من أي طينة نحن… مجتمع محافظ أم مجتمع قتلة؟
الإعلامي- أحمد حازم
تاريخ النشر: 19/08/23 | 18:54يقولون (ولا أدري أذا كانوا صادقين) ان مجتمعنا العربي هو مجتمع محافظ. هذه هي الصورة (الظاهرية) بشكل عام. ولكن، هل نحن كذلك بالفعل؟ إذا أخذنا بالتفاصيل نرى عكس ذلك تماماً. أنا لا أريد التعميم بل مجرد تحليل، لكي لا أعطي مجالاً للذين يحاولون الصيد في المياه العكرة.
كيف يمكن ان نكون مجتمعاً محافظاً ونحن نعيش نسبة جرائم قتل لا مثيل لها وهي حالة اجتماعية أعتبرها وصمة عار على جبين المجتمع العربي. كيف يمكن ان نكون مجتمعاً محافظاً ونحن نشهد تفكك أسري وحالات قتل يومية. في صباح كل يوم أسأل زوجتي ” خبريني مين انقتل اليوم؟” وذات يوم نسيت أن أطرح السؤال التقليدي عليها. فقامت هي بتذكيري بالسؤال والجواب مباشرة:” اليوم انقتل اتنين مش واحد”.
المعطيات الرسمية تقول ان عدد جرائم القتل في المجتمع العربي تضاعف وارتفع من 21 ضحية في الربع الأول من العام الماضي إلى 42 في الربع الأول من العام الحالي. وهذا يعني زيادة معدل الجريمة 200 في المائة داخل المجتمع العربي. “شو بدكو أحسن من هيك تطور لمجتمع محافظ؟
حسب المعلومات الرسمية فإن الفلسطينيون يشكلون عشرين في المائة من المجتمع الإسرائيلي، لكنهم وللأسف ينفذون 78 في المائة من الجرائم التي تقع في البلاد، واليهود الذين يشكلون 81 في المائة من السكان تنفذ لديهم فقط 22 في المائة من الجرائم. فهل نحن مجتمع محافظ؟
لا يوجد عندي أدنى شك في أن ما يعيشه المجتمع العربي من موجة قتل تتصاعد باستمرار، بعود لسببين: أولهما الجريمة المنظمة وثانيهما تواطؤ أجهزة أمنية مع أقطاب هذه الجريمة. اسمعوا الحكاية كاملة من البداية:
عندما خرجت جماهير فلسطينيو الـ 48 في مظاهرات واحتجاجات (هبة الأقصى) دعماً للانتفاضة الثانية عام 2000 الأمر الذي أدى إلى سقوط 13 فلسطينيا برصاص الشرطة الإسرائيلية، بدأت من وقتها مرحلة جديدةٍ من العلاقة بين مواطني الدّاخل وإسرائيل. في تلك الفترة وبعد يومين من تفجّر الهبّة في الدّاخل صدرت تصريحات عن رئيس جهاز “الشاباك” السابق آفي ديختر، قال فيها مخاطباً أهل الداخل: “ستدفعون الثمن غاليًا، ما لكم أنتم والضّفّة والأقصى؟ سيأتي وقتٌ تكونون فيه عالقين بينكم وبين أنفسكم”.
وهناك دليل أخر من ذلك العام له علاقة مع الجريمة المنظّمة: لقد تم جلب عائلات عملاء من الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وأسكنوهم في الدّاخل الفلسطينيّ، وحسب المعلومات المتوفرة تم منحهم تراخيص سلاح، استخدم قسمٌ منه لاحقًا في جرائم عنفٍ. والبرهان على ذلك، تصريحات مسؤولٍ كبيرٍ في جهاز الشّرطة، يقول فيها “البلطجيّون الّذين يقودون الجريمة المنظّمة في المجتمع العربيّ غا لبيتهم عملاء الشاباك، ولا يمكن الاقتراب من هؤلاء العملاء الّذين يتمتعون بحصانةٍ”.
في السابع عشر من شهر أبريل/نيسان عام 2015 كتبت مقالاً بعنوان “هل أصبح الانسان رخيصا في الوسط العربي …؟!” تساءلت فيه عما إذا أصبح قتل الانسان في مجتمعنا العربي أسهل من اصطياد الطيور والحيوانات البرية، وأسهل من “شربة مي”. وما كتبته قبل ثماني سنوات ينطبق على ما نعيشه اليوم من انفلات.
وأخيراً…
من هنا يبدأ العنف: طفل يشتري بموافقة أهله، مسدساً بلاستيكياً في العيد وغير العيد، و”يطخطخ” به على أطفال آخرين. وتسألون بعد من أين يأتي العنف؟!