قيام دولة من رحم صراع بلا نهاية و تصدع القطبية
بقلم قرار المسعود
تاريخ النشر: 29/02/24 | 7:31يذكرني بيت أبو القاسم الشابي، إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدا أن يستجيب القدر لنصر شعب غزة المصمم على بقائه في الوجود إما الحرية و إما الإستشهاد و الدفن فيها رغم كل المؤشرات التي تفرض عكس طموحه و مبتغاه من أجل إقامة دولة يتنفس في كنفها عطر الحرية و جو الاستقرار حتى و لو أن الإعانة والمساعدة تخونه في ذلك و تشتت أفكاره.
إن بناء دولة في فلسطين يؤدي لا محالة الى تمتع المجتمع بالحرية و النظام الديمقراطي وهذا لا يتماشى مع النمط السائد في محيطه و من هنا فالمعادلة تتطلب حلين، دولةٌ ديمقراطية و مسألتها أصبحت حتمية و بذلك تتسبب في تفكيك محيطها و سيميل ميزان القوة العالمي إتجاهها، أو وجود حل وسطي مؤقت يسعى اليه بكل قواه الغرب و حلفائه حتى يُضمن و لو مؤقتا التمسك بنصيب مما يملكون و في حالة صورة مشهد تعنتي للمتمسك بمبادئه من الطرفين و استمراره طويلا سيؤدي الى حرب شاملة تقضي على الأخضر و اليابس. لأن الغرب عاش بنمط الدعاية الإعلامية التي يخوف بها المغفلين من المجتمعات ليحقق ما يريد و يستعمل لهؤلاء الشح الإعلامي حتى يزدادوا جهلا.
فالعمل الدؤوب على إنشاء دولة من رحم صراع مؤكد عنه أنه باقي ولا ينتهي (عقائدي) والتي تتم في ربوعها الحرية الحقيقية و الاستقرار المراقب دائما و المخطط له حسب كيفية الوضع الميداني و هذا ما يفعله الغرب باستمرار للإستيلاء على العالم. و هذا ما كان ينبه عليه هنري كسنجر وزير الخارجية الأسبق بعدم السماح بالتقرب بين روسيا والصين.
إن إقحام المؤسسات الأممية و طرح الإنشغلات الموضوعية أمامها من طرف الكثير من الدول المتطلعة لحرياتها و استقرارها في هذا الحصن الحصين أوالشبح المخيف الذي كان لا يمس ابدا، يكشف حقيقته للرأي العام و يقلل من فعاليته كما نرى في أروقة مجلس الأمن و محكمة العدل و يعطي الرغبة في بعض القضايا التي تساعد في تصدع تدريجي للقطبية لأحادية التي كان الغرب بواسطتها يهيمن على خيرات الدول و شعوبها. فصمود المرابطين في غزة ركع و حطم و فكك تقريبا كل المخططات التي كان الغرب يرى تنفيذها سهلا و بدون تكلفة من طرفه و إذا تطلب الأمر فجيران المنطقة يتكلفون بالواجب على حسابهم من أجل الحفاظ على الاستقرار و عدم زعزعة مجتمعاتهم. فنجاح كل مشروع سياسي مربوط بقياس عقلية تلك المجتمعات وصمود شعبها و إقدام أبطاله في المعركة و تأكدهم أن لا مُناد على مَنْ تُنادي من قريب فبهذه الطريقة تكون سمات بناء الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 مرحلة حتمية لا مفر منها و القدر إن شاء الله يستجيب لشعب أراد إقامة دولة في ظل كل المؤشرات التي تفرض العكس .