أحد أبطال الشعب المغربي: الاتحادي محمد الجندالي
بقلم: عبدالحق الريكي
تاريخ النشر: 04/01/24 | 7:16– الحلقة الأولى –
“… يمشي وحده…”
“خالد محمد خالد” في كتاب “رجال حول الرسول” [1]
لا تتسرعوا، إنه من الرعيل الأوائل للشباب الاتحاديين في سنوات نهاية الستينيات. يقال، والعهدة على الراوي، أن أول اجتماع تلاميذي للشباب الاتحادي – القطاع التلاميذي – وقع في منزل عائلة ادريس لشكر (حاليا الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، وبحضور هذا الأخير، والمناضل محمد الساسي، وتم تعيين محمد الجندالي رئيس الخلية التلاميذية الاتحادية. فارقنا المرحوم في السنين الأخيرة، بالضبط في يوليوز 2021.
أما بالنسبة للقطاع الطلابي، فهو “القارئ” لانسحاب الطلبة الاتحاديين من المؤتمر السابع عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. لا تتسرعوا، أيها الفصائل الطلابية المختلفة، أنا بنفسي عاتبته على ذلك. فحكى لي ما وقع بين قياديين كبار للاتحاد الاشتراكي وكيف تم تحوير فكرة “العمل القاعدي الاتحادي”، وطلبت منه أن يخرج ببيان يشرح فيه الحيثيات، كما طلبته أن يدون حياته الحافلة بالنضال، لكنه رفض الاثنين. كان يقول لي، أن ما هو تنظيميا يناقش سوى داخل الحزب. أما فيما يخص مسار حياته، فكان يقول، ليكتبوا بكل “أمانة” الكبار. وحين أقول له، إنه من “الكبار” فيبتسم في وجهي دون الرد.
هكذا كان الرجل، متواضعا، يعيش لمن يعرف الرباط، في حي المحيط، غير بعيد عن مكان ازدياده العكاري. كان بسيطا للغاية، عاش فقيرا ومات فقيرا، كان لا يباهي بالمال والجاه. بقي اتحاديا (غير منظم في آخر أيامه) حتى مماته. أعتقد أنه كان ضد كل الانشقاقات الحزبية. وكان يحكي أن الانشقاق الذي وقع في حزب الاستقلال سنة 1959 (ثلاث سنوات على استقلال المغرب) كان الخطأ الأول.
ألم أقل لكم لا تتسرعوا. فالرجل كان عنده الكثير ما يحكي. وفي مقالي هذا المتواضع سأحكي من ذاكرتي، سوى واحد بالمائة، مما أعرفه عن الرجل، تاركا لإخوانه الاتحاديين وكذا النقابيين الكونفدراليين، الحكي عنه وكذا رفيقته (زوجته) في النضال، التي عانت كثيرا سنوات طرده من العمل، نظرا لعمله النقابي، وكذا أولاده.
سأحكي لكم في الجزء الثاني وربما الثالث، عن لقاءاتي بالرجل ابتداء من سنة 1978/1979 بتعاضدية كلية الحقوق الرباط-أكدال إلى يوم وفاته؛ كيف “أفلت” من تيارا “إخوانيا” وكيف تدخل في آخر لحظة شخصية مهمة وأصبحت كذلك في دواليب الدولة؛ وأشياء أخرى، كيف التقيه بالحزب ونقابة الكونفدرالية وحكومة اليوسفي وكيف أصبح زبونا في وكالة البنك التي كنت أسير…
تعامله معي رغم أنني جلت في جميع الأحزاب يمينها ويسارها وهو لم يتزحزح قط عن حزبه “الاتحاد الاشتراكي” رغم أنه لم يبق منظما داخله منذ زمان ولكن “الفكرة الاتحادية” لم تبرح تفكيره منذ التحاقه بها في أواخر الستينيات إلى وفاته سنة 2021.
قراءاته وكتاباته المختلفة والتي اكتشفتها مؤخرا؛ وكذا نصائحه العديدة لي حين تيقن أنه بعد تقاعدي سنة 2018، حزت على شهادة الإجازة قانون عام بالفرنسية وكنت أنوي التسجيل بالماستر.
كذلك سأحكي عن علاقاته في زمن مضى مع كل المناضلين الاتحاديين وغيرهم، البعض منهم أصبحوا قادة للأحزاب اليمينية، والبعض الآخر وزراء والبعض الآخر في مراكز القرار داخل مختلف دواليب الإدارة المغربية.
كنت أسأله عن أي تيار كان مقرب أو ينتمي إليه، هل تيار الفقيه البصري؟ أم تيار محمد نوبير الأموي؟ تيار عبدالرحيم بوعبيد؟ تيار عمر بنجلون؟ تيار أخوه أحمد بنجلون؟… كان الرجل لا يجيب انطلاقا بأن هذه الأمور وغيرها كثير يمكن أن تناقش داخل التنظيم الحزبي لا في المقاهي. لكن مع الوقت، تكونت لدي فكرة عن التيار الذي كان ينتمي له. كان يعرف الكثير من القادة ويكن احتراما شديدا لشخصية كبيرة في الإدارة المغربية.
سأحكي الكثير مما أعرفه عن الرجل، قلت سابقا أنني سأقول واحد بالمائة عنه، الكثيرون يعرفونه أحسن مني، وأقول دائما أن من يعرفنا حق المعرفة منذ ولادتنا إلى وفاتنا، هم الأجهزة؛ فمتى يمكننا التوصل بالملفات المختلفة.
رحم الرجل محمد الجندالي، بطل من أبطال الشعب المغربي… إلى الحلقات القادمة…
بقلم: عبدالحق الريكي
الرباط، الأربعاء 03 دجنبر 2024