رسالة التّعليم للصّفّ الأوّل من المرحلة الابتدائيّة
د. محمود أبو فنه
تاريخ النشر: 05/02/24 | 11:27أهمّيّة السّنوات الأولى – قبل المدرسة – في حياة الطّفل:
أذكر أنّني قرأتُ مرّة حكاية قصيرة تدور حول حوار جرى بين أمّ ورجل تربية:
كان الحديث يدور حول أهّميّة التّربية للطّفل، وماذا ينبغي على الأهل أنْ يفعلوا وأنْ يمنحوا ابنهم الصّغير حتّى يساهموا في صقل شخصيّته وبلورتها للأفضل!
وفجأة سألت الأمّ: ابني في الخامسة من العمر، متى تنصحني أنْ أبدأ في تربيته؟!
أجاب رجل التّربية الخبير: أيّتها الأمّ الموقّرة، أخاف أنّ الوقت قد أصبح متأخّرًا على ذلك!!
العبرة: يجب على الوالدين أن يحرصا على تربية ابنهم منذ الولادة، وحتّى قبل الولادة وهو جنين!
فالسّنوات الأولى المبكّرة في حياة الطّفل قد تكون هي السّنوات الحاسمة في بناء شخصيّته وبلورتها!!
أهمّيّة الصفّ الأوّل وأثره في حياة الطالب:
يخطئ من يعتقد أنّ المهمّة الرئيسيّة لمعلّم الصّفّ الأوّل تقتصر على تعليم القراءة والكتابة والعمليّات الحسابيّة الأساسيّة، بل نَتوقّع من المعلّم الناجح أن لا يكتفي بذلك ويجب أن تتّسع دائرة مهامّه وواجباته لتشمل بناء شخصيّة الطّالب المتكاملة بجميع أبعادها العقليّة والاجتماعيّة والنفسيّة والبدنيّة والفنيّة والسلوكيّةة.
إنّ ما يكتسبه الطّالب في هذا الصّفّ من مهارات وصفات وقيم ترافقه في مسيرة حياته في المستقبل، ولها تأثير حاسم في تحقيق إنجازاته وأهدافه والمكانة الّتي سيتبوؤها عندما يكبر، وقد أثبت العديد من الدراسات والأبحاث ذلك.
المعلّم القدوة الّذي يترك بصماته على طلّابه:
قبل مدّة شاهدت واستمعت لمقابلة في إحدى قنوات المملكة العربيّة السعوديّة تحدّث فيها المذيع مع معلّم من السّعوديّة سرد قصّته المؤثّرة مع معلّمه الأوّل وأبدى مدى حبّه وتقديره لذلك المعلّم الذي درّسه في الصّفيّن الأوّل والثّاني في المرحلة الابتدائيّة، وما تركه في نفسه من انطباعات وذكريات جميلة لا تُنسى، فراح يبحث عن ذلك المعلّم القدوة سنوات عديدة حتّى عثر على عنوانه في منطقة الصّعيد في مصر، فقام بزيارته ومعانقته والتّعبير عن مشاعره الجيّاشة الصادقة المفعمة بالمحبّة والعرفان تجاهه لأنّه غرس في نفسه الثّقة والطّموح لمواصلة تعليمه وليصبح مدرّسًا يؤدّي رسالة التّعليم والتّربية الّتي ترعرع عليها وتشبّع بها بتأثير معلّمه الأوّل القدوة!
وأصدقكم القول، تأثّرتُ وانفعلتُ بهذه القصّة، خاصةً وأنا أصغي للحديث الهاتفيّ الذي دار مع المعلّم الهَرِم من الصّعيد وهو يشكر من أعماق قلبه طالبه الّذي زاره في بيته معربًا عن تقديره واحترامه وشكره بعد مرور العشرات من السّنين!