تشارلي تشابلن المُتشرد المُدافع عن العمال
كتبت: سامية عرموش
تاريخ النشر: 01/05/24 | 14:12ترشيح للمشاهدة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق العُمال!
انتقد الرأسمالية وتنبأ بسيطرة التكنولوجيا على حياتنا، وطرح موضوعات اجتماعية وسياسية من خلال أعماله المختلفة، لوحق على أثرها واتُّهم بالاشتراكية كذلك!
إنه “المُتشرد” الجريء تشارلي تشابلن، عبقري السينما الصامتة وأشهر نجومها في العالم قبل نهاية الحرب العالمية الأولى.
فرغم قسوة الأيام عليه وقضاء طفولته بين فقر وقهر، تارة في الإصلاحية، وتارة أخرى في البحث عن الطعام والنوم في العراء احيانًا، فإن اللافت في تجربته شخصية ملهمتِه، اذ ذكر في مذكراته أن والدته كانت مُلهمته، إذ أطلعته على أسس المسرح والموسيقى، واكثر من ذلك فقد اعتلى المسرح في سن الخامسة لينقذها من قذف الجمهور.
فوفقاً للمصادر، رافق تشارل تشابلن والدته في عام 1894، إلى مسرح “كانتين” في مدينة ألدرشوت، حيث كانت والدته تظهر على خشبة المسرح باسمها الفني “ليلي هارلي”، وكان هو يقف خلف الكواليس يراقبها وهي تغني، وأصيبت فجأة بحبالها الصوتية وتلعثمت ثم بدأ الجمهور يُطلق صيحات الاستهجان، وبدؤوا بقذفها. هرع تشابلن إلى خشبة المسرح وأنهى الأغنية بدل والدته، وقد أبهر الجمهور وقذفوا إليه القطع النقدية وكان هذا حدثاً فريداً”. (ويكيبيديا)
ومنذ أن خرج من وراء الكواليس واتخذ دور المُدافع، دافع تشابلن الذي تقمص شخصية “المُتشرد” ظاهريًّا ، عن قضايا عدة، عن الفقراء والعمال الذين تسحقهم الآلة ويسحقهم رب العمل، وعن الإنسان الذي أضاع إنسانيته في زمن الحداثة وما سبقته من ثورة صناعية، دمرت وجوده، وحولته إلى كائن كثير التفكير بمشاكله، وقليل الإحساس بمشاعره، على حد تعبيره.
وقد طرح تشابلن هذا الفكر بقوة في فيلمه “الأزمنة الحديثة” (1936)، فانتقد في قالب كوميدي بشاعة الرأسمالية واستحواذ الآلات على مشاعر وسلوكيات الإنسان. أضف إلى ذلك تعميق شعور الاغتراب لديه. فوفقاً للفيلم كان من غير المسموح للعامل قضاء أبسط الأمور، ولا حتى تبادل أطراف الحديث، فحتى تناول طعامه في الاستراحة كان يجري بشكل سريع، إلى أن اقترح صاحب المعمل شراء آلة تعمل على إطعام العمال لاستغلال المزيد من طاقتهم ووقتهم، الأمر الذي أسهم بترسيخ مفهوم العبودية الحديثة وتجريد الإنسان من إنسانيته.
وللمرة الأولى، بعد مشاركته في أفلام صامتة عدة، سمع جمهوره صوته من خلال المشهد الوحيد الناطق في الفيلم، بأغنية هي خليط من الكلمات غير المفهومة، في إشارة إلى الفوضى واللامعنى، وما يعيشه الإنسان في العالم الحديث.
وتعرض تشابلن لمضايقات من قبل رئيس المباحث الفيدرالية إدغار هووفر، ومنها اتهامه بالشيوعية، بسبب الأفكار التي روّج لها في أفلامه السينمائية، منها ما كان في فيلم “الأزمنة الحديثة”، وقد طُرد من أمريكا في عام 1952. وقال حينها: لن أعود إلى أمريكا ولو ظهر فيها اليسوع.
وغادر حينها إلى سويسرا حيث قضى 20 عامًا هناك، وفي عام 1972 أقامت جمعية الأفلام حفلها السنوي للمرة الأولى لتكريمه، وبكى في أثناء مشاهدته مشاهد من أشهر أفلامه في الحفل.
ومع ختام هذه المدونة المُقتضبة، أستحضر إحدى أشهر مقولاته التي تلخص فلسفة مدرسته عن الضحك والنقد والكوميديا.. “لكي تضحك فعلًا، عليك أن تمسك ألمك وتلهو به”.
الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع “ثقافة السينما” من جامعة حيفا.