متنفَّس عبرَ القضبان (120)
حسن عبادي| حيفا
تاريخ النشر: 01/05/24 | 14:14بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الصديق سعيد أبو لبن من الشتات: “للرئة التي يتنفس بها الأسرى والأسيرات وراء القضبان ومن يتواصل مع أهاليهم وأحبتهم… للأستاذ المحامي حسن عبادي ستشرق شمس الحرية وستدق جدران الخزان، لك الاحترام والتقدير”.
وعقّب الصديق الدكتور والشاعر المقدسيّ عز الدين أبو ميزر (وزميلي في ندوة اليوم السابع المقدسيّة): “بارك الله فيك وعليك وكل الاحترام. الدكتور عزيز ابن ابن خالي اللزم وأبوه الشيخ سالم خريج الأزهر ولم يضع العمامة إلا ساعة التخرج ولم يلبسها أبدا وأبوه الشيخ سالم ابن خالي؛ أخي أمي وأبوه الحاج مرتضى خالي اللزم. رحمهم الله جميعا وفك أسرك يا د. عزيز والشكر لك أستاذ حسن.”
وعقّب الأسير المحرر محمد خلف: “يديمك لعمل الخير. من تجربة، أية زيارة لأسير تشكل له متنفساً للحرية وكضوء في عتمة السجن الحالكة. الحرية لرموزها “.
وعقبّت الصديقة فلسطين أبو زهو: “أنا الآن على حيطان الأربعين عاماً، وقد كنت إحدى تلميذاتك، علمتني في 2003 و2004 في جامعة النجاح الوطنية، لم يملك أحد مثلك علما وأدبا وكمال الخُلق، أذكر أن الأرض ارتجت بزلزال وعلى إثره قاموا بإخلاء الجامعة، لكن لحظة حدوثه، كنت في محاضرتك، فكان أن سألتنا: من صلى فيكم الفجر؟ رفع الجميع يده إلا أنا. فقلت لي: قد يكون الكل صادق، لكنك أصدقهم على الإطلاق.الحرية لك ولجميع الأسرى، ولغزة ولجميع فلسطين”.
وعقّب فراس حج محمد: “أساتذتي كثيرون في الجامعة، ولم أنسَ واحدا منهم، ولو رافقته مساقا واحداً، والدكتور عزيز لم أنسه لعدة أمور؛ فقد خلط الجغرافيا بالثقافة وبالسياسة، وأمدنا ببحث كان أعده حول الجغرافيا وأحوال الطقس في الأمثال الشعبية الفلسطينية. فتح لي البحث آفاقاً كثيرة على الأدب الشعبي والأمثال والحكايات، ودفعني ذلك بمساعدة جدتي-رحمها الله-أن أجمع منها أكثر من (700) مثل شعبي، عدا أن مرأى الدكتور وحديثه وهدوءه وأناقته مع اللحية، سمات أحببتها فيه. عجل الله بالفرج لأستاذنا، ولأسرى الحرية كافة”.
وعقّبت د. نداء عزيز الدويك: “الله يجزيك الخير يا رب… شكرا جزيلا… جزاك الله خيرا بل ألف خير… بوركت… عاجزة عن الشكر. مقالتك عن والدي روعة… يسلموا….”.
وعقّب الصديق علي جابر (أخو الأسير هيثم جابر): “دكتورتنا الغالي عزيز دويك كان من أروع دكاترة الجامعة حسن الأخلاق والتواضع والتعامل الطيب كان بمثابة الاب لطلابه”.
وعقّبت الصديقة جيهان أبو رومي: “يا رب الفرج القريب لجميع الأسرى. ما عاد القلب يتحمل معانتهم في سجون الاحتلال. ربنا يكون معهن ويحميهن ويعوض صبرهن خير ان شاء الله. بارك الله فيك أستاذ حسن عبادي ع جهودك بكفي دعاء أهالي الأسرى الك بميزان حسناتك ان شاء الله”.
عُدت لزيارة سجن النقب الصحراوي، رغم عناء السفر ومشقّته، (وكان هذا اللقاء 301) للاطلاع على وضع أسرانا ومستجدّات ما يجري هناك لما سمعته من الويلات ولأكمل جولتي في كلّ السجون باستثناء عوفر البغيض.
من الجدير بالذكر أنّه بعد ما نشرت حول اللقاء قامت سلطات السجون بمنعي من اللقاء بأسرى “أمنيّين” وهناك إجراءات قانونيّة وقضائيّة لإبطال المنع حتى أكمل مشروعي ومسيرتي والعهد الذي أخذته على نفسي… حتى يتحرّر آخر أسير من سجون الاحتلال وتصفيرها بالكامل.
” ِوجهك شمّمنا أجواء الحريّة”
غادرت حيفا الساعة الخامسة صباح الأحد 17 آذار 2024 (حرصاً على الوقت وأزمة السير المعتادة صباح كلّ أحد) ووجهتي سجن النقب الصحراويّ وبعد انتظار استمر ثلاث ساعات ونصف التقيت بهيثم جابر، ثم إياد أبو خيط، وبعدها أطلّ الأسير عزيز سالم مرتضي الدويك (مواليد 01.01.1948، الخليل عمره أكبر من عمر الكيان)، وبعد التحيات والتعارف أخبرته بداية عن لقائي بحفيدته عرين في سجن الدامون، وحين ودّعتها قالت: “بالله عليك، طمنوني على سيدي عزيز” وتبيّن لي أنّ جدّها عزيز الدويك أسير، وحين نشرت حول اللقاء تواصل معي صديقي فراس حج محمد وزوّدني بالاسم الرباعي ورقم الهوية وأضاف: “رجاء تزوره، سجن النقب” (تتلمذ فراس على يده في جامعة النجاح/ مساق جغرافية فلسطين) وتذكّره بالخير.
أوصلته بداية رسائل العائلة؛ وأبكيته عدّة مرّات، حين قراءة رسالة ابنه سعد الدين وحين سمع الأخبار العائلية المفرحة (تحديد موعد أعراس الأحفاد، وعقّبت حينها بعفويّة “أجّلوها ع شان تحضر أنت وعرين”) وحين أخبرته بوفيّات أعزاء. ما أصدق دموع الرجال! وتنهّد طويلاً وعبّر عن فرحته وقال لي بعفويّة مطلقة “وِجهك شمّمنا أجواء الحريّة”.
حدّثني عن القسم وزملاء الزنزانة؛ أمجد زاهدي، وعمر إسلامية، وعبد الهادي أبو خلف، عدنان عصفور، وفادي أبو عطيّة، وكريم عيّاد.
حتلنني عن حال الأسرى ووضعهم؛ رغم رمضان فهناك شحّ في الأكل، فش تمر/ تطلي، فش شي يحلّي الريق، الرز مرزّز، كبت (سحور/ تراويح/ آذان ع السكت، على مستوى الغرفة)، فش غيار (نفس اللباس 5 أشهر، لما بدّي أغسل بنطلون بستعير من الشباب بنطلون)، فش أسير نزل وزنه أقل من 20 كيلو، والعزل عن العالم وأخباره قاتل.
طلب إيصال سلاماته برسائل للعائلة، وتوصية ابنته نداء بصلة الرحم في رمضان كما عوّدها، وعزاء لزوجته بوفاة أخيها (أبو عثمان)، وسلامات للأبناء والأحفاد، ومباركة للعرسان المقبلين على الزواج على أمل أن يشاركهم فرحتهم، وسلامه الخاص للحفيدة الأسيرة عرين.
لك عزيزي عزيز أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك الأحرار على أمل لقاء قريب في فضاء الحريّة في بلد حر.
حيفا آذار 2024