متنفَّس عبرَ القضبان (110)
حسن عبادي/ حيفا
تاريخ النشر: 13/03/24 | 19:18بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت الصديقة زهرة محمد من الشتات: “الحرية له ولكل أسرانا البواسل، يا الله بورك نضالك الدؤوب أستاذ، وأنت رسول اليقظة، والمحبة، والحياة، لأسرانا وأسرهم… ولنا، إذ نحيا معهم من خلال مرآة روحك، ومثابرتك الصادقة .صباح الخير، والأمل، والعناد المقدس… لك ولجميع الفرسان”.
وعقب حمادة رفاعي: “تستحق شهادتك أستاذ حسن إنسانيتك لحالها وتوصيلك الصورة، وأنك بطمّن الأهل على أبنائهم هاد الاشي كبير بنسبه للأهل وفعلاً مفش مثلك”.
وعقّبت الصديقة آلاء شاهين: “صباح الخير أستاذ حسن. في كل صباح أبحث عن منشورك لأقرأ أين وصل حال أسرانا بعد أن غيبوا في غياهب السجون. وأتذكر الشيخ خضر عدنان الشهيد رحمه الله الذي كان يقف وحده مدافعا عن القضية، ولو ما زال على قيد الحياة لبقي واقفا وحده في شوارع عرابة تارة ورام الله تارة أخرى، حاملا معه صور الأسرى والشهداء وأطفال غزة صارخا في وجه الطغاة يا أمة محمد أفيقوا.”
وعقّبت الأميرة الناعسة: “والله يا أستاذ ما بعرف شو بيصير لمن بقرأ جهودك. حزن وفرح مشاعر متضاربة. عم بتوّصل من برا لجوا ومن جوا لبرا.الله يفك أسره وجميع أسرانا”.
“صِرنا من أهل الكهف”
التقيته ظهر الأحد 11 شباط 2024 في سجن “مجيدو”، أو تل المتسلم، في مرج ابن عامر، قابلني بنظرة باهتة وحائرة، هو عز الدين محمد زهدي مرشود من مخيم بلاطة (مواليد 06.11.1994)، اعتقل يوم 27.08.2023، (هاي الحبسِة الثانية؛ الأولى كانت 24 شهراً)، وحين استفسرت عن سبب البغتة أجابني أنه للمرة الأولى منذ اعتقاله يزوره محام/ وفكّر أنّه “انتسى”!
انفرجت أساريره حين أوصلت له رسالة الأهل، “كنت معرفش أنام، بدّي أطمّن على الأهل”، طمأنته على أولاده محمد، إيلا، ومحمود، وزوجته شذا، ووالدته، ووضع الدكان في المخيم.
حدّثني عن وضع السجن؛ 146 أسيراً في القسم؛ بدلاً من 50، الوضع سيئ للغاية؛ الأكل قليل وتجويعي، 15 أسير في زنزانته، 6 أبراش والباقي بناموا ع الأرض، 4 شباب بناموا على 3 فرشات، فش أواعي وغيارات (بدون شبّاح، وبدون كلسون “معه كلسون واحد بغسله وبستنى يومين تا ينشف بالغرفة، بطانية واحدة خفيفة بهالبرد “بنموت من السقعة”، ساعة فورة لكل ثلاثة غرف يتخلّلها الحمّام، مصحف واحد في الزنزانة ل-15 أسير، فش عنّا أخبار من مرّة،
بدا لي من أهل الكهف، أشعث، لم يحلق لحيته، ولا شعره من قبل الحرب.
طلبت منه إيصال رسائل اطمئنان من الأهل لنور الدين بسيوني، محمد إبداح، عبد الله زكارنة، ثائر هصيص، يوسف ياسين، محمود المدني، رأفت أحمد، محمد بشكار، ماهر الأخرس، محمود جلامنة، أحمد أبو عزيز، أدهم جبارين، ثائر عصاعصة، أحمد سعيد، إبراهيم سعيد، محمد زيد، محمد غراب، أسامة أردنية، مصطفى شتا، أشرف فاعور، خلف مخلوف، طارق أبو الرب، محمود ذياب، حمزة حافي، أحمد حافي، مجاهد أبو عصبة.
حدّثني بحِرقة عن انتشار مرض جلدي (سكابياس وجرَب) في سجن مجيدو.
رغم ذلك ودّعني بابتسامة “أموري منيحة، ناقصني بس شوفتكم”.
“بدّي أحلق برّا”
مباشرةً بعد انتهائي من زيارة سجن مجيدة توجّهت إلى سجن “الجلبوع” لألتقي بالأسير محمد رؤوف حلمي شاكر حمدان من عرابة جنين (مواليد 27.04.1982)، اعتقل يوم 10.10.2023، (هاي الحبسِة الخامسة) ويقبع في قسم 3.
انبسط حين أوصلته رسالة زوجته أمل ووالدته سمر وأهله، تروحَن لسماع أخبارهم، مع دموع فرِحَة.
حدّثني عن وضع السجن وزملاء الزنزانة؛ حسن الورديات/ بيت لحم، أحمد بدارنة/ يعبد، سائد أبو عبيد/ جنين، محمود الرشق/ القدس، يزن مرعي/ جنين، محمد معالي/ عجة-جنين.
الوضع تصلّح داخل السجن، غياران لكلّ أسير، الأكل تصلّح (زادوا الخبز)، فش فواكه ومشروبات، ما حلق من يوم الحبسة “بدّي أحلق برّا”، في القسم 112 أسيراً بدل 72، المعاملة تحسّنت شويّة وبطل ضرب ع الطالع والنازل، انقطاع تام عن العالم الخارجي.
أخبرته بوفاة عمّه عبد الكريم فطلب إيصال تعازيه الحارة للوالد وللعائلة.
طلب أوصل تهانيه لبناته سمر وندى وإيلين بمناسبة أعياد ميلادهن “مرقت بالفترة الأخيرة ومش ناسيهن”، وسلاماته لأولاده رؤوف وسينا وشذا، وللعائلة وخاصّة زوجته أمل/ تاج الراس، ووالدته سمر وعمّته نوال… وسوسن داوودي.
أخبرني أنّ الصحّة منيحة وبدون أمراض، “أنا تمام الحمد لله، إحنا بخير، بدّي سلامة أهلنا بغزّة، وأملنا بربّنا كبير، قرّبت”.
لكما عزيزيّ عز الدين ومحمد أحلى التحيّات، على أمل أن نلتقي قريبًا في فضاء الحرية.
حيفا شباط 2024