الأسعار في حرب
زهير دعيم
تاريخ النشر: 16/10/23 | 13:25في هذه الظروف القاسية ، حيث الدم يسيل هنا وينزف هناك في غزة وفي الشّمال ، وحيث الصغار والكبار يعانون ويتألمون ، والإنسانية تئنّ وتتوجّع ، وحيث الترمّل واليُتم يرفعان رأسيهما ؛ في هذا الظّرف التراجيدي المؤلم ، هناك من يستغل هذه الظروف الموجعة ، والتي لا نعرف الى اين هي ذاهبة ، لكي ما يعبّئون جيوبهم بالشواقل ، فيرفعون الأسعار دون سببٍ في شبكاتهم وحوانيتهم ، وكان بهم بالأحرى أن يشعروا ويحسّوا ويتأنّسوا مع الشعب ، فهناك من هذا الشعب مَنْ توقّف عن العمل وهناك من بات يشعر أن جيبه بات فارغًا أو يكاد .
وسؤالي هو : أين الإنسانية لدى هؤلاء ؟
أين الرّحمة وأين الشّعور مع الغير ؟
هل أضحى الشاقل هو هو المعبود وبيت القصيد ؟
قبل ان تبدأ هذه الحرب المقيتة ، كان يصلني من الكثير من الشبكات الغذائية الكبرى في المنطقة مرتين في الأسبوع اعلانًا وبالخط العريض يناديني للتمتّع بالتخفيضات ” מבצעים” وكانوا يتنافسون في هذه المهرجانات وبالطبع كانوا يربحون .
فماذا جرى يا تُرى ولمَ انقضى كلّ شيء ، علمًا ان الشّعب البسيط ملأ الشبكات والحوانيت التجارية الكبيرة ، لدرجة انّك لم تعد تجد مكانًا لركن سيارتك في مرآبهم ، ولم تعد تجد عربة تجرّها في حانوتهم ، في حين كانت تنام هناك هذه العربات بالعشرات والمئات ، فقد تدفّق البشر والخوف يسكنهم وراحوا يملؤون السلال بالخضروات التي حلّق سعرها وبالمواد الغذائية التي طار ثمنها ، يملؤون دون أن يسألوا عن السّعر فالظرف شرس .
نعم قهقه أصحاب هذه الشركات وحذفوا عنصر التنافس من قاموسهم ، وعلّقوا مهرجانات التخفيضات الأسبوعية او النصف أسبوعية الى اجل غير مُسمّى ، بل وأكثر من ذلك فراحوا يرفعون الأسعار بلا سبب ، وكلّ همّهم في هذا الظرف الموجع والمؤلم والمخيف هو ملأ الجيوب بالشواقل والعملة الخضراء من جيوب الفقراء والبسطاء الخائفين ، وهم يقولون : ورائي الطوفان.
وليس هناك من يقول لهم : حرام
كان بهم أن يرحموا كي يرحمهم الله.. ناسين قول السماء :
” لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ، لأنه أمّا أن يبغض الواحد ويحب الأخر أو يلازم الواحد ويحتقر الأخَر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال.