عنزة لو طارت… ما أشطرهم بالقتل والتحريف والكذب
أحمد حازم
تاريخ النشر: 13/09/23 | 16:29في منتصف شهر تشرين ثاني عام 1988 أعلن الرئيس الفلسطيني من الجزائر خلال انعقاد الدورة الثامنة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني، والتي شاركت فيها، عن تأسيس دولة فلسطين شاكراً الجزائر وشعبها الذي قال عنه عرفات انه قدم مليون ونصف المليون شهيد من أجل استقلاله وحريته. لكن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، كانت قد ذكرت أن عدد ضحايا الحقبة الاستعمارية للجزائر “بلغ 10 ملايين شهيد، ولا يمكن لشعب الجزائري نسيان جرائم الفرنسيين”. كما ان المؤرخ الفرنسي جاك جورك، اعترف بإن فرنسا قتلت 10 ملايين جزائري خلال الحقبة الاستعمارية للجزائر بين 1830 و1962 وليس مليون ونصف فقط، إضافة الى ملايين أخرى قتلتهم فرنسا خلال فترة احتلالها لدول افريقية أخرى.
هذا يعني أن فرنسا غارقة حتى راسها في اعمال ضد الإنسانية، ثم تخرج الينا فرنسية اسمها آن هيدالغو تشغل منصب رئيسة بلدية باريس، لتعطينا درساً في الأخلاق ودولتها لا أخلاق لها وتاريخها يشهد على ذلك.
فلقد بعثت هيدالغو برسالة إلى الرئيس الفلسطيني عباس قالت فيها: “ما ادليت به من تصريحات يتناقض مع قيمنا العالمية والحقيقة التاريخية للمحرقة.” الأمر الغريب ان عباس لم يتطرق الى المحرقة ولم ينكرها، بل قال كلاماً يقوله يهود آخرون. رئيسة بلدية باريس عاصمة الرذيلة والفساد والانحطاط تتحدث عن “قيم فرنسية عالية”. وأنا أسأل مدام هيدالغو: أين كانت هذه القيم عندما طالب وزير إسرائيلي بمحو بلدة حوارة الفلسطينية بالكامل؟ أين هذه القيم عندما يتحدث العالم عن استنكاره لقتل أطفال فلسطينيين على يد أحفاد من نجوا من المحرقة؟
قبل ثمانية أعوام وبالتحديد في العام 2015 وخلال زيارة عباس للعاصمة الفرنسية باريس، قامت بلدية العاصمة بمنحه وسام “غراند فيرميل” أرفع أوسمة العاصمة الفرنسية. لكن رئيسة البلدية، وفجأة غيرت موقفها وأعلنت قبل أيام عن تجريد عباس من الوسام، ليس لأنه مس فرنسا وهيبتها بسوء، وليس لأنه تطاول على باريس في تصريحات له، بل لأنه تحدث عن حقيقة تخص اليهود طالما أشار أيها خبراء وعلماء يهود أنفسهم. فقد ذكر في خطاب له مؤخراً، كما جاء في مقطع فيديو نشره معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (ميمري) مع ترجمة بالإنجليزية: “الحقيقة التي يجب أن نوضحها للعالم هي أن يهود أوروبا ليسوا ساميين ولا علاقة لهم بالسامية”
رئيسة بلدية باريس لم تنشر قرار التجريد على صفحتها بل قام بنشر الرسالة على منصة X يوناثان أرفي، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات الفرنسية اليهودية، معلقا على قرار التجريد من الوسام: “هذا القرار المهم يشرّف باريس والتزامها المتواصل ضد معاداة السامية”.
ليلفهم هذا الـ “آرفي”: أي شخص يعارض الاحتلال الإسرائيلي هو معادٍ للسامية، وأي معارض لإقامة المستوطنات اليهودية، أو التمييز العنصري وسوء المعاملة الفلسطينيين هو معادٍ للسامية، هذه حقائق يراها الناس. ليسمع آرفي ما يقوله الكاتب البريطاني آلان دير شاويتز في كتابه “الحالة الإسرائيلية”: قد يعبّر الناس عن نقدهم لليهود ولإسرائيل وللسياسة التي يتبعها هذا المسؤول أو ذاك، فهل يعتبر هذا الشيء معادياً للسامية؟
وأخيراً… هم قوّلوا عباس أقوالاً لم يقلها، وهم في الحقيقة يريدون اتهام عباس مهما قال وعلى طريقة “عنزة لو طارت”. هم “شاطرين” في القتل والتحريف والكذب ويجدون من يصدقهم ويدافع عنهم.