تموز الثورات عندهم وتموز القتل عندنا
أحمد حازم
تاريخ النشر: 01/08/23 | 13:02للشهور حكايات في الثقافة العربية، وللشهور روايات في التاريخ عربياً كان أم أجنبياً. شهر تموز الذي فيه “بتغلي المي بالكوز” حسب المثل الشعبي الفلسطيني، هو شهر الثورات العربية والعالمية. ففي الثالث والعشرين من تموز عام 1952 انفجرت الثورة المصرية ضد نظام الملك فاروق، وأصبحت مصر جمهورية. وفي الرابع عشر من شهر تموز العام 1958 اندلعت الثورة العراقية ضد الملكية، وحل محلها نظام جمهوري. وما دمنا في الحديث عن تموز العراق فلا بد لنا من الحديث عن ثورة 17 تموز 1968 التي قادها صدام حسين في العراق.
وعلى الصعيد الثقافي عرضت في بغداد في العاشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1968، أول مسرحية في العالم العربي تحمل اسم “تموز يقرع الناقوس” تتحدث عن ثورة بابل على النمرود في تلك الفترة، والتي قادها الفتى البابلي تموز الذي تزعّم هذه الثورة”.
على الصعيد الأوروبي توجد مكانة أيضا لشهر تموز لدى فرنسا. ففي الرابع عشر من تموز/يوليو 1789، اجتاح الباريسيون سجن الباستيل (Bastille) ضمن أحداث الثورة الفرنسية التي أسفرت عن سقوط نظام الملك لويس السادس عشر وإعلان قيام الجمهورية.
وشهر تموز الذي يحمل الرقم 7 بين شهور السنة الميلادية حسب الأسماء السريانية المستعملة في المشرق العربي، له حكاية في التاريخ. وعلى ذمته، فان الإله تـموز، كان إله الخصب عند البابليين.
إذاً، تموز عندهم شهر الثورات وتموز كان يوما ما اله الخصب عند بني بابل، لكن شهر تموز عندنا في مجتمعنا العربي الذي يعتبرونه كذبا “مجتمعاً محافظاً” هو شهر القتل والجنازات. ففي ذلك الشهر من هذا العام تم تسجيل 28 ضحية لجرائم القتل بمعدل جريمة قتل كل يوم، وهو الشهر الذي شهد اكثر عدد من الضحايا بين كل الأعوام السابقة.
منذ بداية الحالي سجّلت 140 جريمة قتل في المجتمع العربي، الا انه لا تقدم من حيث التحقيقات باستثناء 14 جريمة التي كشفت فيها الشرطة عن المجرمين. حتى ان التمييز والعنصرية الرسمية تجاه العرب لا تظهر فقط في السياسة، بل تبدو أيضاً بوضوح في التعامل مع الجريمة. المعطيات الرسمية تقول ان الشرطة الإسرائيلية نجحت في فك رموز أقل من 5% من جرائم القتل في المجتمع العربي خلال الربع الأول من العام الجاري، مقابل 83% في المجتمع اليهودي.
وبصورة عامة لا تقبض الشرطة على القتلة في المجتمع العربي، ولا تعتقل مشتبهين أيضا في الغالبية العظمى من جرائم القتل. وهي بأدائها وتقاعسها، لا تردع ارتكاب جرائم قتل أخرى، انما تشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم.
وأخيراً… رئيس بلدية شفاعمرو عرسان ياسين، فتح فمه واقترح على المجتمع العربي العصيان المدني للتعبير عن غضب التقصير في معالجة آفة جرائم القتل. والله يا عرسان، لو كنت جادا في التعبير عن الاستياء والغضب فلماذا لا تستقيل أنت من الحزب المقصّر في هذه المعالجة كونه الحزب الحاكم؟ ابدأ بنفسك أولاً لو كنت صادقاً.