أبجديتك !
يوسف جمّال - عرعرة
تاريخ النشر: 05/10/23 | 20:24أبجديتك
نحتناها :
على صلابات الصخر
على جدران المُغر
على صفحات السِّفر
على لمعات الفكر
على حرقات الجمر
****************
أبجديتك ..
اخترعها أهل صور
و رموها في البحور
طافت زبداً بحراً بعد بحر
ووصلت الى مينائك
وكتبناها حلماً
على سطور امتدادك
سطر بعد سطر
ونقشناها قدراً
على أسفار أقدارك
سِفراً بعد سِفر
************
أبجديتك
كتبناها ..
على نفح عطر الزعتر
على أنغام المواويل
على جذوع الزيتون الأخضر
على أفقنا الطويل
على تراب أرضك الأسمر
على دوالي الخليل
***************
أبجديتك ..
منحوتة على جبل التوباد
وقف بقربه قيس وصاح :
أينك يا ليلى !
تعبتُ وأنا أطوف في البلاد
أضناني الهوى والسهاد
أنظري الى دمي
يقطر من أعماق الفؤاد
فردّت الفيافي
منشدة القوافي
تمجّد حبّ قيس الحافي
***************
أبجديتك
كانت لنا سفينة ..
ركبنا موج البحر وكانت لنا رفيق
وطفنا بها من مضيق الى مضيق
من بحر عكا الى بلاد الإغريق
من بحر يافا الى شواطئ البلطيق
حاملين معنا :
زمان تاريخك السحيق
وجرحات آلام الطريق
وشهقات شهيدنا الغريق
****************
أبجديتك ..
مكتوبة بأحرف شمسيَّة
على ظلِّ خروبتنا
في مكان هجيع أبي
في وقت الهجير
مرسومة على أفقنا
على صفحات حلمنا
على تغريد العصافير
في طلوع البواكير
*************
أبجديتك ..
مكتوبة على صحائف بابل
على حدائقها المعلَّقة
على رقائع المعلقات السبع
قيلت في سوق عكاظ
تحت وهج الشمس المحرقة
منقوشة
على أبواب القدس المغلقة
وعلى مخيَّمات جنين المطوَّقة
وعلى رؤوسنا المصلوبة
بين السندان والمطرقة
****************
أبجديتنا..
أعرابية من عشائر العربان
بنت خيمتها في مضارب ذبيان
مرّت من بين الفيافي الكثبان
عاشت من زمان الى زمان
رحلت من مكان الى مكان
وداست في طريقها الطغيان
**********
أبجديك ..
رافقت عروس النيل في الفيضان
وبنت لها الأهرام
وزرعت لها في طميِّه الغيطان
وصنعت لها عرساً
وصلت أخباره الى بلاد الشام
نقلته قوافل أبي سفيان
وطار على أجنحة الحمام
الى أديرة الرهبان
الى كلِّ زمان مكان
*********
أبجديتنا
كانت صحيفة في يد نوح فصاح :
وهو يطوف على عباب الطوفان
من يرافقني الى أعالي الشطآان
من سيحتمي معي من الحيتان
من سينقذ نفسه من الغرقان
***************
أبجديتك ..
طارت في منقار الحمام
فوق جيوش الغمام
تحملها الى أرض السلام
بعيدة عن مواطن الإجرام
وأكوام الركام
****************