متنفَّس عبرَ القضبان (104)
حسن عبادي/ حيفا
تاريخ النشر: 20/02/24 | 8:38بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الصديق محمد عمارنة: “أستاذ حسن عبادي المحترم نزاهتك وضميرك الحي وانتماؤك لوطنك وأبنائه الأسرى والأسيرات ودعمك المتواصل لهم لن ينساه أي إنسان شريف. أنت القافلة وأنت شعاع أمل يتسلل عبر غياهب الجب وعتمة الزنازين وظلمة السجان ليضيء الطريق. أنت آية الكرسي تبدد وساوس الغياب. سر على بركة الله ولا يضرك من خالفك، ولا يضرك كل كذاب معتد أثيم، هماز مشاءٍ بنميم. أستاذ حسن عبادي شكرا لك وألف ألف شكر لعائلتك، لزوجتك وابنتك. شكرا لكم من كل قلوبنا والشكر لا يفيكم حقكم ولكنه اعتراف منا بأنا مدينون لكم”.
عقّبت أماني رضوان (أخت الأسير طبنجة): “يسعد دينه على جمال روحه هالكمال إسم الله عليه إسم على مسمى حبيبنا الغالي. الله يرضى عنهم جميعا ويفرحنا بطلعتهم عما قريب. وحبيب أختك يا طبنجة رافعة راسي وين ما تروح، وجهودك مباركة أستازنا والله يكرمك كرامة الأرض والسما متل ما طمنتنا على الغوالي”.
وعقّبت ولاء صوالحة (أخت الأسيرة إخلاص): “الحرية لأسرى الحرية الله يسدد خطاك ويجبر خاطرك، أستاد زيارتك لكل أسير وأسيرة مهمة للأهل وللأسرى يعطيك ألف عافية أستاذنا الكبير حسن عبادي).
وعقّبت هدى عايش: “أحلامك بسيطة فبعد طول معاناة ما بيلزم إلا دفء حضن العيلة وطبخة من ايدين الماما وهيك يكون الوضع تمام الله يفرجها عليك وعلى كل الأسرى ويسعد قلبك أستاذنا حسن رسمت ابتسامة على وجهه وفارق معه كتير زيارتك”.
“تراب الملوك”
التقيته صباح الأحد 21 كانون الثاني 2024 في سجن “مجيدو”، أو تل المتسلم، في مرج ابن عامر، قابلني بابتسامة عفويّة ساحرة، هو كمال هاني كمال جوري (مواليد 31.08.2000)، اعتقل يوم 13.02.2023، وحين استفسرت عن سبب الابتسامة أجابني أنه أول مرّة من 106 أيام “بِشوف وجه جديد”!
حدّثني عن وضع السجن؛ 130 أسيراً في قسم 5؛ بدلاً من 50، بالعادة، ومعه في الزنزانة محمد سعيد تركمان، ماهر الأخرس، عبد فقها، مراد حج يحيى، أحمد عساف، محمود تركمان وآخرون.
الوضع سيئ للغاية؛ الأكل قليل وتجويعي، فش دخان، فش كهربائيات، الأواعي طقم واحد لكلّ أسير، البنطلون 50 يوم بدون غسيل، الملابس داخلية واحدة بغسلها وبظلّ بدون تا تنشف، بطانية واحدة خفيفة بهالبرد، وانتشار مرض جلدي (سكابياس وجرَب) في قسم 6.
حدّثني عن وضعه الصحّي، “كنت مشلول ورجعت أمشي، وعندي كيس بول”، 5 أشهر في مسلخ الرملة ودور طبنجة الملائكي، فش علاج، فش دواء ولا مسكّنات، وقلق على أخيه حمودي الأسير.
انبسط جداً حين أوصلته رسالة والدته، والسيارة التي تنتظره مع العلاج من نور بأمريكا “خلّيها سوداء”، وطلب إيصال سلاماته للعائلة، وبوسات لأخيه الصغير أسيد.
ووصّى والدته بتحضير غذاء الترويحة؛ منسف وأوزي… وتراب الملوك.
“بنِشلَح، بنِغسِل وبنلبس”
بعد لقائي بكمال، أطلّ الأسير عبد المنعم محمود ناجي لحلوح (مواليد 19.06.1971)، مباشرة بعد مقابلة استخبارات برفقة جعفر وحسان أبو صلاح “شكلو رايح إداري” وبدا مهموماً.
حدّثني عن وضع السجن؛ 134 أسيراً في قسم 9؛ بدلاً من 50، بالعادة، ومعه في الزنزانة أحمد عبيدات، محمود نعيرات، أحمد أبو سرحان، وأشرف وآخرون.
وضعه الصحّي بخير، رغم أنّه مغيّر شرايين مرتين، وبعطوه أسبرين فقط. زوّده أحد الأسرى بتريننغ، بسبب مرضه، لكنّه تبرّع به لأسير آخر بدون ملابس. برد كثير، بطانيّة خفيفة نصف كيلو لكلّ أسير، كميات الأكل قليلة، هناك نقص في الأدوية، والحمد لله بدون ضرب.
قنينة شامبو واحدة كلّ 10 أيام ل-15 شخص، بلبسوا الأواعي رطبة، وأخذوا الغسالات من الأقسام، “بنِشلَح، بنِغسِل وبنلبس” وبسبب الأوضاع تفشّى مرض جلدي (سكابياس وجرَب) في قسم 6.
فش حلاقة، لا وجه ولا رأس، و”صرنا من أهل الغابة”.
انبسط جداً حين أوصلته رسالة العائلة، وأخوه أبو الناجي، وقلق على أولاده الجامعيّين (بطاقة الاعتماد في الأمانات وعليهم ترتيب أمر رسوم التسجيل وقسط التعليم وبحاجة ماسة لتوكيل للتصرّف بأمواله لسدّ احتياجاتهم). أوصل سلاماته للجميع مذكّراً بترخيص السيارة وتأمينها.
لكما عزيزيّ كمّول وعبد المنعم أحلى التحيّات، على أمل أن نلتقي قريبًا في فضاء الحرية.
حيفا كانون الثاني 2024