إسرائيل تحوّل إجراء تسوية ملكية الأراضي إلى أكبر الآليات الهادفة لسلب الأراضي الفلسطينية
ران يرون- الناطق باسم كلّ من "عير عميم" و "بمكوم"
تاريخ النشر: 03/10/23 | 12:28التقرير الصادر عن جمعيتي “عير عميم” و “بمكوم” يكشف تضمين 200 كتلة أرض في شرقي القدس في إجراء تسوية ملكية الأراضي؛ ما نسبته 75% من الكتل التي تدار فيها الإجراءات بصورة نشطة مخصصة لتحقيق مصالح الدولة والمشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية
تقرير جديد صادر عن جمعيتي “عير عميم” و “بمكوم- مخططون لأجل حقوق التخطيط”، يكشف للمرة الأولى عن نطاق إجراءات تسوية تسجيل الأراضي الذي تديره دولة إسرائيل في شرقي القدس، وحجم الإشكالية الكامنة فيه، والذي تهدف الدولة من خلاله إلى وضع يدها على الأراضي الفلسطينية، وذلك بهدف إقامة مستوطنات وتوسيع المشروع الاستيطاني اليهودي في المدينة. ويشير التقرير إلى استخدام دولة إسرائيل لهذا الإجراء، تحت ستار الإجراءات البيروقراطية، لسلب الأراضي من الفلسطينيين، مما من شأنه أن يتحول إلى أكبر آليات سلب الأراضي في شرقي القدس على مدار السنوات الخمسين الأخيرة.
ويكشف التقرير عن كيفية عمل آلية تسوية الأراضي، ويصف الإجراء الذي بادرت إليه دولة إسرائيل، والذي في إطاره تتم تسوية حقوق ملكية الأراضي وتسجيلها لدى مسجل العقارات (“الطابو”). إذ يشكل التسجيل في إطار هذا الإجراء، طريقة تحديد ملكية الأرض بصورة نهائية، بحيث لا يمكن تغييره بعد استكماله. إلا أن هذا الإجراء، بعكس الادعاء القائل بأنه يهدف إلى مساعدة السكان في شرقي القدس في ترسيخ حقوقهم في سجل العقارات، و الذي يتم التقدم به دون إبلاغ السكان بشأن إجرائه، بحيث يُحرمون من إمكانية تثبيت ادعاءاتهم بملكية الأرض. وبدلا من ذلك، فإن هذه التسوية تستخدم لتسجيل أراضي الفلسطينيين على أسماء مستوطنين، أو باسم الدولة. بحيث صار هذا الإجراء الآلية الأساسية التي تستخدمها الدولة اليوم لسلب الأراضي على نطاق واسع في شرقي القدس.
وتفيد البيانات الواردة في التقرير بأن أكثر من 200 كتلة أرض في شرقي القدس، قد باتت في مراحل مختلفة من إجراءات التسوية العقارية. حيث تم استكمال الإجراء في 22 كتلة منها منذ فترة طويلة (منذ استكمال كتابة التقرير، ارتفع عدد الكتل التي استكملت إجراءات التسوية فيها إلى 31)، في حين تم استغلال هذا الإجراء في 90% منها على الأقل من أجل تعزيز مصالح الدولة والمستوطنين. كما يشير التقرير إلى أن 75% على الأقل من الكتل التي تجري بشأنها اليوم إجراءات تسوية بصورة نشطة، ومن ضمنها منطقة تبلغ مساحتها نحو 5000 دونما، مخصصة لتلبية احتياجات الدولة والمستوطنين، وهي تشمل الإسكان، وإنشاء مشاريع سياحية، ومد البنى التحتية للطرق. ولم يتمكن مؤلفو التقرير من تحديد قطعة أرض واحدة يجري التقدم في تسجيلها لصالح حقوق السكن الفلسطينية.ولغرض التوضيح، يستعرض التقرير مثال حي وادي حلوة في سلوان، حيث تجري عملية تسوية ملكية لـ 15 كتلة أرض، يعيش على بعضها فلسطينيون مهددون بالتهجير من منازلهم نتيجة الإجراء. وفي المقابل، تم التخطيط للتسوية بعناية بحيث تصل نسبة منازل المستوطنين والمواقع السياحية الإسرائيلية في سلوان، والتي هي اليوم في أطوار مختلفة من إجراءات تسوية ملكية الأراضي، إلى ما نسبته 95%. ويفيد التقرير بأن هذا يثبت أن الهدف الكامن وراء إجراءات تسوية ملكية الأراضي في هذا الحي، يتمثل في تهويد الحي، إن كان بواسطة إسكان المستوطنين أو من خلال الاستيطان السياحي.
