إفتتاح مكتب المعارف الجديد في الناصرة
تاريخ النشر: 28/02/24 | 14:57تلبية لدعوة المربّية شيرين ناطور حافي مديرة المعارف العربّية، وبالتنسيق مع مديرة المكتب السيّدة إيليان خوري تمّ هذا اللقاء بمشاركة المفتّشين المهنيين العاملين والمتقاعدين وبحضور رئيسة السكرتاريّة التربويّة ، وقد جمّل اللقاء بعض المعزوفات والأغاني من طلّاب المدرسة الإكليريكيّة في الناصرة بقيادة المرشد الأستاذ حنّا برانسي. وقد القى د. محمود ابو فنه كلمة بالافتتاح هذا نصها :
أيّها الأخوة والأخوات الكرام .. كحّل الباري حياتكم بكلّ الخير والعافية والرّضا ودوام العطاء! حقًّا لن أنسى زملائي وزميلاتي في العمل الّذين أمدّوني بالأمل والفرح والرّضا، وما زلتُ حتّى هذا اليوم أتذكّر الأجواء الودّيّة، والعلاقات الدّافئة، والاحترام المتبادل بين الجميع، وبفضل كلّ ذلك تعزّزت أواصر المحبّة بيننا والانتماء لأداء الرّسالة! وأذكر كيف عشقنا ما قاله الفيلسوف الصوفيّ ابنُ العربيّ (1165م – 1240) من أبيات رائعة، وأذكر ما قامت به الأخت إيليان بتعليق تلك الأبيات في مكتب المعارف:
يقول ابن العربيّ:
لقد صارَ قلبي قابِلا كُلَّ صورةٍ – فمرعًى لغزلانٍ وَديْرٌ لرُهبانِ
وبيتٌ لِأَوثانٍ وكعبةُ طائٍف – وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قُرآنِ
أَدينُ بدينِ الحُبِّ أَنّى َتَوجَّهَتْ – ركائِبُهُ فالحُبُّ ديني وَإِيماني
فابن العربيّ بهذه الأبيات يعلن أنّ في قلبه متّسعًا لجميع النّاس على اختلافهم دينًا وعرقًا ولونًا…. وهو لا يقتصر في حبّه على المؤمنين بالدّيانات السّماويّة التّوحيديّة الثّلاث، بل يشمل اتباع الهندوس والبوذيّين الّذين يعتنقون قيمًا ليست بعيدة عن قيم الدّيانات السّماويّة مثل: تحديد ما هو الخير وما هو الشّر. وبهذا السياق كم يحلو لي أن أردّد بعض الأبيات من قصيدة “أنت وأنا” لخليل هنداوي (1906م – 1976):
أنتَ إنسانٌ وإنسانٌ أنا – فلماذا نحنُ خصمانِ هُنا؟
كن كما شئت وخالف مذهبي – لن تراني حاقدّا مضطغنا
مذهبِي الحبُّ وإيماني الهوى – لا غنىً كالحبِّ في دُنيا الفَنا
مَوطِني الإنسانُ لا لونَ لهُ – فاجعلِ الإنسانَ مِثلي مَوْطنا
إنْ زرعْنا البُغضَ يأكلْنا معًا – إنْ غرسْنا الحبَّ يُزهرْ حولَنا
ادنُ منِّي ستراني دانيًا – فإذا أنتَ مع الحبِّ أنا
وإذا نحنُ على هامِ الدُّنا – نتحدَّى…. نتحدى الزَّمنَا
أيّها الأحباب الكرام
من المقولات الّتي أوافق عليها وتصلُح أن يتذكّرها المعلّمون والمربّون والمسؤولون: “إذا أدرت أن تزرع لسنة فأرع قمحًا. وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة. أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنسانًا!”. (مثل صيني) فالتّغيير في التّربية المنشودة الصّالحة عبارة عن سيرورة تحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد! وكم أردّد ما قاله الشّاعر الطغرائيّ (1061 م – 1121) في لاميّة العجم: أعلِّلُ النّفس بالآمالِ أرقُبُها – ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ . كذلك كثيرًا ما أكرّر في كتاباتي العبارة: “خير لك أن تضيء شمعة من أن تلعن الظّلام”. (كونفوشيوس 551 قبل الميلاد – 479 ق.م ) . وختامًا: أنا في طبعي متفائل، أرى نصفَ الكأس الممتلئَ، وأردّد دائما العبارة: “النّبوءة الّتي تحقّق ذاتها”، لذلك، أنا على ثقة أن مسيرة العطاء والنّماء والتّميّز ستتواصل في جهاز التّربية والتّعليم، فلدى أبنائنا ومربّينا ومفتّشينا وموظّفينا – من الجنسين – الطاقاتُ والمواهب والاستعدادُ للعمل الجادّ الدؤوب، ولتحقيق المزيد من الإنجازات والتقدّم