لقد ضربْتُهُ !!!

قصّة للأطفال بقلم : زهير دعيم

تاريخ النشر: 16/03/24 | 12:45

عاد حنين ابن الصّف الرّابع في ظهيرة أحد الأيام الى البيت حزينًا مهمومًا ، فألقى حقيبته عن ظهره والدموعُ تترقرقُ في عينيْهِ .
فرأته أمّه فتضايقت ، وأخذتْ تُعانقُه بحرارةٍ وهي تسأل:
ما لَكَ يا صغيري
أشغلْتَ نفسي وَضَميري
كيف لا ؟!
وأنت عِطري وعَبيري
وماء نهري وغَديري

فهزَّ حنين برأسه قائلًا :
لا شيء يا أُمّي… لا شيء .
فابتسمت الأمّ قائلةً : لا أُصدّقك هذه المرّة. أعذرني .
أتُراكَ فشلت في امتحان اللغة العربيّة على غير عادتكَ ؟!
بالعكس تمامًا يا أُمّاه ، فقد حُزْتُ على علامةٍ كاملة.
اذًا ما وراءك يا غالي قالت الأمّ.
فتنهّد قائلًا : إنّه سامح ابن صفّي الجالس بجانبي، فإنّه يعتدي عليّ للمرّة الثالثة لأنّي أخبّيء ورقتي في وقت الامتحان عنه… يعتدي ويُسرع الى المُعلّمة ويشكوني وكأنّني انا المعتدي .
فتلومني المعلمة وتُحذّرني وتقول لماذا يا حنين ؟ أنّي أعرفك ولدًا مجتهدّا ومؤدّبًا ، إنْ ظلّ الامر كذلك سأتصلُ بأهلكَ وأخبرهم.
فتنهدت الأُمّ قائلة بغصّةٍ : ظُلمٌ وأكثر.. صدق المثل القائل :
ضَربَني وبكى
وسبقني واشتكى
وللمعلّمة راحَ وحكى..
وعادت الأمّ تُعانق صغيرها بحرارة قائلة :
تناولْ غداءَكَ يا صغيري ، وعندما يعودُ أبوكَ من العملِ نبحثُ في الموضوع .
وفي المساء وبعد ان عاد الأب من العمل وتناول طعام العَشاء مع زوجته وابنه، قصّتِ الأمُّ على زوجِها قصّة ابنهما المظلوم .
غضبَ الأب غضبًا شديدًا على غير عادته ، وتوجّه الى ابنه قائلًا :
صحيح أنّك رائع في الدّراسة والتحصيل ولكن عليك أن تكون قويًّا وشجاعًا ، عليكَ أن تكونَ رجلًا … غدًا يا صغيري .. وأقول غدًا ، عليك أن تضربه وتؤذيه وتسرع الى المُعلّمة وتشكوه ..
أسمعْتَ .. تضربه وتشكوه ، فالسّنُّ بالسّنّ والعين بالعين .

نام حنين ولم ينم ؛ نام مهمومًا ولم يُصدّق ما يسمعه من أبيه ، فقد علّمه أن ينبذَ العنفَ ويعشقَ المحبّةَ ، وأن يحبَّ كلَّ النّاس ، فماذا جرى ؟!

وفي الصّباح استفاق حنين نشيطًا فتناول طعام الفطور، وحمل حقيبته ، بعد أن أخذَ من حصّالته بعضًا من النقود وودّعّ امّه ببسمة .

وفي الظهيرة عاد حنين من المدرسة ليجد أباه وأمّه في
انتظاره !!! .
فابتسم ابتسامةً عريضةً وقال : اطمئنا.. اطمئنا فلقد ضربته ، نعم ضربته ، ضربته بكيس من الحَلوى ، فعانقني بحرارة معتذرًا ، ووعدني اليوم بأنّه سيأتي مساءً مع أهله لزيارتنا ..
بُغت الوالدان وتبادلا نظرات الإعجاب ، ثم ما لبث أن قام الأب الى ابنه يعانقه بحرارة قائلًا :
أنّك رجلٌ .. رجلٌ وأكثر .. بوركتَ يا صغيري
وراحت الأمّ تُصفّق بحرارة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة