تهجموا على الرئيس الفلسطيني مثل الكلاب المسعورة
أحمد حازم
تاريخ النشر: 09/09/23 | 0:10لأكون واضحاً من البداية: أنا لست من المؤيدين لنهج الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولم أفكر يوماً ما بلقائه في رام الله، أو في عواصم أخرى، ولم أتقدم بطلب لذلك مطلقاً، لا في السابق ولا وهو رئيس سلطة (باستثناء حالة واحدة عام 1992في تونس ورغم ذلك لم تتم المقابلة من طرفي أنا.) هو في حاله وأنا في حالي ولم أفكر يوماً بالتودد إليه والمنافقة له، لأني لم أفعل ذلك طيلة حياتي المهنية مع أي رئيس عربي، حتى مع الراحل ياسر عرفات، الذي كنت أكن له احتراماً رغم اختلافنا في مواقف سياسية، لكني كنت أتعامل معه ضمن قواسم مشتركة بيننا.
ضميري الفلسطيني لا يطاوعني على السكوت، عندما أرى زعران اليمين في إسرائيل يتهجمون على عباس مثل الكلاب المسعورة، لأنه تحدث عن رأيه في موضوع اليهود، وبدأوا محلياً ودولياً يكثفون التحريض عليه بسبب موقفه. فما هي الحكاية التي دفعت كلاب اليمين للإكثار من النباح عليه محلياً وفي المحافل الدولية:
خلال اجتماعات الدورة الحادية عشرة للمجلس الثوري لحركة “فتح” بحضور أعضاء اللجنة المركزية للحركة، والتي انتهت في السادس والعشرين من الشهر الماضي، تطرق الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته امام المجتمعين الى اليهود الأوروبيين، وبين: “أن هتلر قتل اليهود ليس لأنهم يهود، بل بسبب وضعهم الاجتماعي والقروض الربوية وغيرها، وهم ليسوا من الساميين، ولا علاقة لهم بها، وأن هتلر قتلهم لأنه اعتبر أنهم يفسدون المجتمع الأوروبي”، استنادا للتاريخ، أي ما قاله عباس حول المسألة اليهودية، هو اقتباس من كتابات مؤرخين وكتاب يهود وأمريكيين وغيرهم، كما اكد ذلك نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية.
مواقف عباس، الذي يحمل دكتوراه في العلوم السياسية، وكانت أطروحته عن العلاقات السرية بين ألمانيا النازية والحركة الصهيونية لم تعجب كلاب اليمين في دولة قانون القومية. فهاج اليميني أفيغدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” وفتح فكيه مكشراً عن أنيابه بالقول: “ان عباس معادٍ للسامية وأنه من أشد المؤيدين للإرهاب، ويعمل على ملاحقة الجنود الإسرائيليين في المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب.”
أما السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، فقد تفتقت عبقريته اليهودية بالقول “إن الرئيس عباس يقوم بنشر معاداة السامية، ومواصلة دعم الإرهابيين الفلسطينيين لقتل الإسرائيليين.” وقد انضم سفراء إسرائيليون في أوروبا الى مجموعة الكلاب المسعورة لتكثيف الحملة ضد عباس.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف توجه تهمة “دعم الإرهاب” لرئيس فلسطيني وقعت معه الحكومة الإسرائيلية اتفاقية تنسيق أمني لملاحقة الإرهاب؟ كيف يمكن ذلك؟ أما فيما يتعلق بالشطر الثاني أي ملاحقة الجنود الإسرائيليين، فالرئيس الفلسطيني على حق طبعا باعتراف دولي، ومن حقه الطلب من المحاكم الدولية ملاحقة قتلة الشعب الفلسطيني.
وأخيراً… ليفهم بني صهيون ان التاريخ لا يكذب، والتاريخ يقول ان اليهود الأوروبيون الذين اخترعوا مصطلح معاداة السامية لا ينتمون إلى الساميين، بمعنى ان اليهود في الغرب ليسوا ساميين، وهم منذ عام 70م أصبحوا أوروبيين على المستوى العقلي والإثني. هكذا يروي التاريخ.