فضحهم فقتلوه… هكذا عرفت الراحل ناجي العلي
بقلم الاعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 25/08/23 | 15:38قبل 36 سنة قتلوه، ولم نعد نرى جديد حنظلة على صفحات الصحف. أسكتوه بكاتم صوت لأنه أراد فضح ساسة من العابثين والفاسدين والمسيئين للقضية الفلسطينية وشعبها. لم يتحملوا رؤية حنظلة، كان كابوسا عليهم لأنه يظهر أفعالهم القبيحة سياسياً وأخلاقياً. أسكتوه لأنهم كانوا أجبن من مواجهته. هو، كان ضمير الشعب، وهم مضطهدي الشعب.
كانت معرفتي برسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي معرفة عميقة وقوية، بدأت في لبنان وبالتحديد في مخيم عين الحلوة، واستمرت حتى اغتياله في العاصمة البريطانية لندن، التي كان لها شرف إقامة الراحل فيها وشرف احتضان قبره الذي يحمل الرقم (230191) في مقبرة “بروك وود” الإسلامية في لندن. علاقتي المتينة بالراحل لها سببين: أولهما صداقته لصهري في مخيم عين الحلوة حيث كانا (أيام الشباب) يمارسان مع بعض هواية كرة القدم، وثانيهما مهنة الإعلام التي جمعتنا مع بعض.
سألني الراحل ذات يوم: أحمد، هل انت عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين؟ فأجبته بالنفي وقلت له أنا عضو في اتحاد الصحفيين الدولي، وفي اتحاد الصحفيين الألمان. فابتسم وقال: كمان انت رشيدة غضبانة عليك؟ والمقصود رشيدة مهران الكاتبة المصرية التي كانت “عشيقة” الراحل ياسر عرفات الذي عينها في منصب المستشارة الثقافية له، وكانت من الشخصيات المؤثرة آنذاك وصاحبة القول الفصل في كل الأمور الثقافية، وعملت على ان لا يكون الراحل ناجي العلي عضوا في اتحاد الكتاب والصحفيين.
الراحل ناجي العلي تلقى تهديدات كثيرة بقتله، لكنه لم يأبه بها، وكان يرفض كل حماية ومرافقة له وكان يقول دائما: الأعمار بيد الله وله مقولة مشهورة: “الحذر لا يمنع القدر”. الذين خططوا ونفذوا عملية اغتيال ناجي العلي كان حنظلة يزعجهم ويقلقهم ويفضحهم في نفس الوقت. ولذلك أرادوا التخلص منه. قتلوا ريشة فلسطين لأنها كانت تفضحهم ولأنها كانت تظهر عيوبهم، ولم يكن الراحل يؤمن بهم بل بفلسطين فقط. كان يقول لي دائماً “دير بالك عحالك يا أحمد” وهو نفسه لم يفعل ذلك لإيمانه القوي بأن الساعة تقترب عند مشيئة الله فقط.
خلال زيارة لي للراحل تطرقنا للحديث عن فيتنام ونضال شعبها، وأخبرته بأني زرت هذا البلد. فقال لي، اسمع هذه الحكاية التي حدثت معي خلال زيارة رسمية لفيتنام ضمن وفد فلسطيني: كانت مرافقتنا نشطة جدا فقررنا أن نشتري لها هدية ثمينة. وعندما قدمنا لها الهدية شكرتنا وسألتنا بكل أدب وباستغراب عما يمنع العرب من تحرير فلسطين، رغم ثرواتهم النفطية الهائلة عكس أوضاع الفيتناميين. فابتسمت وقلت لها:” لو كنّا مثلكم لكنا حررنا فلسطين من زمان”. كل اللعنة من النفط.
عندما يتناول الكتاب موضوع الراحل ناجي العلي يقولون انه انتقل من لبنان الى الخليج ومن ثم الى لندن. لكن الحقيقة هي عكس ذلك. هو لم ينتقل طوعاً بل أجبر على الانتقال بسبب ملاحقات سياسية ولا سيما بعد انتقاله من الكويت الى لندن. وقد أخبرني قيادي فلسطيني رفيع المستوى في تلك الفترة، بأن مجلس التعاون الخليجي مارس ضغوطاً على الكويت لإخراج ناجي منها لتوفر معلومات بقتله، الأمر الذي دفع صحيفة القبس التي كان يعمل بها الراحل إلى نقله الى لندن حفاظاً على حياته.
وأخيراً… يقولون، ان لندن عجزت عن حماية ناجي العلي، لكن الحقيقة هي ان لندن وعلى الأكثر تآمرت على قتله فيها. رحمة الله عليك يا أبا خالد، يا ضمير فلسطين الخالد.