خَذَلوا شَقيقًا وَعَقُّوا
الشَّاعِرُ العَروضِيُّ مَحْمودُ مَرعي
تاريخ النشر: 25/02/24 | 7:52«مِنْ واقِعِ حالِ غَزَّةَ وَما حَوْلَها»
سَلامٌ مِنْ رُبى بَلَدٍ يُعَقُّ.. وَيُخْذَلُ في المَواسِمِ وَهْوَ حَقُّ
«وَمَعْذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي.. جَلالُ الرُّزْءِ عَنْ وَصْفٍ يَدِقُّ»
سَلامٌ مِنْ جِبالٍ فيهِ حَيَّتْ.. وَمِنْ هَضَباتِهِ فَلَقٌ وَخَفْقٌ
سَلامٌ مِنْ رُبى وَطَنٍ تَأَبَّى.. هَوانًا ما تَحَرَّكَ فيهِ عِرْقُ
وَيَأْبى الضَّيْمَ تَحْدوهُ الأَماني.. بِصُبْحٍ لِلْعِتاقِ ضِياهُ عِتْقُ
يُراوِدُهُ الحَضيضُ عَلى حَياةٍ.. بِدَرْكٍ مِنْهُ في سُكْناهُ مَحْقُ
فَيَرْكُلُهُ وَيَشْمَخُ صَقْرَ جَوٍّ.. وَلَيْسَ بِبالِغِ الصَّقْرِ الـمُزَقُّ
وَيُنْكِرُهُ الأَقاصي وَالأَداني.. سِوى ثُلَلٍ تُعَقُّ كَما يُعَقُّ
إِذا ما اسْتَصْرَخَ الإِخْوانَ جاءَتْ.. بَياناتٌ وَشَجْبٌ مُسْتَرَقُّ
يُحاصِرُهُ القَريبُ كَرَبِّ ثَأْرٍ.. وَقَدْ حانَ القِصاصُ وَحُقَّ شَنْقُ
وِيَشْمَخُ فَوْقَ جُرْحٍ لا يُبالي.. نَزيفَ الجُرْحِ أَوْ آذاهُ نَعْقُ
«يَكادُ لِرَوْعَةِ الأَحْداثِ فيهِ.. يُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهْيَ صِدْقُ
وَقيلَ مَعالِمُ التَّاريخِ دُكَّتْ.. وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَرْقُ»
يُطِلُّ عَلى حَواضِرِهِ وَيَحْنو.. عَلى عُمَّارِها يَحْدوهُ شَوْقُ
يَغَصُّ وَقَدْ رَأَى بُنْيانَ أَهْلٍ.. هَوى إِذْ طالَهُ رَعْدٌ وَطَرْقُ
وَطالَ جَوارَهُ وَجِوارَ جارٍ.. فَحُكْمُ الرَّعْدِ دَكْدَكَةٌ وَدَقُّ
رَأَى مَوْجَ النُّزوحِ بِغَيْرِ وَقْفٍ.. بِهِ غَصَّ الطَّريقُ وَغاصَ شَرْقُ
وَأَبْصَرَ كاسِياتٍ أَوْ عَرايا.. عَلى الطُّرُقاتِ أَجْهَدَهُنَّ سَوْقُ
«إِذا رُمْنَ السَّلامَةَ مِنْ طَريقٍ.. أَتَتْ مِنْ دونِهِ لِلمَوْتِ طُرْقُ
بِلَيْلٍ لِلقَذائِفِ وَالمَنايا.. وَراءَ سَمائِهِ خَطْفٌ وَصَعْقُ
إِذا عَصَفَ الحَديدُ احْمَرَّ أُفْقٌ.. عَلى جَنَباتِهِ وَاسْوَدَّ أُفْقُ»
رَأَى الأَشْلاءَ بَعْثَرَها انْفِجارٌ.. هُنا ساقٌ هُنا رَأْسٌ وَعُنْقُ
