دافع عن أرضك، وعرضك فإنّ من الخيانة انتظار كلّ شروط الجهاد
معمر حبار
تاريخ النشر: 28/10/23 | 6:00لم تتوفّر لدى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلّ عناصر الجهاد:
قال محمد بن عمر بازمول عبر صفحته: “لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلّم بالجهاد حتى توفرت شروطه ومقوماته”.
أقول: هذا كذب، وافتراء على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّه لم تتوفّر له كلّ شروط الجهاد، وكلّ مقوّماته.
لم تتوفّر لدى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من عناصر الجهاد، ومقوماته غير: القيادة باعتباره رئيس الجمهورية، والأرض باعتبار المدينة هي الدولة.
كان سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو في المدينة يفتقر لأدنى مقومات الحياة. كيف بالجهاد، ومنها: الأكل، والشرب، والأمن، والحدود، والاستقرار، ومكر يهود المدينة، وتربص الدول المجاورة، وقلّة الموارد وانعدامها، وتحريض قريش الأمم عليهم، وقلّة التّجربة، وانعداوا”.
في المقابل، كانت قريش تملك شروط الحرب، ومقوماتها التي ذكرناها -وغيرها-. ويكفي أنّ عدد جيشها فاق عدد جيش المسلمين في غزوة بدر بثلاثة أضعاف، وفارق كبير وكبير جدّا من حيث عدد الجمال، والأحصنة التي تعتبر يومها من شروط الجهاد، ومقوّماته.
خاض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الجهاد ضدّ قريش وهو لايملك كلّ شروط الجهاد، ومقوماته. وحين أرسل في أواخر حياته، وآخر غزوة سيّدنا أسامة بن زيد ليؤدّب الروم كان يعلم أنّ الروم تفوقه وبشكل كبير جدّا من حيث العدد، والعدّة.
يفهم من هذا أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، خاض كلّ الحروب، وطيلة حياته، ومن بدايتها إلى نهايتها ولا اتتوفّر لديه كلّ شروط الجهاد، ولا يملك كلّ مقوّمات الجهاد.
انتظار كلّ الشروط خيانة، وجريمة:
حين تحتلّ الأرض، ويغتصب العرض، وتنسف البنايات، وتحرق المزارع، ويرجم البشر والحجر والشجر كما هو حاصل الآن في غزّة. فإنّ السّؤال حينئذ عن توفّر كلّ شروط الجهاد، وكلّ مقوّماته يمسي من الخيانة العظمى، والرضا الطوعي بما يفعله المحتلّ بالأرض والعرض، والكذب على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بأنّه رضي بذلك حتّى تتوفّر لديه كلّ شروط الجهاد، ومقوّماته، وزرع اليأس والقنوط في صفوف الأمّة التي تعرّضت أرضها، وعرضها للاحتلال والعبث. وهو بحدّ ذاته خيانة، وجريمة.
تنصر الأمّة بثقتها في الله تعالى وليس بتوفّر كلّ شروط الجهاد:
تربى المؤمن على أنّ الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة، والكثيرة جدّا إن كانت تثق في الله سبحانه وتعالى. ويكفي أنّ كلّ الحروب التي خاضها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والخلفاء من بعده، والقادة، والفاتحين عبر التّاريخ كانوا يفتقرون لكلّ شروط الجهاد، ومقوّماته من حيث العدد، والعدّة. ورغم ذلك خاضوها بـ “وأعدوا”، ولم يتراجعوا بزعم عدم توفّر كلّ شروط الجهاد، وكلّ مقوّماته.
لم تكن الثّورة الجزائرية تتوفّر على أدنى شرط من شروط الجهاد:
حين فجّر الرجال العظام الثّورة الجزائرية لم يكونوا يملكون أدنى شروط الجهاد، ولا أدنى مقوّماته، وهم يومها: جوعى، وعطشى، وحفاة، وعراة لايملكون مايشبع البطن، ولا مايستر الجسد، ولا يحسنون القراءة ولا الكتابة، واستولى المستدمرون على أراضيهم، وأخذوا حيواناتهم، وسرقوا حلي نسائهم، وعرّضوهم لأبشع أنواع التّعذيب، وأمسوا عاطلين بلا عمل، وحوّلهم الاستدمار إلى أجراء يعملون في أرضهم طوال النها، التي استولى عليها المحتلّ المغتصب، مقابل قطعة خبر تمنح لهم كمنحة وليس كحقّ من حقوقهم، ولا يملكون قطعة سلاح، ولا التّجربة التي تؤهّلهم لمواجهة ثاني أقوى قوّة عسكرية أطلسية. ورغم ذلك أعلنو الجهاد ضدّ المحتلّ المغتصب وهم يعتمدون على “وأعدّوا”، ولم ينتظروا توفّر كلّ شروط الجهاد، وكلّ مقوّماته. وهذا سرّ عظمة الثّورة الجزائرية التي تضاف للأسرار الكثيرة.
الشلف – الجزائر
معمر حبار