كنت هناك في صفورية المهجَّرة .. فكتبت : الحنين الى صفوية ..
يوسف جمّال - عرعرة
تاريخ النشر: 29/09/23 | 17:23قبورها تزعق زعيقاً منتوف
وصبرتها مجروحة الكفوف
وضوء نهارها لونه مخطوف
وأرضها خرساء بلا حروف
*****************
وزيتونتها خضراء تنوح
وتينتها جريحة تجوح
وتلالها دامية السِّفوح
و قبورها جرحها مفتوح
ورحيلها ألمٌ زاعق الجروح
*************
على هذه الأرض ..
أ أبناؤها ولدوا .. وكبروا
أتلامها زرعوا وغلَّاتها
حصدوا
تحت خروبتها عند الهجير
هجعوا
ورفعوا أكفُّهم الى السماء
ودَعوا
ودفنوا أمواتهم في ترابها
ودَمَعوا
وغُزاتها من أرضها من أرضها
قلعوا
*********
في غفلة من غياب الزمان
داهمتهم جيوش الشيطان
وجحافل البطش والطغيان
و هجَّرتهم في موسم الرمان
واغتالت الزرع والبستان
*****************
في يوم تهجيرهم :
لم يُسمع هناك بكاء أو عويل
تجمّدت دموعهم قبل الرحيل
لم يودعوا رماح أشجار النخيل
ولا لمع إشعاعات سنّا القنديل
تركوه في البيت مشتعل الفتيل
ليعودوا إليه بعد زمان قليل
*****************
وفاطمة الصفورية ..
لم يبقَ ليوم عرسها
سوى القليل
لم تأخذ معها الى الرحيل
سوى المحبس والمنديل
وطاقية خطيبها خليل
قضت الليالي في الغزيل
لم تجدل شّعرَها جديل
شمَّرت عن ذراعيها
ورحلت دون أن تسحب أكمام
ثوبها الطويل
وأن تربط زنارها على خصرها
النحيل
رحلت دون أن تودّع جبال الجليل
**************
في طريقها الى الرحيل ..
أخبروها باستشهاد حبيبها خليل
رسالة مكتوبة على سعف النخيل
يا فاطمتي ..
قبل أن تودعي البلد ودعيني
وبدموعك عينيك غسِّليني
وببياض راحتيك كفنيني
وعلّقي على صدرك نياشيني
وامشِ في البلاد وبأعلى صوتك وناديني :
سنعود الى صفورية الى أرضي حنيني
وعندما تعودين إلى ترابها عديني
أنك ستزورين قبري وتبكيني
وازرعي على قبري فلذة جنيني
ومن عينها اسقيها واسقيني