الحج.. طاعة أم رغبة دنيوية
تاريخ النشر: 14/11/11 | 1:05الحج عبادة شرعها الله عز وجل لعباده وفرضها على من يستطيع إليها سبيلاً، فمن أدّاها بشكلها السليم أصبح كمن ولدته أمه، خالياً من الذنوب والمعاصي..ولكن ماذا لو تخللها بعض الرياء والأخطاء؟ فمن الناس من يحج بهدف التفاخر ومنهم يكرر حجه مستغلا مكانته ومنصبه، وآخرون حجوا وعادوا إلى الذنوب، فينسون قول رسول الله ” أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين”.
يقول أحد المواطنين بتذمر:”سجلت للحج منذ خمسة أعوام وفي كل مرة ينتابني الإحباط لعدم خروجي مع أفواج الحجيج إلى تلك الديار المقدسة، في حين أن أحد جيراني الذي يتبوأ منصباً رفيعاً في عمله يكرر حجه في كل عام، وأنا أنظر إليه بكثير من الحسرة”، موضحاً أن جاره يتفاخر بذلك باستمرار.
لا بأس في تكرار الحج كونه عبادة جليلة ثوابها عظيم حيث بين الله أن الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة، لكن المطلوب من المسلم الحج لمرة واحدة فقد قال النبي: “أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم”.
فالحج واجب مرة واحدة في العمر وتكراره جائز بشرط ألا يكون سبباً في تضييع حقوق الآخرين من خلال استغلال المرء لمنصبه أو معارفه، ومن يقوم بذلك فهو يدخل في دائرة الإثم، لاسيما أن أعداد الحجاج محسوبة بنسب معينة لكل بلد، فمن استغل منصبه للحج لأكثر من مرة فهو كحال من يبني قصراً ليهدم مصراً-وفقاً للدكتور الطويل، معتبراً أنه إن أراد الحج مرة أخرى فليسجل كما بقية الحجاج فإما أن يقدره الله له أو لا. وعلى من ينوي تكرار الحج بأن يتصدق بنفقته وتكاليفه على الفقراء والمساكين، “ففي مثل أحوال الناس اليوم فقد تكون الصدقة في نفقة الحج وتكاليفه أعظم أجراً من تكراره”.
يذكر أن عبد الله بن المبارك كان في ركب من الحجيج قاصداً بيت الله فوجد صبية تبحث في القمامة فأمسكت بطير ميت فتوجه إليها وسألها عما تفعل فعلم بضيق حال عائلتها وفقرها الشديد، فأمر كل الحجاج أن يتصدقوا بما معهم من أموال على أسرتها، وقال لهم :من فعل هذا فقد قبل حجه وغفر الله له ذنبه.
ان الحج عبادة من العبادات وأي عبادة لا يقبلها الله إلا إذا اجتمع بها شرطان، الأول أن تكون خالصة لوجه الله تعالى فالنبي عندما نوى الحج في حجته الوحيدة “قال لبيك اللهم حجة لا رياء فيها أو سمعة” فأن يحج الحاج لغرض دنيويّ فلا ثواب له على عمله”، وأما الشرط الثاني فيتمثل في أن يكون العمل موافقاً لشرع الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن حج من أجل أن يقال له “حاج” فهو يفسد حجه ويجعله موزوراً غير مأجور”.
يوجد بعض الحجاج الذين يعودون إلى ارتكاب الذنوب والمعاصي بعد عودتهم من الديار المقدسة، مع أن الأصل في الحاج أن يتوب إلى الله توبة نصوح، والأصل فيمن ذاق لذة عبادة الحج واستشعر حلاوة الطاعة في تلك البقاع المقدسة أن يتذكر أن الله من عليه بنعمة يتمناها ملايين الناس، فليحافظ على حجه ويداوم على الأعمال الصالحة.
أن من علامات قبول العمل وصله بالطاعة فيما بعد، “فانظر إلى حالك بعدما تعود إلى ديارك، هل أنت ملازم لعباداتك تصلي على الدوام، وتصل رحمك، وتحسن إلى جارك…؟ فأنت الأقدر على معرفة ما إن كان حجك قد قبل أم لا”.