلَ صوتٍ وغاز لتفريق المصلين،تعلو كلمات:”الله أكبر ،ما تخافوا ،ما تهربوا منهم “.
كل هذا حدث عند باب المسجد الأقصى الذي أغلق في وجه طلاب وطالبات مصاطب العلم والمصلين بيوم “إستقلالهم “،أما بالنسبة للأقصى ورافديه فقد كان يوم نكبة،فهم منذ عصر اليوم السابق لم يدخلوه،أغلقت جميع أبوابه بالكامل،بينما سُمح لقرابة تسعين مستوطنا بتدنيسه واقتحامه ،ولم يسمح حتى لمن جاوز الخمسين عاما من المرابطين الصلاةَ فيه .
معظم الإصابات في ذلك اليوم كانت بين كبيرات السن من النساء،لم يرقب جنود الاحتلال حرمةً لعمرهن ولا ضعفهن،وكل جنايتهن أنهن عزمن الدخول إلى مسجدهن وقلنّ: “الله أكبر”.
“المرة الثالثة أريدها شهادةً في الأقصى”.
حياة الزغير -62-عاما،ذهبت لتصلي في الأقصى،لكن الاحتلال منعها من هذا الحق،أصرّت هي وأخواتها عل الدخول ،فقام الجنود المدججين بالأسلحة بدفعها بكل قوة، وأصابوها في ساقها بقنبلة مطاطية، تمزقت الأوتار والألياف العضلية ،وخارت قواها أرضاً.
تقول حياة والعزم يملأ محياها :”هاي مش أول مرة ،في أحد المرات دفعوني على الأرض ووقعت على رأسي، وأغمي علي،بس المرة الثالثة بدي إياها شهادة في ساحات الأقصى إن شاء الله “.
حتى الشابات لم يسلمن من الأذى.
آسيا أبو اسنينة ،شابة في مقتبل عمرها ،فوجئت بمجندة احتلالية تضربها بهراوة من الخلف على ظهرها ،ومن ثم يقوم أحد الجنود بركلها على قدميها بكل وحشية .
تقول آسيا:”استمر الجنود بتفريقنا عند أبواب الأقصى،وقاموا بضرب القنابل الصوتية والمطاطية ،فانسحبنا إلى الوراء،ومن شدة الركض والتعب ،انهارت قواي وسقطت أرضيا مغشيّا عليّ وتم نقلي إلى المشفى،”.
“هذه الإصابة لن تبعدني عن الأقصى”.
إحدى الطالبات 53 سنة –الاسم محفوظ لدينا –منعها الاحتلال من الدخول إلى على الرغم من تجاوزها خمسين عاما.قالت :”الجندي الذي منعني كان عربيا ،وفجأة بدون سابق إنذار شرعوا يطلقون قنابل عشوائية ،بدأت النسوة تهربن،ورأيت الجنود وهم يعتقلون شابا صغيرا
ويستمرون باطلاق القنابل،وباغتتني قنبلة مطاطية في ساعدي ونقلوني إلى المشفى”. حتى بعد ساعات من الإصابة لم ينقطع الألم ونزيف الدم عن ساعدها الأيمن،تقول :”الله ستر ما تفتت العظم،لدي صديقة أصيبت في قدمها وتفتت عظامها ” .لم تتعرض الطالبة فقط لهذا الاعتداء بل إنها اعتقلت سابقا عل أحد أبواب الأقصى بحجة انها “مطلوبة”..
“هذه الإصابة لن تبعدني عن الأقصى،بل إنها زادتني حبا وجاهزية للتضحية من أجله “،أضافت بكل قوة وتحدٍ.
حُرِق حجابها من القنبلة.
فاطمة أبو طير -60عاما-،أرتنا حجابها الذي كانت تلبسه وقت إصابتها،حروقات بادية على قماشته،تقول:”كنت أرابط على باب الأقصى لأنهم منعوني من الدخول،حملت المصحف بيدي اليمين وشرعت بالتكبير ،تعمدني الجندي بقنبلة مباشرة على يدي ،شعرت بدوار يسري في رأسي ولم أعد أسمع شيئا ووقعت أرضا “.
زرنا فاطمة في بيتها ،روت لنا إصابتها ومن ثم دعت أحفادها الصغار ،وبدأت تشرح لهم ما فعله الجنود بالأقصى وتقول لهم :”أول ما أطيب رح أرجع على الأقصى وأخدكم معي،المسجد هذا لنا وليس لهم “.
إصابة في اليد والقدم والظهر.
خليل عبّادي،أصيب عدة مرات سابقا ،لكنّ هذه المرة كانت الأكثر وحشية ،يقول عبّادي عن اصابته:” في لحظة مفاجئة هجمت قوات الاحتلال على الطلاب وشرعت عشوائيا بإطلاق القنابل علينا ، وبدون سابق انذار ألقوا قنبلة صوتية على رجلي فأصيبت بحروق ،حاولنا بعدها الابتعاد فباغتوني بقنبلة أخرى قنبلة على يدي ففتحت جرحا عميقا،ومع أنني كنت مصابا بعدها ضربوني قنبلة مطاطية على ظهري أيضا”.
خليل يقول أن هذه الوحشية تزداد يوما بعد يوم ،محاولةً منهم لإرهاب الطلاب وزرع الرعب في قلوبهم . ويضيف بنبرة قوية :” هذا يزيدنا يقيناً على يقين باقتراب موعد النصر ،واعتدائهم على العزّل يؤكد ضعفهم وفشلهم في ثني الطلاب .”
كل هذا يدق ناقوس الخطر –الذي اهترأ من الدق!- بخطورة تطبيق التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى،فكلما أراد الاحتلال إغلاق المسجد يُغلق ويمنع أهله من دخوله،ليس هذا فحسب ،بل إن احتجاز الهويات ونقلها إلى مركز القشلة أصبح أمرا روتينيا .
اعتداءات جسدية ولفظية على الطالبات والطلاب،اعتقالات وتحقيقات ،كل هذه الحقائق تصرخ بأعلى صوتها للعالم العربي والإسلامي:”أنقذوا الأقصى قبل فوات الأوان “.
ونكبه لكل فلسطيني