يوضح التقرير أيضا كيفية استخدام دولة إسرائيل لإجراء التسوية من أجل تعزيز الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية بعدة وسائل. بحيث يبرز التقاطع بين عدد الكتل وبين الأماكن التي تخطط الدولة فيها لإقامة مستوطنات جديدة، على غرار عطروت وجفعات هشكيد. فيما تخدم التسوية في كتل أخرى لتوسيع المستوطنات القائمة أصلا أو لتسوية الأراضي الواقعة داخلها، على غرار جيلو، راموت، والتلة الفرنسية. كما تم تخصيص الكتل أيضا لتنظيم الجيوب الاستيطانية الواقعة في قلب الأحياء الاستيطانية، كما هو الحال في وادي حلوة. بالإضافة، يتم استخدام إجراءات التسوية استخداما آخر، يتمثل في مد شبكات الطرق الواصلة بين المستوطنات شمالي وشرقي القدس وجنوبها، على غرار شارع “الطوق الشرقي”.
ويقول كاتبو التقرير أيضا، أنه وبسبب استخدام قانون أملاك الغائبين كجزء من إجراءات تسوية الأراضي في شرقي القدس، فإن التسوية، بالطريقة التي تدار فيها اليوم، لها آثار قد تكون كارثية على السكان، وقد تؤدي إلى تهجير جماعي للفلسطينيين من منازلهم وأرضهم، على نطاق غير مسبوق. كما أن التسوية التي كان من المفترض أن تخفف أحد المسببات الرئيسية للفقر والضائقة لدى سكان شرقي القدس (أي صعوبة الحصول على رخص بناء في هذه المنطقة) قد تحولت إلى عائق إضافي من أجل إفشال إجراءات التخطيط. إن إدخال معايير أكثر صرامة لتعزيز التخطيط والحصول على تراخيص البناء، وإخضاعها لعملية التسجيل – خلافا لمتطلبات القانون – يعني أنه سيكون من المستحيل المضي قدما في عمليات التخطيط في القدس الشرقية.وقد لخص التقرير إلى أن إجراء تسوية الأراضي في شرقي القدس، يخدم بوصفه الأداة الرئيسية التي تستخدمها الدولة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية من سكانها، وتعزيز المشاريع الاستيطانية، كما أنه يشكل اليوم الخطر الأكبر الذي يهدد السكان. ولذا يطالب واضعو التقرير بوقف إجراء التسوية في شرقي القدس.
وقد جاء في بيان صادر عن كل من “عير عميم” و “بمكوم- مخططون من أجل حقوق التخطيط”: “تحت غطاء الإجراء البريء الهادف لتسوية الأراضي، والذي من المفترض فيه، كما يُدّعى، مساعدة سكان القدس الشرقية، فإن إجراء تسوية الأراضي يُستخدم على مدار السنوات الماضية بوصفه الأداة الرئيسية في يد الدولة لنهب الأراضي لصالح تلبية احتياجاتها ولصالح توسيع المشروع الاستيطاني في القدس الشرقية. , وفقا لذلك، فإن هذه العملية تشكل تهديدا كبيرا على الحقوق الأكثر أساسية لتجمعات سكانية فلسطينية كاملة، كما أنه يفتح المجال لطرد السكان الفلسطينيين من منازلهم بصورة غير مسبوقة. وبناء عليه، فإننا نطالب السلطات بوقف إجراء التسوية في شرقي القدس فورا”.