فلسفة أكسل هونيث!
بقلم : د . ادم عربي
تاريخ النشر: 01/04/24 | 21:02أكسل هونيث هو فيلسوف اجتماعي ألماني وأستاذ جامعي، وُلد في 18 يوليو 1949 في إسن، ألمانيا. يُعتبر هونيث من ممثلي الجيل الثالث لمدرسة فرانكفورت للنظرية النقدية، وهو معروف بتطويره لنظرية الاعتراف، التي تُعد من المفاهيم المركزية في الفلسفة الاجتماعية المعاصرة.
تُركز أعمال هونيث على مفهوم الاعتراف كأساس للعلاقات الاجتماعية وتشكيل الهوية الذاتية. يُعتبر الاعتراف بالآخرين حسب أُطروحته ضروريًا لتحقيق الذات والتعايش الاجتماعي، ويُنظر إليه كمحرك للتغيير الاجتماعي والنضال ضد الهيمنة والقهر ، دون أنْ يُوضح لنا كيف! ، كيف لنا الاعتراف بالآخر؟ ، حتى نستبدل الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ بالتعايش الاجتماعي والذي بنظره محرك للتغير الاجتماعي؟ وكيف تُحقق الذات بعيدا عن الطبقة؟ أنا أرى في هذا الطرح تدجين طبقي على حساب الفقراء والطبقة المسحوقة يمكن أن يحدث تغيير إجتماعي وهو تكريس إستغلال الطبقة العاملة وتدجينها وتغييب وعيها .
فلسفة أكسل هونيث تركز بشكل أساسي على مفهوم الاعتراف، وهو يعني التقبّل والإقرار بقيمة الآخرين وتقديرها، وقد طور نظرية الاعتراف في أطروحته “الصراع من أجل الاعتراف”، حيث يُعد الاعتراف بالآخرين أساسيًا لتحقيق الذات والتعايش الاجتماعي، هل المشكلة في الاعتراف بالاخر أم في تساوي القاعدة الاقتصادية للجميع؟ ، ومع هذا هناك كلمة واحدة تنقد نظرية أو أطروحة هونيث وهي هل الفرد ينتمي إلى طبقة أم إلى مجتمع بشري أولا؟ وهل الدولة تُمثل المجتمع كله أم طبقة معينة؟ هنا يكون الاعتراف بالاخر هو اعتراف تعايش على قاعدة الاستغلال .
يُعرّف هونيث الاعتراف بأنه “الاحترام المتبادل للمكانة المتساوية والفريدة للآخرين”، ويُعتبر الصراع من أجل الاعتراف عنصرًا أساسيًا في الحراك الاجتماعي والسياسي ، كيف؟ لا يتم ذلك سوى بالشيوعية وليس بالتدجين الطبقي ، هكذا هم فلاسفة البرجوازية الوضيعة . يُشدد على أن الواقعة الأساسية للمجتمع هي الصراع والمنافسة بين الذوات الاجتماعية خالقاً ضدين من عدم، فأين طرفيّ الصراع وأين التناقض بينهما ؟ هل الذات الغنية والذات الفقرة ؟ انهما نتيجة وليستا سبب !، فكيف نتعامل مع النتائج ونترك السبب؟، حسناً إذْ يُعتبر الاعتراف بالآخر ضروريًا لتحقيق الهوية الذاتية والنضال ضد الهيمنة والقهر ,لكن، شتان ما بين اعتراف أحدهما بالأخر واندماج أحدهما بالآخر ،فالأولى تبدو من الخارج للداخل والثانية من الظاهرة نفسها وشتان بين المفهومين ، وهذا ليس صحيحيا فالهوية الذاتية تتشكل من طرق عيش البشر ، ولم أر لحد كتابة هذه السطور بشراً اختلفت طرق عيشهم عن اسلوب حياتهم وتشكل هوياتهم .
لا شك أنَّ أكسل هونيث يُعد من ممثلي مدرسة فرانكفورت للنظرية النقدية. ولا شك أنَّه يُركز في أبحاثه على نظرية الاعتراف ويهتم بإشكالية “التشييء” في المجتمعات المعاصرة، حيث يحاول إعادة صياغة هذا المصطلح في ضوء نظرية الاعتراف ، إذن هو يواجه صعوبة في حل هذا الإشكال ، ليبقى السؤال ، كيف تُخفي العلاقات الرأسمالية الطبيعة الحقيقية للعلاقات الإنسانية والعمل؟حيث يُنظر إلى العمال ومنتجاتهم كأشياء يمكن شراؤها وبيعها، بدلاً من التركيز على العمل الإنساني والتفاعلات الاجتماعية!هل لديك طريق لا تُؤدي إلى تحويل الأفراد إلى مجرد أشياء أو سلع؟ .
النقد الموجه لفلسفة أكسل هونيث يتمحور حول مفهوم الاعتراف وتطبيقاته. إنَّ هونيث قد يُغفل الأبعاد الاقتصادية والبنيوية في تحليله للصراعات الاجتماعية، مُركزًا بشكل كبير على العلاقات الشخصية والاعتراف الاجتماعي ، إنَّ هذا التركيز قد يُقلل من أهمية العوامل الاقتصادية والسياسية التي تُشكل الصراعات والتفاعلات الاجتماعية.
كما أنَّ نظرية هونيث قد لا تُعطي وزنًا كافيًا للصراعات الجماعية والهويات الجماعية، وتُركز بدلاً من ذلك على الاعتراف الفردي والتحقق الذاتي وهو يبدو ميتافيزيقيا حالماً لا أكثر . هذا يُمكن أن يُعتبر تبسيطًا للديناميكيات الاجتماعية المعقدة التي تشمل الطبقة، العرق، والجنس، والتي تتطلب تحليلاً أكثر شمولية والتي جميعها تسقط أمام البنية الاقتصادية ، فهي من تحدد الطبقة والعرق والجنس ولو كره القائلون بأنَّ العقل هو الحالكم الأتوقراطي للعالم.
بالإضافة إلى ذلك ، أين دور السلطة؟، هونيث قد يُفَرِّط في التأكيد على “الاعتراف” كمحرك للتغيير الاجتماعي، دون النظر بشكل كافٍ في كيفية تأثير السلطة والهيمنة على العلاقات الاجتماعية وبالتالي هذه النقاط تُمثل انتقادات لفلسفة هونيث والتي تبدو في واقعها تعبيرا ميتافيزيقيا لا أساس موضوعي لها ، والتي تُسلط الضوء على التحديات التي تواجه نظريته في “الاعتراف”. ولو كان هونيث فيلسوفاً مادياً لقال بالتنقاض وفي التناقض يحدث التغيير الاجتماعي .