هوشة والكساير … مسيرة العودة
تغريد ابو رحمة جهشان - محامية شفاعمرو/ يافا
تاريخ النشر: 14/05/24 | 23:01مسيرة العودة التي تقررت ان تكون هذه السنة الى القرى المهجرة هوشة والكساير اثارت لدي الكثير من الذكريات . فانا شفاعمرية الاصل ولم انسى ولن انسى بلدي بالرغم من اقامتي وارتباطي العميق بمدينتي الثانية يافا منذ اكثر من اربعين عام .في سنة 2020 بدأت بكتابة عدد من المقالات ابتداءا من سقوط المدينة وما حصل للمدينة بعد الاحتلال . كتبت اربعة مقالات “وكان لابد ان تسقط شفاعمرو… “, “ما بعد سقوط شفاعمرو” , “ما بعد بعد سقوط شفاعمرو / 1″ و”ما بعد بعد سقوط شفاعمرو /2 ” وقمت بنشرهن بالأساس في صحيفة السلام الشفاعمرية وبعدها بمواقع مختلفة .
اعنوان المقال الاول كما جاء ” وكان لا بد ان تسقط شفاعمرو ” تم اختياره لربطه بمعركة هوشة والكساير التي فتحت الطريق لاحتلال المدينة . فنتيجة الهزيمة , التي مني بها الثوار الفلسطينيون وكتيبة ” فوج جبل العرب ” بقيادة شكيب وهاب التي اقامت في شفاعمرو تسببت بسقوط البلدة . ولربما بداية التعاون اليهودي الدرزي مع اختلاف المؤرخين بالنسبة لذلك
من ما جاء بالمقال ويتعلق بهوشة والكساير ” بداية سقوط شفاعمرو مرتبطة بشكل عضوي بمعركة هوشة والكساير البطولية كما ترددت على سماعي منذ الصغر والتي سبقتها المعركة على رمات يوحنان التي بادر اليها شكيب وهاب وانتهى اول هجوم على القوات الصهيونية في هذه المنطقة بالنصر المدوي لجيش ” فوج جبل العرب ” وذلك يومي 14-12 نيسان 1948 بقيادة شكيب الوهاب الذي وصل الى البلدة في نهاية شهر آذار وأقام بها مع فرقة عسكرية يصل عددها 500 محارب من الدروز من سوريا ولبنان الذين تطوعوا في اطار جيش الانقاذ , معركة تستحق الكثير من الدراسة لغرابتها في محاولة لفهمها ان كان ذلك بالامكان .معركة انتصار هللت لها البلدة لتذرف بعدها بيومين الدموع الغزيرة على انكسار مؤلم وضحايا وجرحى وانهزام معنوي واستراتيجي بمعركة حامية الوطيس بهوشة والكساير ما بين 15-16 نيسان ونزوح اهالي البلدتين الى شفاعمرو . هذا الانكسار فتح الطريق لاحتلال مدينة شفاعمرو يوم 1948/7/14 دون مقاومة تقريبا بحملة يهودية دعيت “ديكل” لتكمل بعدها احتلال بلدان فلسطينية استراتيجية اخرى مهمة ومنها صفوري والناصرة. للمعركة اهمية اخرى اذ تعتبر بنظر بعض المؤرخين بداية التحالف اليهودي الدرزي .
ولكن نقطة واحدة لا بد من اثارتها بهذا الشأن ,دور القائد شكيب وهاب في هذه الهزيمة. وهل الخطأ الذي ارتكبه عند ترك جيشه هوشة والكساير ليحتلها اليهود هو خطأ استراتيجي ام خيانه مدبره خاصة في اعقاب اجتماع بعض من رجاله مع مسؤولين يهود الذين مهدوا لاجتماعه مع قادة المنظمات العسكرية اليهودية .
ورد في كتاب البروفيسور المرحوم قيس ماضي فرو “دروز في زمن “الغفلة” من المحراث الفلسطيني الى البندقية الاسرائيلية ” صفحة 190 ان ستة من قادة فوج جبل العرب انضموا لاحقا للقوات اليهودية . المرحوم قيس فرو يعاود قراءة تاريخ الطائفة الدرزية بشكل مصحح Political Correctness للكثير من روايات الارشيف اليهودي مستحقا بجدارة اعتباره من المؤرخين الدروز الجدد.
السيد الياس جبور,مؤرخ معتبر للمدينة وله العديد من المؤلفات, ابن المرحوم جبور جبور رئيس البلدية ابان حرب 1948, يروي في الموقع الرسمي لحزب التوحيد العربي من يوم 2013/4/22 تحت عنوان “نصب تذكاري في شفاعمرو لشهداء معركة هوشه والكساير ضد الهاغانا الصهيونية ” ان اديب الشيشكلي وقد كان على رأس لواء اليرموك الثاني بجيش الإنقاذ في معارك فلسطين سنة 1948 الذي يتبع له فوج جبل العرب وشكيب وهاب, حضر خصيصا لشفاعمرو استجابة لنداء الاستنفار لتعزيز فوج جبل العرب الا انه وصل متأخرا وكانت المعركة قد حُسمت . وفي بيت رئيس البلدية المرحوم جبور جبور التقى الشيشكلي وشكيب وهاب كما جاء على لسان السيد الياس جبور وقد جرى نقاش حاد بسبب طلب الشيشكلي توضيحا للهزيمة “… اعتبره شكيب بك وضباطه سؤالا استفزازيا وثارت ثائرتهم …. وانقض كمال بك ابن شكيب وهاب على الشيشكلي مدافعا عن شرف ابيه وشاهرا مسدسه في يده لولا ان جبور تلقاه في صدره ووقف حائلا بينهم …” اديب الشيشكلي اصبح رئيسا لسوريا سنة 1953 لفترة قصيرة .
لا يمكن انهاء المقال دون ذكر المحاربين الذين استشهدوا في سبيل الوطن اذ يشهد التاريخ على استبسال فوج جبل العرب بالدفاع عن هوشه والكساير وكذلك الكثير من الفلسطينيين الذين هبوا للمشاركة بالمعركة ومنهم الكثير من شفاعمرو وبلدان اخرى : الرامة يركا وبيت جن وغيرها . وقد استشهد وجرح الكثير في معركة هوشة والكساير ويحق لهم علينا التكريم والاعتبار وأضعف الايمان ان نتذكرهم بمسيرة هوشة والكساير.