معرض وتكريم للفنان جميل عمرية
حسن عبادي (البعنة/ حيفا)
تاريخ النشر: 11/02/24 | 7:03أعطني فنًّا أعطيك شعبًا (23)
معرض وتكريم للفنان جميل عمرية
مساء الخير؛
بدايةً اسمحوا لي أن أشكر القيّمين على هذه الأمسية على استضافتي وإعطائهم لعريس حفل التكريم بعضاً من حقّه وإنصافه، ولو بعد حين.
تعرّفت إلى فنّاننا جميل عمرية قبل سنوات في مسرح الميدان، كان عضو الهيئة الإداريّة وكنت عضو لجنة مراقبة.
بادرتُ في حينه لإقامة معارض فنيّة مشارِكة للأمسيات العكاظيّة الشهريّة التي نظمتها، ورتّبت مشاركته في معرض لأعماله، لاقى استحسان الحضور وسعدت بحضور افتتاح معارضه في أم الفحم وسخنين وإبطن وغيرها.
لفتت انتباهي وجذبتني لوحاته وأعماله المميّزة، أسلوباً ومضموناً.
يعملُ جميل في سكبِ المعادنِ لتكون هواية ومهنة وهو يمارسُ الفنَّ التشكيليَّ على ألوانِه منذ عام 1972، يستعملُ في لوحاتِه ألواناً زيتيةً على الجلدِ، وألوانَ إكريليك، وألوان كيراميك على خرصينة، واكريليك على كنبس، وألوان زيت على قماش، وألوان مائية على ورق، ورصاص على جلد، وألوان مائية على كرتون، ويمارس النحت والسكب والصب من الألومنيوم والبرونز والنحاس وشارك جميل بالعديد من المعارضَ وله الكثير من الجداريات في البلدان العربية وشارك في التحضير وسكب الخامات للنصب التذكاري لشهداء يوم الأرض الخالد في مدينة سخنين.
كجزء من رسالته ومسيرته الوطنيّة والفنّية، تناول جميل أحداث ومآسي شعبنا، تاريخه وتراثه، نكبته وآلامه، تهجيره ومفاتيح العودة المُشتهاة وللأرض حضور طاغ على أعماله وهذا ما يظهر جليّا في لوحاته بالمعرض.
رسم جميل بريشته الأرض والخيمة، الأمومة والاحتضان، القرية والفنار، البداوة ومضاربها والجذور، المضافة وحياة البادية وقرى الضيوف، خبز الشراك والقهوة، التمرد والاعتقال ولا بد للقيد أن ينكسر كسر القيد، الأمل وشمعة تضيء وشجرة الحياة، على هذه الأرض ما يستحق الحياة وغدا تشرق الشمس… ومفتاح العودة، وجدت في لوحاته رسالة تحدّ وانتماء… لوحات ملتزمة؛ مرتبط بأهله وبلده، بريشة إنسان وفنّان… مبدع.
كلمة حقّ لا بدّ منها: يشارك الفنان جميل عمرية زملاءَه الفنّانين في معارضهم، هنا وهناك وفي كلّ مكان، “في كلّ عرس إلو قرُص”، وحبّذا لو يحذو فنّانونا حذوه، فينحّون نرجسيّتهم جانباً، ويشاركون غيرهم، تشجيعاً وإثراءً!
يا معشر الفنّانين، كفانا نرجسيّة! أحبّوا بعضكم بعضاً. شاركوا زملاءكم في معارضهم ليشاركوكم في معرضكم.
في لقائي مع الأسير معتز الهيموني يوم 30 أيار 2021 اتفقنا على تجميع مفاتيح كلّ الزنازين حال تحرير كافّة أسرانا وصهرها دون رجعة، خلافًا لمفاتيح العودة.
كتبت حول الأمر في تغريدة على صفحتي فتواصل معي الفنّان الملتزم جميل عمريّة وتعهّد ببناء بوتقة ((Tiegel لصهر المفاتيح وتحويلها لتمثال حريّة يليق بأحرارنا، وفعلاً حضّر البوتقة التي تنتظر المفاتيح (وفي مكتبي بوتقة حضّرها جميل كمجسّم لبوتقة معدنيّة سنستعملها لاحقاً لصهر مفاتيح الزنازين حين تحرّر آخر أسرانا من سجون الاحتلال).
نشرت على صفحتي يوم 29.11.2023 خاطرة عنونتها: “صفّرنا الدامون”.
“أبلغتني إدارة سجن الدامون قبل قليل عن إلغاء الزيارة المقرّرة ظهر الغد بسبب “تصفير” السجن ولم تعد هناك أسيرات. آمل تصفير باقي السجون قريباً!!”
ونشرت على صفحتي يوم 02.12.2023 خاطرة عنونتها: “هل سيُسدل الستار؟”
“بدأت مشواري التواصليّ مع الأسرى في سجون الاحتلال يوم 3 يونيو 2019؛
وغداً سيكون اللقاء 244 في سجن ريمون الصحراوي. هل سيكون اللقاء الأخير؟
هل سيتحقّق الحلم وتكون اللقاءات القادمة على بلكون الحريّة الحيفاوي!”
فوجئت حين زارني جميل ذات خميس وأحضر لي لوحة صبّها من المعادن عنونتها “لوحة الحريّة”، وهي على بلكون الحريّة إلى حين تصفير السجون… قريباً! ووعدنا عائلة الصديق نائل البرغوثي أن تكون من نصيبه لنسلّمه إيّاها قريباً في كوبر، ونسخة عنها معروضة اليوم.
في طريقي إلى البعنة تواصل معي صديقي الكاتب فراس حج محمد من تلفيت/ نابلس وطلب إيصال تبريكاته وتبريكات منتدى المنارة لجميل وتحيّاته للحضور.
وأخيراً، وجدت في لوحاته رسالة تحدّ وانتماء… لوحات ملتزمة؛ نعم، هناك فنّ ملتزم وليس فنّانًا ملتزمًا! وحكاية شعب، تحكي القضية بريشة فنّان ذي رؤية. ورؤيا، مرتبط بأهله وبلده، بريشة إنسان وفنّان… مبدع.
قيل: “أعطني مسرحًا أعطِك شعباً”؛ وأنا أقول: “أعطني فنًّا أعطِك شعباً”!!
10.02.2024