كلمة وفاء لطالبي الفنّان محمّد سعيد كلش من كفرقرع
د. محمود ابو فنة
تاريخ النشر: 12/04/24 | 12:16كلمة وفاء لطالبي الفنّان محمّد سعيد كلش (المتوفّى في 10.4.2024)
أيّها الأخوة الأفاضل الكرام
السلام عليكم جميعًا
قال تعالى في كتابه المبين:
“كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ” (الرحمن 26- 27)
وقال: “وَلِكُلِّ أُمًّةٍ أجَلٌ فَإِذا جَاءَ أجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمونْ” (الأعراف:24)
وأكّد الشاعرُ كعبُ بنُ زهير فكرةَ حتميّة الموت بقوله:
كلُّ ابنِ أنثى وإن طالت سلامتُه – يومًا على آلةٍ حدباءَ محمولُ
نحن نعلم أنّ الموتَ حقٌّ لا مفرّ منه، وهذه سنّة الله في خلقه، ومع ذلك كم نحزن على فراق الأحباب الغالين.
والراحل الغالي محمّد سعيد كلش أبو ضرار طالبي الّذي علّمتُه في مدرسة كفر قرع الثانويّة ترك لنا أجمل الذكريّات بفنّه وعطائه، فقد أقام العديد من المعارض في داخل البلاد وخارجها عارضًا لوحاته الفنيّة الجميلة المستوحاة من الفنّ الإسلاميّ والمزيّنة بآيات قرآنيّة وأقوال مأثورة. وقد شرّفني بإهدائي إحدى لوحاته.
واسمحوا لي أن أقتبس من كلمتي التي كتبتُها في تاريخ 28.2.2015 عندما قمتُ مع وفد من بيت المعلّم في كفر قرع بزيارة صالة الإبداع في بيت أبو ضرار العامر:
((الموهبة تتخطّى العراقيل!
كم يفرح الفلّاحُ وهو يرى أنَّ البذورَ التي بذرها في حقله كيف نمت وترعرعت واستوت لتُعطيَ الغلالَ المباركة الخيّرة!
وكم يفرح الغارسُ وهو يرى أن الأشتالَ الغضّة التي غرسها كيف رسخت جذورُها وتغلغلت لتمنح الحياة للغراس لتشمخَ ويشتدّ عودُها وتُعطيَ أكلَها الطيّب الشهيّ!
ولكن هناك فرحة لا تُضاهى، إنّها فرحةُ الوالدين والمعلّمين الذين يكدّون ويعلّمون
ويربّون البراعم البريئة الواعدة لتكبر وتتفتّح فتُعطي فكرًا وعلمًا وإبداعًا وخُلقًا!
واليوم كم أنا سعيد ونحنُ نستنشق عبير الفنّ والإبداع في هذه الصالة الرّحبة، ونكحّل العيون بلوحات الفنّان تلميذ الأمس وفنّان الحاضر محمّد سعيد كلش!
تفجّرت موهبة الفنّان محمد سعيد كلش عن إبداع حقيقيّ مميّز، لكنّ الطريق لم تكن سهلة محفوفة بالورود، كانت هناك عراقيل وصعوبات، وكانت طفولة صعبة وظروف قاسية، ولم يكن هناك دعمٌ كافٍ، ولكن بفضل الإرادة الصّادقة، وبفضل المثابرة والصّبر، وبفضل الثّقة بالنّفس والإيمان، وبفضل الجهد والعرق، انطلقت الموهبة من عقالها، وحقّقت النّجاح والتّألّق الّذي عرفه الدّاني والقاصي، فكانت الشّهرة الواسعة والتّقدير الصّادق!
نبارك لتلميذي ابن بلدنا المكافح المثابر هذا النّجاح، واسمحوا لي أن أغيّر في تلك المقولة المشهورة الّتي عرفناها:
“من علّمني حرفًا كنتُ له عبدًا” – لتصبح عندي:
من علّمني أو علّمتُه حرفًا كنتُ له صديقًا!”
فمحمّد سعيد كلش، وجميع طلابي النجباء، هم أصدقاء لي!)).
(انتهى الاقتباس)
ختامًا، تغمّد الباري بواسع رحمته العزيز محمّد سعيد كلش أبو ضرار، وأسكنه فسيح جنّاته، وألهم ذويه ومحبّيه جميل الصّبر والسّلوان.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون
لروح نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ولجميع أمواتنا وللفقيد أبو ضرار منّا ثواب قراءة سورة الفاتحة!
د. محمود أبو فنّه – كفر قرع، 11.4.2024