كيف تكون -الوحدة الجدلية العليا- بين الفلسفة والعلم؟
بقلم : ادم عربي
تاريخ النشر: 15/09/23 | 14:48الفلسَّفةُ وتاكيداً على أَهميتِها في وعينا وثقافتنا وحياتنا هِيَ كيفَ ينظرُ المرءُ إِلى العالمِ وكيفَ يفهمة ويتصوره، مِنْ هنا تبرزُ أَهميةُ الفلسفة ِفي حياتنا وما هي إِلَّا لإِقامةِ الدليل على أَنَّ حاجةَ البشرِ لا تَنْتَفي إِليها، فإِنْ كانَ لا بُدَّ مِنْ تعريفٍ مختصرٍ لها، فَهي عِلْمُ الواقع والذي ضاقَ به كلُ علمٍ.
إِنَّها علمُ القوانين الموضوعية العامة لهذا العالم، فاللطبيعةِ وللواقعِ مِن َالقوانين الموضوعية في شموليتِها وكليتها ما يُؤَكِّد الحاجة للفلسَّفة. إِنَّ الفلسَّفةَ العلمية تتطلبُ إِستكشافَ وصياغةَ تلك القوانين في كليتها، إِنَّ فهمَ الطبيعة والعالم كأَجزاءٍ غير متصلة مَع بعضها البعض مدعاةٌ لفهم جزئي لهذا العالم، لأَنَّ كلَ جزئيةٍ لها قوانينها الخاصة، لكنْ!، إِنْ أَردنا فهماً شمولياً فلا بُدَّ من قوانين عامة تشتركُ فيها كلُ تلك الاجزاءِ ، هناك قانونٌ فلسَّفيٌّ أَو أحد القوانين العامة (الفلسَّفية) للعالم يقول: التغيُّر يعتري كل شيء إلاَّ -تجريد الحركة-؛ وما التغيُّر إلاَّ تحوَّل الشيء إلى نقيضه ،هلْ لنا أَنْ ننفي وجود هذا القانون الفلسَّفي الموضوعي العام؟ هلْ لأحد أنْ يأْتي ولو بمثالٍ واحدٍ يُثبت فيه أنَّ التغيُّر لا يعني تحوُّل الشيءِ إلى نقيضِه؟ . وفي سيعنا نحو المعرفة لا بُدَّ أَنْ نقرَّ بوجودِ الحقيقة ِالموضوعية ِالكبرى، والتي مَفادها وجوهرها أَنَّ هذا العالم الذي نعيشْ هو وحدة واحدة، على كثرة تنوعه، حتى تتولَّد الحاجة لنا في إِيجاد علماً شاملاً وموحداً، يسعى إَلى إِكتشافِ قوانين كونية عامة، أَوسَّع وأَشْمَّل من قوانين الأَجزاء (كيماء، فيزياء..الخ) ولا بُدَّ لهذا العلم أَنْ يكونَ الفلسفة العلمية والتي تبحث عن المعرفة بمقياسها الموضوعي العلمي .البرقُ وسببُه وكيف نتغلَّب على آثارِه المدمرة؟ إِنَّ فهمَنا للبرق كظاهرةٍ طبيعيةٍ ماديةٍ فَمِنَ السهل التغلُّب عليها بطريقة مادية ولا أَسهلَ من إِستخدام مانعة صواعق، أَمَّا وإِنْ فهمنا تلك الظاهرة فهماً ميتافيزيقياً سببه غضب السماء فلا مِنْ طريقة للتغلُّب عليها إِلَّا بالتقرب من السماء وبالصلاة مثلاً، وبتلك الطريقة لا نتغلب على الظاهره أَيْ بالصلاة لا يمكن التغلب على الظاهره.
وفي إِشكالية المعرفة لا بُدَّ من تعظيم أَهمية التجربة العلمية في معرفة القوانين الموضوعية المادية في سعينا نحو المعرفة، وهذة القوانين الموضوعية المادية هي الطريق نحو نجاح أَيِّ عمل نقوم به، إِنَّ الانسانَ لا يستطيع ضمان فعل ما يشاء ما لَمْ يكن عارفاً بالقوانين المادية لأَيِّ فعل، ولا بد من التجربة التي تتوافق مع الواقع لإِقامةِ الدليلِ على صحته، حاول أَنْ تقطعَ نهراً مشياً على الماء كما المسيح لتعرف عاقبة مَنْ لا يعرف قوانين الطفو على الماء. الفكرُ و التفكيرُ ينبغي لهما أنْ يراعيا، تلك القواعد والمبادئ، وأنْ يستمسكَ بها إذا ما أراد صاحبه الوصول إلى الحقيقة، لذلك نقول كيف جاء المنطق إِلى رأْسِ الانسان بتلك المباديء والقواعد؟، بإِعتقادي أَنَّ له مصدر واحد لا غير وهو التجربة العلمية والممارسة للإِنسان في صراعه مع الطبيعة، وإِنِّ النجاحَ والفشل في تجارب الإِنسان العلمية قيدَ الصراع وبالصراع هما ما فَرَضَا على الانسان أَنْ يكونَ منطقياً، والمنطقية لَمْ تُوجَد ولَمْ تنشأ لدى البشر إِلَّا بصفة كونها شرط بقائه.
وفي إطار سعينا نحو الحقيقة فلا بدَّ من استحضار قول الشاعر ” لكل امرئ في ما يحاول مذهب ” ، كل جماعة بشرية تحرص على بقاء الواقع كما هو فكراً وعملاً ما دامت تخدم مصالحه الإقتصادية والمالية، والسعي في إدامة هذا الواقع الذي يدر عليهم لبناً وعسلاً وإنكاره في الوقت نفسه، فاعترافهم به يضر بمصالحهم ويحرض المتضررين منه على السعي لتغيره، قد نسأل عن سبب الفقر مثلاً، وقد نتوصل إلى إجابة موضوعية دقيقة وصحيحة، لكن مصير هذه الإجابة تقرره مصلحتك، فإن كانت مصلحتك تقضي محاربة الفقر وتغيير الواقع الموضوعي المُنتج له، فإنك تسعى إلى إبراز وإظهار تلك الإجابة ، أما إنْ كانت مصلحتك تقضي بإدامة الفقر فإنك تسعى جاهداً لحجب تلك الإجابة بكافة الطرق عن الفقراء مستخدماً أفكار ومعتقدات بعيدة عن الواقع الموضوعي ومنافية للعلم، وعندما يعجز الإنسان أو يُعٌجَّز عن معرفة وفهم أسباب المصائب التي تحيط به، فإنَّه من السهل جعله ينظر لها على أنْها قضاء وقدر.