متنفَّس عبرَ القضبان (83)
حسن عبادي/ حيفا
تاريخ النشر: 01/08/23 | 14:35بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت أخت الأسير سائد سلامة (والدة العروسة آلاء): “لا بد للفرح ان يكتمل يوما ما”.
أما الشاعر هاني مصبح فعقّب: “كل الاحترام والتقدير لجهودك الطيبة استاذنا الرائع المحامي الحيفاوي حسن عبادي الإنسان الوطني العريق أنت رائع بكل معنى الكلمة ولك بصمات خالدة في تاريخ الحركة الأسيرة لقد استطعت بجهودك الجبارة أن تساهم بقدر كبير جدا جدا بتحويل عتمة الزنازين الي منارات علمية وأدبية تجوب العالم معلنه عدالة قضيتنا الفلسطينية وعلى رأسها قضية الأسري وأنهم أسري حرب وليسوا مجرمين كما يصورهم الاحتلال الإسرائيلي
الحرية كل الحرية لأسرانا الابطال عاجلا غير اجلا اللهم آمييييييييين”
“سهرة لولو”
غادرت حيفا الساعة الخامسة والنصف صباح الأربعاء 19 تموز 2023، يرافقني الصديق ظافر شوربجي، في طريقي إلى سجن النقب الصحراويّ –كتسيعوت-(أنصار 3)، وبعد انتظار استمر 87 دقيقة أطل عليّ سائد وهيثم ومحمد وعبد العظيم، وحين رأيتهم في الساحة هممت باحتضانهم ومصافحتهم لكن السجّانة حالت دون ذلك بحجّة المنع الأمني.
التقيت بداية بالأسير المقدسيّ سائد محمد خليل سلامة، صاحب الابتسامة الخجولة، وأوصلت له دعوة عرس لولو، آلاء ابنة أخته، كانت طفلة حين اعتقل، وها هي قد كبُرت وصارت عروساً وحُرم من مرافقتها السهرة وتطليعها، وبدأنا نتخيّل معاً مفاجأتها بدخوله الصالة، دون سابق إنذار، في منتصف الحفلة!
تحدّثنا عن حفل إطلاق روايته “العاصي” في جامعة بير زيت وكلمة أخته التي شاهدها على شاشة التلفزيون فأفرحته كثيراً، وتناولنا ندوات قريبة لهما، إحداها ستفتتح ندوات اليوم السابع المقدسيّة، وجاهياً، بداية الشهر القادم.
تناولنا مشروعه الأدبي، خواطر في طريقها لتتحرّر من خلف القضبان، والحراك الثقافي حول أدب الحريّة، حلقة برنامج “أجنحة” التي شاهدها برفقة زملائه وأخبرني أن أحدهم قال “حسن عبادي زيّ المعبار”.
مع بداية العدّ التنازلي لانتهاء فترة الأسر، بدأ الناس يزورون أهله بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عاماً، فقد خلالها والديه، “لأنها قرّبت الترويحة”.
حدّثني عن دور وائل، أخيه الأصغر، الذي يهتم بأموره ويقوم بدور الوالد، والتعامل مع الأسرى بعد تحرّرهم، جمعة زمان مشمشيّة والكل ينساه، يصير بين ليلة وضحاها “فاقد الصلاحيّة”.
“فرحة لقاء عابر”
بعد لقائي بسائد أطل الصديق الأسير هيثم جمال علي جابر مبتسماً، وبعد القبلات عبر الزجاج المقيت بدأ يستفسر عن مشقّة السفر والاطمئنان على زوجتي سميرة والأحفاد.
عبّر عن فرحته بلقاء زملاء الأسر، أحمد ومحمد وعبد العظيم (التقاه للمرّة الأولى منذ عشرين عاماً في السجن، رغم أنّهما في السجن ذاته) حين تجميعهم للقاء معي والحديث الذي دار بينهم بانتظار انتهاء لقائي بأحمد.
حتلنني بوضعه الصحّي والفحوصات الطبيّة التي أجريت له في الفترة الأخيرة والإهمال الطبّي المستشري بين زملاء الأسر في سجون الاحتلال.
حدّثني عن قراءاته الأخيرة وكتاباته حولها، وخاصّة كتب وصلته من خلال مبادرة “لكلّ أسير كتاب”، وآخرها كتب زاهد حرش، وميسون أسدي وتفاحة بطارسة، في طريقها للتحرّر من خلف القضبان لترى النور.
تناولنا قضيّة التطبيع، وخاصّة الثقافي منه، فالتطبيع جريمة.
تحدّثنا عن عقليّة ما قبل الانتفاضة الثانية ونقاوتها، أيام الزمن الجميل.
أخبرني حول آخر مستجدّات كتاباته وإصداراته وإمكانية حفل إشهار قريب حال وصول الإصدار الأخير من غزة.
عاتبني مثنى وثلاث ورباع عن انقطاع التواصل مع فراس وطلب إيصال تهانيه وتبريكاته بزواج ابنته ميسم.
لكم أعزاءي سائد وهيثم أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك الأحرار.
حيفا/ تموز 2023
=======
*** الأسير سائد سلامة من مواليد 1976، أُعتقل يوم 30 آذار 2001 حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه حكماً يقضي بالسجن 24 عامًا.
*** الأسير هيثم جابر حكمت عليه المحكمة العسكريّة الإسرائيليّة يوم 17 آذار 1991 بالسجن عامين ونصف، يوم 20 شباط 1995 بالسجن أربع سنوات ونصف ويوم 23 تموز 2002 بالسجن 28 عامًا.