قطار القتل وحكاية مجازر

الإعلامي أحمد حازم

تاريخ النشر: 28/09/23 | 19:54

في الماضي كنا نشهد حالة قتل كل شهر او أكثر أحياناً، وكنا نعبر عن امتعاضنا وقلقنا لذلك. وبما أن عالمنا في تطور ونحن جزء من هذا العالم نتطور معه، لكن سلبياً. فقد تقدم مجتمعنا العربي في “صناعة” القتل وأصبح عدّاد الضحايا يسجل ارتفاعاً يؤهلنا للدخول في موسوعة “غينيتس” للقتل. فقد تطورنا من حالة قتل كل شهر الى حالة قتل أسبوعيا ومن ثم الى حالة يومياً. وأيضاً لم نكتف بذلك وأردنا أن نثبت للعالم اننا قادرين على القتل ثلاث وأربع وخمس مرات يومياً.

قطار القتل لم يتوقف عندنا. وقد زاد سرعته وهو يسير بين مدن وقرى المجتمع العربي. حكايات قتل لم تعد تحمل اسم حالات بل مجازر ترتكب في وضح النهار أمام كل الناس: في البيوت والساحات العامة وفي الشوارع ومحطات غسيل السيارات والمقاهي والأفران. حتى المساجد شاهدة على حالات اجرام ترتكب أمام أبوابها.

بين يافة الناصرة وأبو سنان وبسمة طبعون حكاية مشتركة اسمها حكاية مجازر. حكاية الأولى تدور حول خمسة ضحايا وحكاية الثانية تروي مصرع أربع ضحايا والثالثة شبيهة بالأولى لأنها كانت مسرحاً لجريمة قتل خمسة مواطنين. مع التذكير بوجود حالات قتل مزدوجة هنا وهناك.

عندما وقعت مجزرة يافة الناصرة في الثامن من شهر يونيو/حزيران الماضي قالوا انها “وقعت في إطار حرب عصابات كما يبدو”. أليس هذا أمراً يدعو للسخرية بالقول “كما يبدو”؟ فلماذا لا يقولون صراحة انها حرب مافيات؟ لماذا لا يسمون الطفل باسمه ويعترفون “مين أبو”؟

قالوا أيضاً، ان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زار مكان الجريمة وأن عناصر الشرطة قاموا بجمع الأدلة والبحث عن المشتبه بهم. أمر مضحك. ماذا يفعل بن غفير هناك سوى ان يقوم بدور المتفرج على ما يحدث؟ كيف يمكن للقاتل ان يساعد الضحية؟ معظم حوادث القتل والارتفاع الحاد في جرائم العنف الدامية في المجتمع العربي وقعت منذ تولي بن غفير منصبه كوزير أمن قومي.

قالوا أيضا ان ما جرى في يافة الناصرة واحدة من أسوأ حوادث العنف الجنائي في السنوات الأخيرة، وسمعت أصوات تطالب بإقالة بن غفير. الكل سمع هذه الأصوات باستثناء نتنياهو، الذي لا يزال متمسكاً بابن جلدته دينيا وسياسيا وموقفاً. المجازر تكررت مرة أخرى. أبو سنان كانت الثانية بعد يافة الناصرة.

جريمة قتل رباعية أخرى. أربعة شبان من بلدة أبو سنان تعرضوا للقتل في وضح نهار الثاني والعشرين من الشهر الماضي، ومن بينهم مرشح لرئاسة مجلس البلدة. وكالعادة الشرطة لم تفعل شيئا والقتلة “مجهولون” كما تدعي الشرطة.

كل مرتكبي أفعال الشر في مجتمعنا العربي “مجهولون” بالنسبة للشرطة، فكيف يمكن تصديق ذلك؟ لكن عندما يتعرض “شلومو” أو “ديفيد” لمكروه يتم كشف الجاني خلال ساعات. لماذا؟ لأنهم من طينة شارون وشامير. قمة العنصرية.

بسمة طبعون تحول اسمها في السابع والعشرين من الشهر الحالي الى “مجزرة طبعون”. خمسة أشخاص اثنان منهم فتيان لم يبلغا بعد سن الثامنة عشر، واثنان آخران في العشرينات من العمر، وامرأة على عتبة سن الخمسين كلهم ينتمون لعائلة واحدة وكلهم لاقوا حتفهم في مسرح جريمة واحدة وقعت في وضح النهار

وأخيراً…

الجريمة في المجتمع العربي بدأت في السابق بضحية، ووصلت الآن الى خمسة ضحايا مع بعض أي إلى قتل “بالجملة واستغنينا عن المفرق”. فهل نصل بعد الى ستة وسبعة حتى العشرة؟ كل شيء جائز في عهد شرطة نتنياهو وبن غفير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة