بدأ الإنسحاب نحو حربٍ أخرى
بقلم: الإعلامي محمد السيد
تاريخ النشر: 09/04/24 | 16:58لواء “ناحال” هو الوحيد الموجود في غزة ويقتصر عمله على منع العودة إلى شمال القطاع، بينما كافة الألوية انسحبت من مستنقع غزة دون ان تتمكن من الوصول إلى الأسرى . كل الدمار الهائل في غزة من شمالها إلى جنوبها هو بفعل الضربات الجوية المكثفة المستمرة منذ نصف عام ، وما الإجتياح البري إلا دخول لمناطق تم تسوية اغلب بيوتها وبناياتها بالأرض ونزوح ساكنيها لتمشيطها بحذرٍ شديد والأيادي على الزناد والموت يتربص في كل زاوية. بالأمس انسحبت من خان يونس الفرقة ٩٨ بعد أن أنهت مهامها ، اذاً لا وجود على الأرض لجيوش جرارة تحتل غزة وتسيطر عليها ، انما هي اجتياحات موضعية لعملياتٍ تجري بغطاءٍ جوي وفق معلوماتٍ استخبارية لوجود أسرى اسرائيليين او قيادات للمقاومة ، لكن معظم المعلومات تحديداً فيما يتعلق بالأسرى لم تكن صحيحة . انسحاب آخر لواء من القطاع وبقاء ذلك الذي وظيفته منع العودة إلى الشمال وتأمين ممر “نتساريم” الذي يقسم قطاع غزة إلى شطرين لا يعني بالضرورة ان الحرب على وشك ان تضع أوزارها بل بالعكس قد تكون مقدمة للتأهب لاجتياحٍ واسع لرفح خلال أيام وإلا فان إسرائيل قد هُزمت رسمياً ولجأت إلى مفاوضاتٍ لم تتوقف أصلاً بموازاة ضرباتها في غزة، مفاوضات ستسفر عن تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن اولئك الإسرائيليين في القطاع، ووقف الغارات الجوية والإنسحاب الكامل. الإنسحاب الإسرائيلي من غزة الذي يترافق مع حديثٍ عن تقدم في المفاوضات وضغط دولي على إسرائيل ليس لوقف الحرب انما تجنب إيذاء المدنيين والسماح بدخول الغذاء، يبدو إقرار بعدم القدرة على إنهاء المقاومة وبهذا لم يحقق نتنياهو من حربه سوى الخراب والدمار الذي حل بغزة وكان ذلك الثمن لبقائه نصف عامٍ وربما أكثر إذا ما أخذنا فترة المفاوضات وتطبيق الاتفاقات على الأرض ثم التوافق على موعد لانتخابات مبكرة . هذا الإنجاز الذي حققه نتنياهو من حربه على غزة ، الحفاظ على عرشه الذي كاد ان ينهار بعد السابع من اكتوبر الماضي لولا فزعة بنيامين غانتس وانقاذه ليس حباً فيه انما ما يسمى “نداء الواجب” من جهة والتحضير لما بعد الحرب من جهةٍ اخرى، فالرجل أصاب وكسب الرهان لتتوجه استطلاعات الرأي رئيساً للوزراء خلفاً لصاحب أطول حكم إنفض من حوله الكثير من المؤيدين إلا القطيع المُخلص الذي يُقَدِس الشخص انهم اليهود العرب فهؤلاء دائماً مع الحاكم وبفضلهم تعززت قوة اليمين المتطرف في إسرائيل. نستنتج ان الحرب الإسرائيلية على غزة وحروب إسرائيل كلها ترتكز على الجو ثم البحر وما البرية إلا لتنفيذ عملياتٍ محددة. اليوم وقبل الإعلان رسمياً عن وقف الحرب تنسحب إسرائيل من قطاع غزة معترفةً بأنها لم تحقق أهدافها ، وتتواصل حربها الجوية وغداً ستبدأ الحرب التي نعرف نتيجتها مسبقاً حربٌ ستُنهي عصر ملك إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي سيكافئ بالعزل والمثول امام لجنة تحقيقٍ نتيجتها إسدال الستار على حقبته ومن معه من أمنيين ناهيك عن استئناف محاكمته المتوقفة.