برقية لسيدي صالح في العالم الآخر
تاريخ النشر: 20/11/11 | 3:22سيدي صالح..
صباح آخر يغازل وحدتي..وحيداً اًبحر في عباب حيرتي..
متكاسلاً امامي يتناثر محتاراً دخان سيجارتي..في جحور الجُرذان ضاعت بسمتي ..همستي..
صباحي هموم ..نجومه غيوم رائحة بخار فنجان قهوة يعانق السنة الدخان..
عن احفادك لا تسأل ..لقد أصبحوا كالكلاب اللاهثة الراكضة وراء سراب في بطاح صحراء مترامية الاطراف وتراهم متاكتفين ولكن افكارهم وقلوبهم شتى..يُقوّمُون المنكر وفق ما ترتئيه أهوائهم ويمليه اسيادهم ..اشداء على بعضهم رحماء على جلادهم..يتغنُّون بحب الغير وقبول الآخر ولكنّهم كأفاعى كيظ صيف ينفخ سُمه في جحر مُظلم يُلدغُ ولا يلدغ.
عن أحفادك لا تسأل : ذُلّهم فاقع على سيماهم .. كبيرهم بين طيات الايوان الموُصدة ابوابه كبير، وفي فضاء الجُرذان الرحب ذليل.. افكارهم مُستعمرة ، ارادتهم مسلوبة وحرية قرارهم مستوردة كأكياس الطحين..رفقهم كاذب ولو بانوا بزي قلوب خاشعة .
عن احفادك، سيدي صالح، لا تسأل فقد استوطن الاغراب شُعبهم ودُنست قيمّهم .. كُسرّت اقلامهم وانتزعت كرامتهم وأضحوا ما بين عشية وضحاها كطبل اجوف غشاؤه هش وصوته صاخب..حالهم كسلعة بخسٌ ثمنها في سوق النخاسين يٌباعوُن ويُشتروُن.احفادك سيدي احترفوا الذل مهنة لكسب الفتات.. افواههم تمتلئ قمامة في حضرة اشباه السلاطين الجدد السفهاء ، ولكنها تقذف حمماً وشراسة امام البسطاء.
حتماً سمعوا قول طيّبهم المتنبي وتأكيده على الاستماتة بعزة اذا لم يكن من قضاء الاجل بُدٌ ولكنّهم آثروُا شرب كأس الحياة بذلة وتناسوُا تفضيل مرارة الحياة بعزة النبلاء..
احفادك يتساقطون على مذبح الذل كتساقط ذباب يتهاوي على جيفة قد سُممت اطرافها..يتساقطون ولكن يضحكون واحياناً ينتفضون.. يثورون ولكن سرعان ما تنفرج اساريرهم والى موائد اللئام يعودون ..
الم يأن للذين امتهنوا الذل من احفادك، سيدي، أن ينفضوا غبار السبات عن نواصيهم السوداء قبل أن ينتابهم مصير ذلك الكلب الابيض ويحققوا ربيعهم “العربي” ؟!!!
سيدي صالح: كلمات دنيوية ابعثها لعلّها تصل اليك وكلي ثقة انك لن تعير كتابي هذا انتباهاً وستلقيه في كأس قمامة أو ستنظف فيه مؤخرتك عند اول زيارة لدورة المياه …
مع فائق الشوق
سعيد بدران (1905)
كلمات رائعه ومعاني اجمل وابلغ الله يا عمي على كل من يفكر بالكتابة ان يفحص ويدقق في مثل هذه الكلمات يا سلام مع ان البعد الزمني كبير الا ان الكلمات تتواصل مع داخلنا بشكل كبير ومؤثر والطريف في الموضوع ان حال الاحفاد اليوم كحال الاجداد في الامس فيا حسره على العرب