هُنا جُثَثٌ مَلامِحُها أُزيلَتْ.. هُنا أَحْشاءُ فُتَّتْ فَهْيَ طِبْقُ
قَدِ اخْتَلَطَتْ وَأَعْيَتْ ناظِريها.. وَعَيَّ بها أَوانَ الفَرْزِ خَلْقُ
هُنا أُمُّ قَضَتْ في ساعِ طَلْقٍ.. وَفارَقَ وَجْهَها مِنْ قَبْلُ طَلْقُ
هُنا صُلِبَتْ صَغيرَةُ دونَ ذَنْبٍ.. بِلا ساقَيْنِ إِذْ بَتَروا وَدَقُّوا
هُنا جُثَثٌ تَناهَشُها كِلابٌ.. نَصيبُ العاوِياتِ حَكاهُ شِدْقُ
وَمْنها تَحْتَ أَنْقاضٍ كَفَتْنا.. عَناءَ الدَّفْنِ ما في اللَّحْدِ فَرْقُ
أَكانَ بِبَطْنِ قَبْرٍ زَخْرَفوهُ.. أَمِ الأَنْقاضُ مِنْها كانَ سَبْقُ
عَماراتٌ غَدَتْ أَطْلالَ أَهْلٍ.. وَكانَتْ مَرْتَعًا تَمْلاهُ وُرْقُ
هُنا أُمٌّ تَحَوَّطَها جِياعٌ.. تُكَفْكِفُ دَمْعَها وَالعَجْزُ خَنْقُ
فَما أَبْقَتْ لَدَيْها الحَرْبُ قوتًا.. وَقَدْ نَفِدَ الدَّقيقُ وَما يُزَقُّ
فَقامَتْ تَطْحَنُ الأَعْلافَ قَهْرًا.. وَتَعْجِنُها وَتَخْبِزُ ما تَرُقُّ
فَنابُ الجوعِ في الأَحْشاءِ سَيْفٌ.. وَما بِالبابِ مِعْوانٌ يَدُقُّ
فَجارَتُها الشَّقيقَةُ قَدْ تَناءَتْ.. وَأَحْكَمَتِ الحِصارَ وَما يَشُقُّ
وَفي أَرْضِ الحِجازِ الرَّقْصُ شَرْعٌ.. مَعَ الويسْكي الحَلالِ، الوَصْفُ حَقُّ
جِوارَ الكَعْبَةِ الزَّهْراءِ قامَتْ.. مَحافِلُ للزِّنا وَاشْتَطَّ فِسْقُ
وَقيلَ حَداثَةٌ وَجَبَتْ وَحانَتْ.. فَقَدْ مَلُّوا عُصورًا تَسْتَرِقُّ
بَكى الحَرَمانِ وَانْتَحَبا لِجيلٍ.. شَديدِ النَّهْقِ لَمْ يَعْرِفْهُ نَهْقُ
هُما الحَرَمانِ وَالأَقْصى أَثافي.. وَكَمْ أَنْضَجْنَ فِكْرًا، فَهْوَ بَرْقُ
أَناخَ اللَّيْلُ فَوْقَهُما وَأَوْدى.. بِثالِثَةِ الأَثافي اليَوْمَ خُرْقُ
زَعاماتٌ تَوَلَّوْا كُلَّ رِجْسٍ.. وَقَدْ خَذَلوا شَقيقَهُمُ وَعَقُّوا
وَأُمَّةُ أَحْمَدٍ كَغُثاءِ سَيْلٍ.. تُداسُ بِكُلِّ أَرْضٍ أَوْ تُشَقُّ
وَلا تَدْري اتِّفاقًا وَاجْتِماعًا.. لِغَيْرِ مَناسِفٍ طُبِخَتْ لِيَشْقوا
وَقالَ كَبيرُهُمْ فَاهْنوا بِذِبْحي.. وَهٰذي الخَمْرُ كَيْ تَسْقوا وَتُسْقوا
إِلى الرَّحْمٰنِ نَشْكو شَرَّ عَصْرٍ.. بِهِ الحُكَّامُ فَوْقَ الحُمْقِ حُمْقُ