لماذا ترافق حالات الطلاق الاساءة للطرف الاخر
تاريخ النشر: 18/11/11 | 21:25“لنر من سيقبل الزواج بكِ من بعدي”..كانت هذه الرسالة الأخيرة التي أرسلها أحدهم لخطيبته عشية توجههما إلى المحكمة الشرعية لإتمام الطلاق بعد أربعة أشهر من الخلافات، والسبب أنه قد تحدث عنها للناس بما فيه الكفاية، قال لهم إنها تعرّفت عليه عندما كانا طالبين في ذات الجامعة، وأن علاقتهما استمرت لسنوات قبل أن يتقدم لخطبتها، أوهم الناس أيضاً بأنه لا يبالي إن تركها لكنها هي التي ترجوه أن لا ينفصلا، ناهيك عمّا أشاعه عنها من سوء أخلاقها.
وبعد الانفصال، استمر الشاب في إساءته للفتاة بأكاذيب يبثها هنا وهناك، وتوّج خلافه معها بعقد قرانه على واحدة من صديقاتها المقرّبات فقط من باب إغاظتها، لكنها وإن كان نبأ خطبتهما قد شكل صدمةً لها إلا أنه قد أزاح عنها “هم شائعات” لا حصر لها لم يكن يتردد في التحدث بها عنها.
وإذ يقول تعالى في كتابه العزيز “الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”، فإن هناك من يعدون أن “التسريح” لا يكون إلا بالإساءة إلى الطرف الآخر والانتقام منه بأي شكل من الأشكال، حول أخلاقيات الانفصال بين الأزواج بمن فيهم المخطوبون..
فلماذا في أغلب الأحيان يرافق حالات الطلاق والإنفصال الإساءة للطرف الاَخر؟؟؟
إن المشكلات المالية هي من أبرز “المطّبات البشعة” التي يتم اكتشافها عندما يقرر من اتفقا أن يكونا شريكين على “الحلوة والمرة” على فسخ العقد، وعن هذا تقول سلمى حامد:”تفاجأت جداً عندما طلب خطيبي السابق أن أدفع ثمن كل شيكلٍ دفعه “فسخ الخطوبة”، بما فيها الطعام والشراب الذي أكله هو، بينما أهلي خجلوا في المقابل أن يذّكروه بما تكبدوه من خسائر للولائم التي كانوا يعدونها كلما جاء لزيارتي.. ليس لشٍيء سوى أنهم يخجلون من أمرٍ كهذا، ما أستطيع قوله إني كنت أتمنى أن يبقى احترامي له قائماً بعد أن انتهت علاقتنا، لكن يبدو أن الأقنعة تنكشف، بدلاً من أن نطبق ما حثنا عليه الإسلام من الاختلاف برقيٍ وأدب”.
وفي حالةٍ أخرى من حالات الطلاق مع الإساءة، أوشكت أن تكون الزوجة الجديدة للرجل ضحية خلافه مع طليقته، فخلال حفل الزفاف تنبه بعض المدعوين إلى وجود سيدة تحاول تصوير العروس خلسة بهاتفها النقال، فأبلغوا أسرتَي العروسين بالأمر حتى تبيّن أن الزوجة السابقة هي من أرسلتها لتصوير العروس لابتزاز زوجها بالصور .
كان التهديد بالتوجه إلى الشرطة هو الحل الأنسب من وجهة نظر الزوج وعائلته، ورغم ذلك لم تتوانَ الزوجة السابقة عن استمرار عمليات الانتقام من طليقها، حتى هددته بعد أيام من زواجه بأنها ستختطف أبناءها منه، ولم يتمكن من وضع حد لها سوى بالتوجه إلى الشرطة بالفعل.
ويقول الاستشاري النفسي والاجتماعي الدكتور فوزي أبو عودة: “إن كانت هناك شحناء بين الطرفين قبل الانفصال ينبغي أن تزول تماما بعده، وكأنهما اجتمعا على خير وافترقا على خير”، موضحا أن هذا الأمر يتّأتى إن أدرك كل منهما أنه قد يكون أخطأ مع الآخر إذ “كل بني آدم خطّاء وخير الخطّاءين التوابون” كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويضيف أبو عودة أن ينبغي أن يكون الطلاق مبغوضٌ عند الجميع كونه “أبغض الحلال” عند الله -عز وجل- فهو يمثّل هزة شديدة تتحطم بها أسرة كاملة، وإن لم يكن هناك مجال للاستمرار فلا ضير من الطلاق تحت قاعدة “تسريحٌ بإحسان” الواردة في القرآن الكريم”.
وتحت هذه القاعدة لابد من مراعاة حرمة الآخر، ولا يحق لأي من الطرفين التحدث عن مساوئ الآخر بعد الانفصال بل يكتفي بالتحدث عن محاسنه كما يرى أبو عودة.
وينصح أبو عودة المنفصلين بأن: “يتقيا الله في نفسيهما، ويدركا أن الطلاق يعني أنهما مرّا بتجربة لم تنجح، ولذا عليهما ألا يقحما نفسيهما في تجربة أسوأ وهي تشويه صورة الآخر والإضرار بسمعته لأن العواقب تكون وخيمة”.
أما الجوانب المادية التي قد تكون بذرةً لخلافات لا نهاية لها بين الزوجين الراغبين في الطلاق، يقول أبو عودة: “إن على كل منهما أن يتعفف عن جزء مما يراه حقاً له_والتي قد لا تكون من حقه كما يظن_ حتى يصلا إلى نقطة وسط يلتقيان عندها”.
وفي مثل هذه الحالات غالباً ما تكون الفتاة هي الطرف الأكثر تضرراً بسبب الإساءة إليها وتشويه سمعتها أو ابتزازها بصورها التي يملكها الزوج أو الخطيب، ولذا فإن عليها أن تكون مرنة في علاقتها مع الشخص الذي تسعى إلى الانفصال عنه، وتتجنب إثارة المشكلات في الفترة التي تسبق وقوع الطلاق حتى لا يسعى للانتقام منها، كما يقول أبو عودة
بقلم فاطمة ابو حية, غزة