قصّتي مع كتاب ماذا أعرف عن الإسلام لمالك بن نبي من حيث الترجمة
معمر حبار
تاريخ النشر: 02/01/24 | 19:56Malek Bennabi “Que sais-je de L’Islam”, Edition ALEM EL FIKR, 2023, Mohammadia, Alger, Algérie. Contient 88 Pages.
بينما صاحب الأسطر يقرأ الكتاب، ويعرضه، ويعلّق عليه، ويترجم مايستحقّ الترجمة، وقف على كلمتين ذكرهما مالك بن نبي، وهما: linéaire- surface.
يبدو معناهما الظاهري في البداية سهلا، وبسيطا. لكن لم أوفّق حين رحت أترجم العبارة المعنية على أساس معناها الظاهري، ولم أستسغ العبارة، ولا راضيا على محاولات الترجمة الأولى.
حاولت مرارا أن أعيد شرح الكلمتين عبر مجموعة من القواميس فرنسية-فرنسية، ولم أستطع الوقوف على المعنى المراد، ولم أكن راضيا للمرّة الثّانية على ترجمتي.
اتّصلت بعدها بصديقي كمال لطرش، وهو أستاذ في مادة “الإلكترونيك”، ولمدّة 34 سنة، فقلت له: أعرف المعنى من الناحية اللّغوية، لكن لم أستطع أن أترجم الكلمتين وبالتّالي العبارة المعنية من الناحية الفكرية التي يريدها مالك بن نبي. وأضفت: مالك بن نبي مختصّ في الكهرباء، وهو ضليع متفوّق في اللّغة الفرنسية، ويختار كلماته بدقّة متناهية، ولا يمكنه أن يخطىء في اللّغة الفرنسية. وطلبت منه أن يعينني فيما فشلت فيه.
أجاب: إنّك تقول أنّ مالك بن نبي مهندس كهرباء، والكلمتين المذكورتين من صلب الرياضيات.
فكلمة linéaire: تعني الخطّ المستقيم، وكلّ خطّ مستقيم فهو بسيط.
وكلمة surface: تعني السعة. وهنا تعني العمق.
طرت فرحا وكأنّي عثرت على كنز نادر، وثمين. ورحت أثني على صديقي طوال حديثنا عبر المحمول. كانت ترجمتي وبالحرف: “ولنحاول البحث البسيط عوض المعقّد[1]”.
يريد صاحب الأسطرأن يقول وهذا هو غاية المقال: لايكفي أن تعرف لغة ثانية، وثالثة، ورابعة التي تودّ ترجمتها. ولا يكفي أن تكون قد قرأت للمعني. فقد قرأت لمالك بن نبي باللّغة العربية، والفرنسية، وترجمت له ماستطعت إلى ذلك سبيلا.
لابدّ للمترجم أن يقف على أسرار تمكّنه من التحكّم في أدوات الترجمة، ومنها أن تعرف تخصّص الكاتب الذي تودّ الترجمة له. فالمهندس يستعمل مصطلحات رياضية وهو يتحدّث عن قضايا فكرية، والطبيب يستعمل مصطلحات طبية وهو يتحدّث عن التاريخ، وعالم السياسة يستعمل مصطلحات علم السياسة وهو يتحدّث عن الأدب، والعسكري يستعمل مصطلحات عسكرية وهو يصف الجمال. ومن غاب عنه هذا السّرّ ظلّ أبد الدهر يتخبّط ولو زعم أنّه قرأ، وعلّق، وترجم.
الثّلاثاء 20 جمادى الثّانية 1445هـ، الموافق لـ 2جانفي 2024
الشرفة- شلف- الجزائر
[1] مقالنا بعنوان: في ذكرى ابن باديس كما يراها مالك بن نبي من خلال كتابه ماذا أعرف عن الإسلام – ترجمة ومقدمة معمر حباروبتاريخ: الثّلاثاء 22 جمادى الأولى 1445هـ، الموافق لـ 5 ديسمبر 2023.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار