كيف يمكن لأهل الفساد مكافحة الفساد ؟!… التلم الأعوج من …
الإعلامي- أحمد حازم
تاريخ النشر: 09/08/23 | 13:51قرأت خبراً قبل أيام يصح نشره في زوايا السخرية والنكات. الخبر يقول بالحرف الواحد وعلى ذمة ناشره:” ان الرئيس محمود عباس، تسلم يوم الأحد، التقرير السنوي لهيئة مكافحة الفساد لعام 2022.”
قرأت الخبر وأنا أضحك بصوت عال. ولو سمعني أحد لقال: “شو مالو هالمجنون”. فعلاً شيء بجنن من الضحك. مكافحة الفساد في السلطة؟ مش معقول. والذي يدعو أيضاً إلى السخرية أن الرئيس أكد على “أنه لا يوجد أحد فوق القانون، مع المحافظة على حقوق المواطن وتعزيزها ضمن إطار سيادة القانون”.
وهل يوجد في السلطة من الناحية الفعلية “قانون” حتى يكون المواطن (تحتو أو فوقو)؟
يوجد أمران مهمان: إما أن يكون الرئيس أعمى وأطرش لا يسمع ولا يرى، وإما أن يكون ” مطنش عما يجري” فيما يتعلق بالفساد. لكن نظره ما شاء الله “مية على ميه” وسمعه قوي جداً لأنه يسمع كل الشتائم كبيرة وصغيرة وكل انتقاد وكل تذمر منه.
تعالوا نضع النقاط على الحروف: إذا كان “سيادة الرئيس” يدعم تعزيز أسس الشفافية والمساءلة في المجتمع الفلسطيني، فليبدأ أولاً بأولاده. رغم الكثير من التساؤلات المطروحة حول ثروة أبناء عباس ومدى استفادتهم من حصانة والدهم، إلّا أن هيئة مكافحة الفساد في رام الله لم تتجرأ لغاية الآن من مسائلة ومحاسبة أولاد عباس المسؤولين والكشف عن ابراء ذممهم المالية.
مستشار مجلس الادارة لهيئة مكافحة الفساد عزمي الشعيبي، أن القانون يخول الهيئة لمساءلة أي شخصية قيادية في الدولة “من أين لك هذا؟”، لكنها لا تبادر لفعل ذلك. لماذا خوفاً من الرئيس. والهيئة تستطيع ان تطلب من القضاء فتح الذمم المالية لأي شخصية يشوبها شائبة مالية، وأن تطلب منها فتح المعلومات المالية، وفتح كشف الحساب السري عن حسابها الخاص. ولكنها لا تفعل ذلك مع أبناء عباس. لماذا؟
في السابع عشر من شهر مايو/ أيار الماضي كشف “الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة” الفلسطيني عن تدخلات من مكتب محمود عباس في قضايا فساد تصل إلى هيئة مكافحة الفساد، ومعالجتها خارج إطار القانون والجهات المختصة، ووصلت في أحد الملفات إلى مفاوضة رجل أعمال متهم بقضية تبييض تمور المستوطنات، لابتزازه للتنازل عن أملاك وأراضٍ لصالح شركة مسجلة باسم أفراد أمن، أحدهم مرافق في مكتب الرئيس.
وأخيراً… لا يمكن ان يكون الرئيس الفلسطيني صادقا بدعم تعزيز الشفافية، لأنه لو كان كذلك لما حل المجلس التشريعي بصفته الهيئة الوحيدة التي يتيح لها القانون مساءلة الرئيس، ولذلك لا يوجد من يحاسبه، وهو بهذه الحالة قام بتوفير حصانة قانونية تمنع مساءلته من المجلس.